العلاقات السورية الليبية في ندوة حوارية: شراكة استراتيجية تخدم مصالح الشعبين الشقيقين
أكد وزير الخارجية الليبي الدكتور عبد الهادي الحويج ونائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد تطابق وجهات النظر والمواقف السياسية بين ليبيا وسورية إزاء مختلف القضايا، ولا سيما العدوان التركي، الذي يستهدف سيادة ووحدة واستقلال البلدين الشقيقين.
وفي ندوة سياسية حوارية أقامتها وزارة الخارجية والمغتربين في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق أوضح الحويج أن عودة العلاقات الطبيعية بين البلدين الشقيقين خطوة تاريخية ومهمة لأن معركتنا وتحدياتنا وأهدافنا واحدة، وسننتصر بها مهما بلغت التحديات، مشيراً إلى السعي لتأسيس شراكة استراتيجية وتحالف جديد بما يخدم مصالح الشعبين والى سعي بلاده لشراء المنتجات السورية نظراً لجودتها.
ووجّه الحويج التحية لسورية شعباً وجيشاً وقيادة، منوّهاً بالتضحيات الكبيرة التي قدّمها الجيش العربي السوري في سبيل الدفاع عن وطنه، ومؤكداً أن كل خطوة يخطوها هذا الجيش نحو التحرير تعزز الانتصار والعزيمة، وترفع معنويات القوات المسلحة الليبية، ومشدداً على دعم بلاده الكامل لتحرير الجولان العربي السوري المحتل والأراضي الفلسطينية واللبنانية المحتلة من العدو الصهيوني.
وأوضح الحويج أن ليبيا جزء من المنظومة العربية والعروبة، والحكومة الشرعية فيها تسعى لاسترجاع هذا الدور، معتبراً أن العروبة هي حالة حضارية يجب الحفاظ عليها مهما كانت الضغوط، مشيراً إلى أن ليبيا تنسّق مع عدد من الدول العربية من أجل إيجاد مقاربات ومبادرات جديدة تسهم بحل الأزمة في ليبيا بعيداً عن الغرب، وقال: “نرحّب بأي جهد عربي في هذا الإطار وجزء من مسؤوليتنا العمل على تنقية وتهيئة العلاقات مع الأشقاء العرب”.
وعلى الصعيد الداخلي الليبي أوضح الحويج أن بلاده اليوم تسعى للقضاء على الميليشيات المسلحة ونزع السلاح من الخارجين عن القانون، وإعادة الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية، واستعادة السيادة الوطنية، مشيراً إلى أن الحكومة التي يرأسها عبد الله الثني تؤمن أن ليبيا لكل الليبيين، وهي تقدّم خدماتها لهم جميعاً دون تمييز، مؤكداً أن ثروة الليبيين لليبيين، وهي تباع اليوم، وتنتهك من قبل المستعمر التركي المجرم.
واستعرض الحويج المعارك التي خاضها الجيش العربي الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في مختلف المناطق الليبية لتحريرها من الإرهاب، مشيراً إلى أن حكومة السراج “فاقدة للشرعية وغير دستورية وغير معتمدة ومنتهية الصلاحية”، ومستنكراً الممارسات التي ترتكبها هذه الحكومة، وأضاف: إنها اختطفت القرار السياسي، ووقّعت اتفاقيتي ذل واستعمار وتبعية مع النظام التركي “أمنية وبحرية” ليس لهما أي صبغة قانونية أو شرعية، ورفضهما مجلس النواب المنتخب رفضاً كاملاً.
وفي رده على مداخلات الحضور أكد الحويج رفض الحكومة الشرعية في البلاد أي وجود للقواعد الأمريكية على الأراضي الليبية، مبيّناً أن المعركة التي يخوضها الجيش العربي الليبي هي للسيادة والاستقلال.
وأشار الحويج إلى أن أغلب البضائع والمنتجات في ليبيا كانت تستورد من تركيا، ولكن الحكومة الشرعية تريد تغيير البوصلة باتجاه المنتجات والشركات السورية، منوهاً بالكفاءة والحرفية التي تتمتع بها اليد العاملة السورية.
من جانبه وصف المقداد نتائج المباحثات بين الجانبين السوري والليبي بـ “الممتازة”، مبيّناً أن هذه النتائج ستغضب النظام التركي العدو المشترك لكلا البلدين الشقيقين الذي يسعى إلى تفريقهما، ورأى أن الحرب التي يخوضها الجيشان السوري والليبي ضد الإرهاب وداعميه ومشغليه تعبّر عن وحدة المسار والتكامل بين البلدين الشقيقين، موضحاً أن أي انتصار تحققه سورية في حربها على الإرهاب يمثّل انتصاراً للشعوب العربية والعالم بأسره، وعلى أولئك الذين يخدعون العالم حول حقيقة الأوضاع التي تمر بها سورية وليبيا معرفة أن “الشعب الذي يقف إلى جانب جيشه وقيادته سينتصر لا محالة”.
وأكد المقداد أن مكافحة الإرهاب الذي يمثّل عدواً مشتركاً لكل من سورية وليبيا تعد “حقاً مشروعاً”، داعياً إلى محاكمة ومحاسبة أردوغان واعتباره مجرم حرب، لأنه ارتكب جرائم ضد الانسانية وفقاً لمبادئ القانون الدولي.
وأوضح المقداد أن أردوغان كاذب، ويمارس الدجل والتزوير، ويخدم أعداء تركيا، وارتكب أعمالاً إجرامية لتنفيذ إيديولوجيته الإخوانية، موضحاً أن أكبر خطر يهدد الشعب التركي هو النظام التركي الذي بدأ بإرسال المرتزقة إلى ليبيا، ومتسائلاً: “ما هي مصلحة الشعب التركي في قتل السوريين والليبيين؟”.
وأشار المقداد إلى أن أعداء سورية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يحاولون تقطيع شرايين الحياة في سورية ومنعها من تحقيق الانتصار النهائي على الإرهاب، ولذلك غضبوا من تشغيل مطار حلب الدولي والطريق الواصل بين حلب ودمشق، وهم يعلمون أن سورية ستتمكن في نهاية المطاف من تحقيق أهدافها.
ورداً على سؤال حول خطط التعاون الاقتصادي مستقبلاً بين سورية وليبيا أكد المقداد أن وفوداً ليبية ستزور دمشق خلال الأيام القادمة، وكذلك ستزور ليبيا وفود سورية لمناقشة العلاقات بمختلف جوانبها وسبل تعزيزها ولا سيما قطاعات الاقتصاد والسياحة والنقل والطيران.
ولفت المقداد إلى أن ليبيا اعتمدت في الكثير من علاقاتها الاقتصادية في الماضي على تركيا، التي هي حالياً عدو مشترك، وقال: “نحن مقتنعون أن القيادة الليبية تريد إنهاء العلاقات مع النظام التركي لتبدأ العلاقات الحقيقية مع سورية والانفتاح على الاقتصاد السوري خلال الأيام القليلة القادمة”.
وفيما يتعلق بالموقف الذي اتخذته سورية أمام الجامعة العربية في الماضي برفض فرض أي حظر جوي على ليبيا جدد المقداد التأكيد أن سورية ترفض أي عدوان أو حصار ضد أي بلد عربي، وأكد أن الشعب الليبي قادر على حل الأزمة التي تمر بها بلاده بنفسه دون أي تدخّل خارجي، مبيّناً أن من يسمح بتمرير قرار ضد ليبيا يسمح بتمرير قرار ضد سورية أو حتى دول الخليج وغيرها من الدول.
وفي الختام دعا نائب وزير الخارجية والمغتربين جميع المواطنين العرب المهجرين إلى عدم الخضوع للابتزازات من قبل القوى الغربية المعادية ونظام أردوغان وأن يعودوا إلى وطنهم ليعيشوا حياة حرة كريمة فيه، مبيّناً أن النظام التركي يستغل أزمة اللاجئين لتهديد وابتزاز الدول الأوروبية.
وفي تصريح للصحفيين بيّن المقداد أن هناك اتفاقاً بين الجانبين على الصعيد الاقتصادي بفتح كل مجالات التعاون وتعزيز التبادل التجاري والشركات المشتركة وفتح الآفاق أمام الطيران والموانئ وتشغيل الأيدي العاملة السورية في المشاريع الليبية، كاشفاً أنه تم الاتفاق على “تفعيل ثماني شركات مشتركة سورية ليبية، والعمل على تفعيل بنود 46 اتفاقاً ثنائياً بين البلدين الشقيقين”.
وشدد المقداد على أن العلاقات السورية الليبية تسير قدماً بالاتجاه الصحيح، وخاصة باتجاه القضاء على الإرهاب، والتعاون لإنهاء الدور الإجرامي ضد البلدين الذي يقوم به أردوغان.
حضر الندوة الحوارية أعضاء الوفد الليبي وعدد من أعضاء مجلس الشعب ومديري الإدارات والسفراء بوزارة الخارجية والمغتربين وعدد من مديري المؤسسات الإعلامية وضباط الجيش والقوات المسلحة وقادة وممثلي فصائل المقاومة الفلسطينية والنقابات والمنظمات الشعبية والمهنية وفعاليات سياسية وثقافية وإعلامية وحزبية.