استغربت وقاحة الغرب الشاملة وقلقه الزائف إزاء الوضع الإنساني الدفاع الروسية: عمليات الجيش السوري في إدلب تطبيق لاتفاق سوتشي
عشية لقائه رئيس النظام التركي، اليوم في موسكو، أعلن الكرملين أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث مع مجلس الأمن الروسي الوضع في إدلب، والعلاقات مع أنقرة، فيما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن النظام التركي يخرق القانون الدولي، وينتهك بشكل واضح اتفاق سوتشي، الذي تم التوصل إليه مع الجانب الروسي، ويواصل دعم وتسليح التنظيمات الإرهابية في إدلب، وفنّدت زيف الاتهامات الغربية والأممية للحكومة السورية بارتكاب “جرائم حرب” والتسبّب في “كارثة إنسانية” ونزوح “الملايين” من إدلب السورية.
يأتي ذلك فيما دفعت اعتداءات النظام التركي المستمرة على الأراضي السورية، واستهداف المنشآت الروسية فيها من قبل مرتزقته الإرهابيين، روسيا إلى التذكير بهزيمة العثمانيين في أوروبا الشرقية ومنطقة البلقان خلال القرون الماضية، والتي جرت خلالها الكثير من الحروب بين الاحتلال العثماني والروس.
وقال المتحدّث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، في بيان: “إن الدول الغربية والأمم المتحدة لم تكترث على الإطلاق بالانتهاكات الجسيمة لمذكرة سوتشي للعام 2018 بشأن إدلب والتي ارتكبتها تركيا والجماعات الإرهابية الموجودة هناك، والمتمثّلة في قصف متزايد للمناطق السورية المجاورة وقاعدة حميميم الروسية، وتعزيز سيطرة الإرهابيين مما يسمى “هيئة تحرير الشام” و”الحزب التركستاني” و”حراس الدين” على المنطقة، وتمازج مواقعهم مع نقاط المراقبة التركية بدلاً من إخراجهم من المنطقة”.
وأوضح البيان أن عويل الغرب بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في إدلب لم يبدأ إلا بعد أن اضطر الجيش السوري لشن عملية عسكرية رداً على هجوم جديد من قبل الإرهابيين في مطلع شباط الماضي، حيث تمكّن بنفسه من تطبيق ما نص عليه اتفاق سوتشي، مشيراً إلى أن هذه العمليات مكّنت أيضاً من ضمان حركة أكثر من 100 ألف مدني على طول الطريق السريع إم 5 بين أكبر المدن السورية في حلب وحماة وحماية المناطق السكنية المحيطة من الاعتداءات، ولفت إلى أنه ومنذ تلك اللحظة فصاعداً قامت العواصم الغربية وممثلو الأمم المتحدة بتوجيه اتهامات للحكومة السورية والحديث عن تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين في إدلب، وفي الوقت نفسه تم نشر صور فوتوغرافية لمخيم قديم بالقرب من الحدود السورية التركية كدليل على ذلك، كما بدأ الإعلام الغربي فجأة يطلق على إرهابيي إدلب تسمية “ممثلو المعارضة المعتدلة”، وذلك رغم أن في صفوفهم نحو 20 ألف عنصر من “هيئة تحرير الشام”، المصنّفة تنظيماً إرهابياً في قوائم الأمم المتحدة.
وشدد البيان على أنه لا أحد في الغرب يبالي بتصرّفات النظام التركي، الذي نقل إلى إدلب قوة عسكرية ضاربة بحجم فرقة مؤلّلة، وذلك في خرق للقانون الدولي، فيما التهديدات العلنية لهذا النظام ضد وحدات الجيش السوري وإعادة الطريق إم 5 تحت سيطرة الإرهابيين توصف في أوروبا والولايات المتحدة بأنها “حق شرعي في الدفاع عن النفس” للنظام التركي، مبيناً أنه “في ظل ما يبديه الغرب من وقاحة شاملة وقلق زائف إزاء الوضع الإنساني في منطقة إدلب لخفض التصعيد يعتبر المركز الروسي للمصالحة في سورية والحكومة السورية الشرعية هما الجهتان الوحيدتان اللتان توصلان يومياً كل المساعدات الضرورية لسكان المناطق المحررة”.
ولفت البيان إلى أن جميع طلبات روسيا الرسمية إلى الأمم المتحدة والدول الغربية، التي تقدّم المساعدات عبر الحدود التركية، وسؤالها عن ذهاب كل هذه المساعدات إلى الإرهابيين لا إلى المتضررين ظلّت دون إجابة.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أكد في تصريح أمس الأول أن روسيا لا تزال ملتزمة باتفاقات سوتشي، وتدعم وحدة الأراضي السورية، كما تدعم سورية في مواصلة حربها ضد التنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تلك المدرجة على قائمة مجلس الأمن الدولي.
يأتي ذلك فيما بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف تسوية الأزمة في سورية في إطار تفاهمات أستانا.
وأوضحت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن المباحثات تناولت “عدداً من القضايا الدولية الملحة، بما فيها خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني، والتسوية في سورية في سياق اتفاقات الدول الضامنة لعملية أستانا”.
وبُعيد الاتصال أكد ظريف، في تصريح صحفي، أن عملية أستانا أدت إلى تعزيز الاستقرار والمضي قدماً نحو مكافحة الإرهاب في سورية، ودعا إلى عقد اجتماع وفق مسار أستانا “بأسرع وقت ممكن وبأعلى المستويات”، مجدداً استعداد إيران لاستضافة قمة رؤساء الدول الضامنة في عملية أستانا.
وكان رئيس دائرة رئاسة الجمهورية في إيران محمود واعظي جدد قبل يومين التأكيد على ضرورة الاستمرار في مسار أستانا بهدف التوصل إلى تسوية للأزمة في سورية.
وبدأت اجتماعات أستانا في العاصمة الكازاخية مطلع عام 2017، وعقدت أربعة عشر اجتماعاً، أحدها في مدينة سوتشي الروسية، وأكدت في مجملها على الالتزام الثابت بالحفاظ على سيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها ومواصلة الحرب على التنظيمات الإرهابية فيها حتى دحرها نهائياً.
كما بحث نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرشينين مع السفير السوري في موسكو الدكتور رياض حداد تطورات الأوضاع في سورية، وأوضحت وزارة الخارجية الروسية في بيان أنه جرى خلال اللقاء بحث الوضع في سورية وحولها، وتم إيلاء اهتمام خاص لتطور الوضع “على الأرض” فيها وآفاق تقدّم العملية السياسية التي ينفّذها ويقودها السوريون أنفسهم وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254.
كما تم بحث التدابير اللازمة لتوفير المساعدة الإنسانية الطارئة للسكان السوريين المحتاجين لها.
وفي القاهرة، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري ضرورة العمل على مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة في سورية.
وقال المستشار المصري أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية: إن شكري شدد خلال استقباله غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية على ضرورة التصدي لمخاطر تسرب الإرهابيين الأجانب من مناطق وجودهم وأهمية قيام الأمم المتحدة وكل الأطراف المعنية بدورها في ذلك، مشيراً في هذا الصدد إلى قيام النظام التركي بنقل أعداد من المرتزقة الإرهابيين من شمال سورية إلى ليبيا.
وأكد شكري حرص مصر على مساندة جهود الحل السياسي للأزمة في سورية وفق قرار مجلس الأمن 2254 وبما يستهدف استعادة الأمن والاستقرار في البلاد.
روسيا تذكّر بهزيمة العثمانيين في البلقان
يأتي ذلك فيما نشرت وزارة الخارجية الروسية، على حسابها على تويتر، تغريدة، فيما يشبه التحذير لنظام رجب طيب أردوغان، ذكّرت فيها بمعاهدة أياستيفانوس الموقّعة نهاية الحرب التي جرت بين العثمانيين وروسيا بين عامي 1877و1878، موضّحة أن تلك المعاهدة كانت بمثابة اعتراف بهزيمة الدولة العثمانية وترسيخ سيطرة روسيا على منطقة البلقان، وبيّنت أن تاريخ هذه الاتفاقية الموقّعة في الـ 3 من آذار عام 1878 هو عيد قومي لبلغاريا، وأعلن أنه يوم الاستقلال الوطني، مشيرة إلى أنه بموجبها حصلت بلغاريا على الاستقلال، وخرجت من سيطرة الدولة العثمانية.
يذكر أن الحروب التي دارت بين القرنين السادس عشر والعشرين، وانتصر في معظمها الروس، وضعت حداً لاحتلال العثمانيين العديد من المناطق ولأطماعهم التوسعية في أراضي روسيا، وانتهت بمعاهدات قاسية على الدولة العثمانية، تخلّت فيها عن شبه جزيرة القرم، ولاحقاً سمحت بمرور السفن الروسية عبر مضيق البوسفور دون قيود، كما كانت هذه الحروب أحد أسباب انهيار الدولة العثمانية المريضة وتلاشيها.
يشار إلى أن حرباً اندلعت بين عامي 1877 و1878 بين روسيا والدولة العثمانية، ودارت بعض معاركها في منطقة البلقان، التي تضم بلغاريا، بعد تنامي تطلعات شعوب البلقان للاستقلال عن الاحتلال العثماني ووقوف روسيا إلى جانب الحركة السياسية الساعية لتحرير دول البلقان.