هزيمة اللص .. أردوغان
ترجمة وإعداد: سمر سامي السمارة
يشبه الرئيس التركي أردوغان اللص الشهير الذي أُلقي القبض عليه متلبساً، وبدلاً من التراجع عن الخزي الذي يرتكبه يستشيط غضباً كما لو أنه الطرف المتضرر.
هذا هو الوضع في المناطق الشمالية الغربية لسورية حيث كانت تركيا بموجب اتفاقية سوتشي في العام 2018 ملزمة بالحفاظ على منطقة خفض التصعيد. إلا أنها، كعادتها لم تلتزم بتعهداتها واستمرت المجموعات الإرهابية بشن هجمات من إدلب وريف حلب بلا هوادة ضد المدنيين السوريين في مدينة حلب وغيرها من المناطق التي حررتها الحكومة السورية.
وعلى الرغم من إنشاء تركيا 12 نقطة مراقبة، ارتكبت المجموعات الإرهابية المدعومة من تركيا تلك الخروقات لاتفاق وقف التصعيد، وبدلاً من منع المجموعات الإرهابية من شن إعتداءاتها- بعد اتفاق سوتشي- ضاعفت العصابات الإرهابية من هجماتها على المدنيين، الأمر الذي استوجب تحرك الجيش السوري نهاية العام الماضي لسحق العصابات الإرهابية في النهاية من آخر معقل لها شمال غرب سورية.
تؤكد روسيا، الحليف الاستراتيجي لسورية أنها تؤيد الحق السيادي للدولة في القضاء على كافة المجموعات الإرهابية التي تبقى منها هيئة تحرير الشام المحظورة دولياً. لذا، فلدى الدولة السورية كل الحق بموجب قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي في متابعة هدفها.
وكان مصدر عسكري سوري أعلن مؤخراً أن أنقرة- في الواقع – تزود المجموعات الإرهابية في سورية بالأسلحة حيث تجد المعدات العسكرية التركية التي يتم إرسالها، غالباً طريقها إلى أيدي “جبهة النصرة” فور عبورها الحدود.
وأكدت الحكومة السورية ومراقبون آخرون أن تركيا منذ بداية الحرب على سورية تدعم العصابات المسلحة، و أنها ليست حكماً في الصراع، بل أنها ذات أجندات معادية من خلال رعايتها السرية للعصابات الإرهابية التي تعيث خراباً على كافة الأراضي السورية.
اقتربت الحرب التي دامت تسع سنوات على سورية من نهايتها، إذ ضيق الجيش السوري وحلفاؤه الخناق على المجموعات الإرهابية المتبقية في شمال غرب سورية. وبتحريره مناطق واسعة من ريف حلب مؤخراً تمكن من تأمين المناطق المدنية من قصف الجماعات الإرهابية.
ومع ذلك، يرى محللون أن المرحلة الأخيرة تشكل أيضاً وضعاً محفوفاً بالمخاطر يتمثل في احتمال تصعيد النزاع الدولي. إذ حاول أردوغان مؤخراً استعراض عضلاته في سورية، معلناً أن قواته ستهاجم الطائرات السورية والروسية ما لم تتراجع سورية عن هجومها على المجموعات الإرهابية. ويبدو أن مقتل عشرات الجنود الأتراك بنيران الجيش السوري أغضب أنقرة التي تعمل بكل ما أوتيت من قوة للدفاع عن المجموعات الإرهابية.
الأمر الذي دفع مسؤولين أتراك للذهاب إلى موسكو في محاولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بعد اتصالات هاتفية متكررة لأردوغان مع الرئيس الروسي بوتين.
وباعتبار أن تركيا عضو في حلف الناتو، فهي تحظى بدعم واشنطن القوي، حيث أشارت وسائل الإعلام التركية إلى أن “ترامب شكر أردوغان لتفاديه كارثة في إدلب”، ما يظهر للقاصي والداني الدور الذي تلعبه واشنطن إلى جانب أنقرة. بطبيعة الحال، رفض الكرملين هذا التدخل من واشنطن وأكد أنه سيظل ثابتاً في دعم حق سورية غير القابل للتصرف في محاربة الإرهاب على أراضيها.
يمكن لتركيا إثارة حكم الدفاع المشترك، وطلب مساعدة الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الآخرين في سورية بصفتها أحد الأعضاء في التحالف العسكري لحلف الناتو، وإذا حدث ذلك، فإن الحرب على سورية ستأخذ بعداً دولياً من التحديات الهائلة، و يبدو أن أردوغان يعلق تهديد التصعيد هذا أمام سورية وروسيا.
وفي هذه اللحظة يجب أن نتذكر أن أساس الحرب على سورية هو التدخل الأجنبي، وأن أعضاء الناتو، بما في ذلك الولايات المتحدة وتركيا يؤججون الحرب من خلال رعايتهم السرية للجماعات الإرهابية على الرغم من المزاعم الرسمية السخيفة حول مكافحة الإرهاب.
ستنتهي الحرب أخيراً عندما تبدأ هذه القوى الأجنبية الموجودة في سورية بشكل غير قانوني في الالتزام بالقانون الدولي وإخراج قواتها من الأراضي السورية. بما فيها القوات، والطائرات الحربية والقواعد العسكرية والمشغلين السريين في وكالة الاستخبارات المركزية ونظرائهم الأتراك.
ومما لا شك فيه تدرك تركيا وشركاؤها في الناتو أن اللعبة القذرة على سورية قد انتهت، و فشلت المؤامرة الدنيئة لتدمير سورية. وما يخشونه الآن هو أن شبكات الإرهاب التي زرعوها وغذوها مثل “وحش فرانكشتاين” ستعود في النهاية إلى تركيا، وتنتشر مثل السرطان، من خلال هجرة جماعية إلى دول أعضاء أخرى في حلف الناتو هرباً من جحيم الجيش السوري وحلفائه.
حتى الآن يعتقد أردوغان في غطرسته أنه على سورية أن تتسامح بطريقة ما مع هؤلاء المجرمين على أرضها، من خلال تهديده المتهور بالتصعيد لمنع الجيش السوري من إنهاء مهمة تحرير سورية من الويلات التي فرضتها تركيا وحلف شمال الأطلسي على الشعب السوري.