“العبرة في التنفيذ”
تكمن أهمية زيارة الحكومة بكامل أعضائها إلى حلب يوم السبت الماضي في أنها زيارة نوعية وإنتاجية بكل المقاييس والمعايير، وهو ما عكسته القرارات المهمة التي اتخذها مجلس الوزراء في جلسته الأسبوعية على جميع المستويات التنموية والخدمية والاقتصادية التي من شأنها أن تسهم في دفع عجلة الإنتاج وتدعيم روائز النهوض، إذا نجحت الوزارات المعنية واللجان الفنية والتقنية المختصة بالتعاون والتنسيق مع مديرياتها ومؤسساتها في المحافظة في ترجمة الخطط والبرامج والمشاريع ميدانياً وواقعاً ملموساً يفضي في المحصلة إلى تحقيق مؤشرات نمو فعلية ونتائج إيجابية مأمولة مستوفية لشروط ومواصفات الجودة المطلوبة والجداول الزمنية الموضوعة التي حدّدتها مخرجات جلسة مجلس الوزراء، عندها يمكننا القول والتأكيد أن مشروع إعادة الإعمار بدأ يسير في الاتجاه الصحيح وضمن مسارات ومسالك نافذة، تطوي صفحة السنوات الثلاث الماضية بكل ما أفرزته من واقع غير مرضٍ على مستوى التنفيذ والإنتاج نتيجة غياب التخطيط المدروس والمبرمج وعدم توظيف الدعم المتاح والإمكانات البشرية والمالية على السواء في الزمان والمكان المناسبين، ما أدى بالنتيجة إلى توقف وتعثر العديد من المشاريع وزيادة الهدر في الوقت والمال معاً.
نوعية زيارة الحكومة وجلستها الأسبوعية وهي الثانية بعد تطهير حلب من الإرهاب تمثلت حقيقة في مكاشفة الواقع وجرأة القرار وجدية العمل وآليات المتابعة والرقابة والمحاسبة، بالإضافة إلى الدعم المالي السخي الذي قدّر بحوالي 145٫7 ملياراً من خارج الموازنة نصفها لإعادة تأهيل وصيانة الشبكة الكهربائية وإنشاء محطات توليد جديدة، ما يؤكد الإرادة الحقيقية للفريق الحكومي الاقتصادي وسعيه الجاد لتذليل كل العقبات التي تحول دون عودة عاصمة الصناعة والاقتصاد إلى موقعها ودورها الحقيقي والريادي كحامل ورافع للاقتصاد الوطني، ولكن تبقى العبرة في التطبيق والتنفيذ وفي تغيير عقلية العمل السائدة والمفترض أن تكون مدعّمة بقرارات وتشريعات جديدة تتواءم مع متطلبات المرحلة الراهنة والمستقبلية، ومع مجمل التحدّيات التي فرضتها ظروف الحرب الإرهابية، والحصار الاقتصادي المفروض على الشعب السوري.
وهنا لا بد من تأكيد أهمية ما تم طرحه خلال اللقاءات التي عقدها رئيس الحكومة مع مختلف الفعاليات، وخاصة الاقتصادية فيما يخص آليات التعاطي غير الواضحة والمنضبطة مع الجمارك، بالإضافة إلى ملف التكليف الضريبي والرسوم المرتفعة وضرورة حسم ملف جدولة القروض ومنح قروض جديدة تمكّن أصحاب المنشآت الصناعية من إعادة تأهيل خطوط إنتاجهم وعودتهم إلى سوق العمل.
مختزل القول: يبقى من المهم التذكير بأن حلب التي أولاها السيد الرئيس بشار الأسد كل المحبة والدعم والرعاية والاهتمام، تحتاج إلى جهد مخلص وإلى عمل يومي دؤوب يعيد لها ألقها ووهجها، بما يوازي صمود أبنائها وبطولات وتضحيات أبطال الجيش العربي السوري الذين قدموا أروع ملاحم البطولة والفداء دفاعاً عن كرامة وعزة الوطن.
وما نتمناه أن تكون جلسة مجلس الوزراء ومخرجاتها، البداية الفعلية لإحداث التحول الحقيقي في هذه المحافظة والانتقال بها إلى مرحلة البناء الاستراتيجي، بما ينعكس إيجاباً واستقراراً على الوطن عموماً وعلى الواقع المعيشي للمواطن خاصة.
معن الغادري