“زوادة” العامل
صحيح أن الحكومة صدّقت نهاية العام الماضي على موافقة اللجنة الاقتصادية برفع قيمة الوجبة الغذائية للعمال الذين يتعرّضون لعوامل ملوثة وضارة بالصحة من 30 ليرة إلى 300 ليرة، إلا أن مساعي ومحاولات الاتحاد العام للعمال المستميتة في كل المناسبات والمحافل والمواجهات مع الحكومة طالما استمرّت لرفع قيمة الوجبة أكثر من ذلك، حتى بعد تطبيق القرار لتتناسب مع الأسعار الجديدة، علماً أن الوجبة الوقائية يجب أن يأخذها العامل على شكل عيّنات غذائية لتفي بالغرض الذي شرّعت من أجله، ليكتسب العامل مناعة ونشاطاً وليس منحه إياها كقيمة مادية.
دعونا نعترف أن هذه الوجبة التي تتضمّن بيضتين ونصف كيلوغرام حليب، حتى الـ300 ليرة التي تمّت الموافقة عليها لا يمكن أن تغطي قيمة الوجبة الحقيقية، وبالتالي تتعالى الأصوات النقابية والتنفيذية مطالبة برفع قيمتها لتتناسب مع الأسعار الرائجة، وبالتالي تكون فائدة حوالي 125 ألف عامل متكاملة ومنتجة.
ومع أن وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريمة القادري كانت قد صرّحت أن ثمة حاجة إلى 6.5 مليارات ليرة سنوياً لتمويل فاتورة الوجبة الغذائية، تدور الأقاويل حول انشغال تنظيمات نقابية ومنظمات شعبية هذه الأيام بعملية إقناع الحكومة بتحريك تكلفة وجبة العامل الغذائية في زمن تضاعفت فيه قيم المواد بنحو 500%.
وبموجب المعلومات فإن وزارة المالية “العنيدة” تكمش يدها عن رفع قيمة الوجبة، حيث تستكمل جولات التفاوض باجتماعات مجددة لدراسة أسعار الوجبة على ضوء الارتفاع المستمر لأسعار المواد الغذائية.
وبانتظار صدور قرار بتعديل جديد يطول “زوادة” العامل اليومية وفق السعر المقترح من اللجنة وهو 500 ليرة كحد أدنى، يسند به العامل يومه ويعوّض جزءاً من انعكاسات المهن وأمراضها المزمنة التي قد تودي بحياة كثيرين أو تجعل منهم مرضى بسبب طبيعة عملهم الشاقة والخطرة؟.
هنا يسأل كل عامل هل تكفي 300 ليرة ثمن سندويشة فلافل.. وماذا عن الصحة المفقودة.. كيف سيتم تعويضها؟ بوجود ضمان صحي مبتور وطبابة مجتزأة لا تسدّ رمق نفس مقطوع وتلوّث يضرب جسد العامل طوال الوقت؟.
علي بلال قاسم