الصحة العالمية: إجراءات الصين أنقذت مئات الآلاف من “كورونا”
تزايدت المخاوف، أمس، من تحوّل تفشي فيروس “كورونا” إلى وباء عالمي، بعد زيادة حادة في عدد المصابين بالمرض، وفي الدول التي انتشر فيها. فخارج البر الصيني الرئيسي، مركز تفشي الفيروس، فقد وصل المرض إلى نحو 28 دولة ومنطقة، وفقاً لإحصاء من رويترز، وبلغ عدد الوفيات في تلك الدول نحو 24، فيما قال الخبير في منظمة الصحة العالمية، مايك رايان: إنه من المبكر إعلان تحوّل فيروس “كورونا” إلى وباء عالمي، مؤكداً استمرار المنظمة في مساعيها لتجنّب وقوع ذلك.
من جهته، شدّد رئيس المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس على ضرورة أن يستعد العالم لاحتمالية تحوّل الفيروس إلى وباء عالمي، مؤكداً أن زيادة عدد حالات الإصابة في إيران وإيطاليا وكوريا الجنوبية في الـ24 ساعة الماضية “تثير قلقاً عميقاً”. وترى المنظمة أنه لإعطاء صفة “وباء عالمي” لمرض ما، فإنه يجب أن تتوفّر في هذا المرض أولاً صفة الانتقال بسهولة بين البشر عبر العالم.
وفي وقت أعلنت فيه إيران وإيطاليا وكوريا الجنوبية عن مزيد من الإصابات، كشفت دول عربية لأول مرة عن حالات إصابة بالفيروس، كما أعلنت أفغانستان عن رصد إصابة مؤكدة بـ”كورونا”.
وفي كوريا الجنوبية، تتسارع وتيرة الإصابات في مدينة دايجو، رابع أكبر مدن البلاد، بشكل أوقف الرحلات الجوية من وإلى المدينة بشكل كامل، وقال كيم كانج ليب نائب وزير الصحة الكوري الجنوبي للصحفيين: “إذا لم نتمكّن من وقف انتشار المرض في منطقة دايجو بطريقة فعّالة، فهناك احتمال كبير أن يؤدي ذلك لعدوى على مستوى البلاد”.
وفي أوروبا، قال وزير الصحة الفرنسي أوليفيه فيران في مؤتمر صحفي: “ليس هناك وباء في فرنسا. لكن هناك موقفاً متأزماً على بابنا في إيطاليا والذي نراقبه بالكثير من اليقظة”.
وفي الصين، قال الرئيس شين جين بينغ: “في الوقت الراهن، لا تزال الحالة الوبائية شديدة ومعقدة، وأعمال الوقاية والسيطرة في أصعب مراحلها”.
وأصابت عدوى الفيروس في الصين أكثر من 77 ألفاً، وأدت لوفاة أكثر من 2500 شخص، وأغلب تلك الحالات في مدينة ووهان عاصمة إقليم هوبي، فيما أعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية أنها تلقّت تقارير عن 409 حالات إصابة مؤكّدة جديدة بفيروس كورونا الجديد، و150 حالة وفاة جديدة، وأضافت: إن من بين حالات الوفاة التي سجلت هناك 149 حالة في مقاطعة هوبي، وحالة واحدة في مقاطعة هاينان.
ولفتت اللجنة إلى تسجيل انخفاض بحالات الإصابة المؤكدة خارج مقاطعة هوبي، مقارنة مع 18 حالة تم تسجيلها السبت الماضي، مشيرة أيضاً إلى شفاء 1846 شخصاً ومغادرتهم المستشفيات.
من جانبها أكدت منظمة الصحة العالمية أن الإجراءات التي اتخذتها الصين لمكافحة “كورونا” أنقذت مئات آلاف الأشخاص من الإصابة بالمرض، وقال بروس إيلوارد، رئيس وفد منظمة الصحة العالمية الزائر للصين، في إفادة صحفية مشتركة مع مسؤولين من لجنة الصحة الوطنية الصينية: “إن الإجراءات بالغة الصعوبة التي اتخذتها الصين لمكافحة كورونا الذي ظهر أواخر العام الماضي حالت على الأرجح دون إصابة مئات الآلاف بالمرض في البلاد”، وأشار إلى أن مصادر متعددة للبيانات دعمت الاتجاه العام الذي يدل على تراجع في عدد حالات العدوى التي ترصدها لجنة الصحة الصينية رغم بعض المشكلات الإحصائية في الأسابيع القليلة الماضية.
وزار فريق منظمة الصحة العالمية في الأيام الماضية عدة مناطق في الصين منها ووهان عاصمة هوبي مركز تفشي المرض.
وساعدت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الصين، بما فيها القيود على السفر والحركة، في الحد من انتشار الفيروس خارج إقليم هوبي، بينما تواصل بذل كل الجهود الممكنة للسيطرة عليه وإيجاد علاج فعّال له.
وفي إيطاليا، أعلنت السلطات عن سادس وفاة، ووصول عدد حالات الإصابة بالفيروس إلى 200، بعدما كانت ثلاث إصابات فقط قبل يوم الجمعة، وقال رئيس هيئة الحماية المدنية الإيطالية: إن حالة الوفاة الأخيرة كانت لشخص مريض بالسرطان في بلدة بريسيا في منطقة لومبارديا شمال إيطاليا. وقررت السلطات الإيطالية إغلاق أكثر البلدات تضرراً، ومنعت التجمعات العامة في أغلب مناطق الشمال، في محاولة لاحتواء أكبر انتشار للمرض في القارة الأوروبية.
وقررت النمسا فرض قيود على السفر إلى إيطاليا، في حين قال وزير النقل التونسي، روني طرابلسي: إن بلاده قد تعلّق بعض الرحلات الجوية لإيطاليا لتقليل التعرّض لخطر انتشار الفيروس.
وفي الشرق الأوسط ظهر مزيد من الحالات، إذ أعلنت الكويت أيضاً عن ثلاث حالات إصابة لأشخاص، فيما قالت إيران، التي أعلنت عن أول حالتين لديها يوم الأربعاء الماضي: إن لديها الآن 43 حالة إصابة مؤكّدة وثماني وفيات، في وقت قالت وزارة الصحة والبيئة العراقية: إن نتائج الفحوصات المخبرية التي أجريت لأحد طلبة العلوم الدينية أظهرت إصابته بالفيروس.
وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن قيام دول الجوار بإغلاق حدودها مع إيران يعتبر إجراء وقائياً مؤقتاً سببه انتشار فيروس كورونا، وقال المتحدّث باسم الوزارة عباس موسوي: “بدأنا عبر سفاراتنا مشاورات مع مسؤولي الدول الجارة لطمأنتهم بأن أي حالات مشتبه بها سوف لن تعبر من الحدود، ومن ضمنها موضوع الشهادة الصحية والسلع بحيث نتمكّن في هذه الظروف عبر دعمنا للبعض الآخر ودول المنطقة من إزالة هواجس البعض وأن نواصل العلاقات بالصورة المطلوبة”، وأضاف: “أصبحت لدى الدول الجارة هواجس، وهذه قضية طبيعية، ولكن لا ينبغي أن يحول هذا الأمر دون العلاقات بين شعبنا وشعوبها أو الصادرات والواردات بينها”، ولفت إلى أن منظمة الصحة العالمية أعلنت الوضع الطارئ في مختلف مناطق العالم إثر انتشار الفيروس، وبالتالي من الطبيعي اتخاذ الإجراءات اللازمة بصورة جماعية.