دراساتصحيفة البعث

من السذاجة توقع انهيار الاقتصاد الصيني

ترجمة: عناية ناصر
عن غلوبال تايمز 22/2/2020
من الواضح أنه سيكون لفيروس كورونا انعكاس كبير على النشاط الاقتصادي الصيني، سيترجم إلى خسائر لبعض الشركات وحتى كارثة كبيرة بالنسبة للشركات ذات الإمكانات المحدودة. لكن هذه الخسائر ستكون قصيرة الأجل، ولن تؤثر على القدرة التنافسية للصين أو تعطل الاتجاه العام للتنمية في البلاد وفق ما أجمع عليه معظم خبراء الاقتصاد في جميع أنحاء العالم.
قام الرأي العام الغربي في الآونة الأخيرة بتقييم أثر الحالة الصحية العامة على الاقتصاد الصيني، وتعمد الكثير منهم بقصد أو عن غير قصد الخلط بين الكارثة قصيرة الأجل التي تسبب بها تفشي المرض، وبين التأثير طويل المدى على الاقتصاد الصيني. ربما تم خلط هذه التعليقات مع آمال بعض الناس بأن مستقبل الصين سيتأثر بذلك. ولا يسعهم إلا تضخيم أهمية الأحداث قصيرة الأجل. كما لم يستطع بعضهم تصديق منطقهم المتناقض.
تسبب تفشي المرض في توقف الكثير من النشاطات الاقتصادية في الصين خاصة في قطاع الخدمات، كما توقفت حركة بعض المدن بهدف القضاء على الفيروس. وعلى الرغم من أن الخسائر لم تحص بعد إلا أن الخسائر تبدو هائلة. ومع ذلك، فإن الاقتصاد الصيني قوي بما يكفي ليكون قادراً على المناورة، ويعد ذلك أحد أهم مؤشرات المرونة الاقتصادية الاستراتيجية. إذ أنه يمكن تعويض بعض الخسائر التي أصابت قطاع الخدمات، وعلى الرغم من خسارة الكثير من الخدمات، لكنها لن تترك أثراً كبيراً على الاقتصاد الصيني. وبمرور الوقت، سوف تسمح التطورات الاقتصادية اللاحقة بتدارك هذه التبعات. في الوقت الذي يعانى فيه الاقتصاد الصيني، لم تتوقف عجلة الاقتصاد، حيث انتعشت قطاعات الاقتصاد التي تدعم الاحتياجات اليومية للصينيين – باستثناء إمدادات الطوارئ مثل الأقنعة الواقية التي لا تكفي لتغطية الحاجة- فحجم الامدادات من الضروريات اليومية الأخرى لم يتقلص. لم تواجه القطاعات الأساسية مثل الكهرباء والانترنت أية مشاكل، وحتى أن نظام توصيل الخدمات، الذي يتطلب الكثير من القوى العاملة، قد انتعش بشكل متسارع في الأيام الأخيرة، إضافة إلى ذلك لم تتأثر المواد الغذائية مثل الخضار بهذه الأزمة. يظهر كل ذلك أن الاقتصاد الصيني يتمتع بقدرة تنظيمية داخلية قوية للغاية، وأن الحكومة والسوق استطاعتا التعامل مع هذه الكارثة بفعالية كبيرة.
يبدو أن الكثير من تركيز الرأي العام الغربي على الاقتصاد ينصب على الاختلافات بنسب مئوية صغيرة أو حتى بضعة أعشار مئوية في الناتج المحلي الإجمالي، لكن المجتمع الصيني ينظر أيضاً إلى ما هو أبعد من الاقتصاد، فوجود بعض الصعوبات في فترة قصيرة من الزمن بالطبع هو مشكلة، لكن من المهم أيضاً الحفاظ على القدرة التنافسية والتطلع قدماً.
لقد اختبرت هذه الكارثة قدرة استجابة الصين بطريقة فعالة. فمن أجل مواجهة كارثة بهذا الحجم، والذعر الذي انتشر بسرعة بين الناس، تمكنت الحكومة الصينية من حشد المجتمع بأسره بسرعة لمواجهة التحدي الخطير للغاية، ولم يستغرق الأمر طويلاً لاحتواء الفيروس وطمأنة الرأي العام في الصين.
في الواقع، كانت كل الكوارث الاقتصادية تخرج عن السيطرة الكاملة، مع انهيار لثقة الناس في الحكومة. لكن هذه المرة يجب أن يرى العالم الخارجي بوضوح كيف واجهت الصين هذه الكارثة، فطالما لدى الصين هذا النظام السياسي القوي اليوم، فإنها لن تفقد ثقة الشعب بها، ولذلك لن يواجه الاقتصاد الصيني الانهيار الذي تتوقعه بعض النخب الأمريكية.
سيبذل المجتمع الصيني هذه المرة قصارى جهده للحد من الخسائر الاقتصادية والتعافي، وستبذل الحكومة والسوق قصارى جهدهما لمساعدة الشركات التي تواجه مشكلات. على مستوى الأخلاقيات الاجتماعية، هذا هو الاختبار الذي يجب اتخاذه الآن. وأي تبجح من الخارج خلال هذه الفترة أمر مرفوض. أما بالنسبة للاستراتيجية، فإن أولئك الذين يريدون إلحاق الضرر بالصين عليهم أن يتوقفوا وكل ما يمكن قوله: إنهم ساذجون ويخدعون أنفسهم.