أغلب الأتراك يرفضون اعتداءات قواته على الأراضي السورية خبراء روس: أردوغان أصبح حبيس أوهامه بإحياء مجد السلطنة
كشف استطلاع للرأي، نشر أمس، أن أغلب الأتراك يرفضون وجود قوات النظام التركي على الأراضي السورية وتورطها في الاعتداء عليها، في وقت أكد خبراء ومحللون روس أن أردوغان أصبح حبيس أوهامه بإحياء مجد السلطنة العثمانية، مشيرين إلى أن أكثر من نصف المجتمع التركي لا يتفق مع النهج الأردوغاني في سورية، ويعارض سياسته العدوانية الداعمة للتنظيمات الإرهابية.
وأظهرت نتائج الاستطلاع، الذي أجرته مؤسسة ميتروبول التركية للأبحاث ونشرته صحيفة جمهورييت تحت عنوان نبض تركيا فبراير 2020 وشمل عدداً من المجالات التي تهم الرأي العام التركي ولا سيما تلك المتعلقة بالسياسة الخارجية، أن 48.8 بالمئة من المشاركين في الاستطلاع رفضوا وجود القوات التركية في إدلب شمال غرب سورية، بينما لم يعبّر 20.5 بالمئة عن موقفهم.
وتعليقاً على هذه النسب قالت مؤسسة ميتروبول: “إن المجتمع التركي عادة ما يدعم العمليات العسكرية للقوات المسلحة خارج البلاد، لكن هذه المرة الأولى التي تظهر أن الأتراك باتوا لا ينظرون بإيجابية لتلك التحركات”، وأوضحت أن العديد من القضايا التي طرحت في الاستفتاء أظهرت رفض أغلب الأتراك سياسات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، وخصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع ملف اللاجئين والمهاجرين.
وكان المئات من الشخصيات الاجتماعية التركية بينهم فنانون وممثلون وأدباء وشعراء وقيادات منظمات المجتمع المدني وحقوقيون وصحفيون وأساتذة جامعات وأطباء ونقابيون طالبوا قبل أيام أردوغان في وثيقة مشتركة بوقف تدخلاته الاستفزازية وسحب قواته من سورية فوراً، معتبرين أن تدخله في إدلب حول تركيا إلى أداة بيد الدول الامبريالية وحامية للإرهاب.
وفي موسكو، أكد مدير معهد الدراسات السياسية سيرغي ماركوف أن أردوغان يتخبّط بسياسته في سورية، لافتاً إلى أن الشعب التركي لا يفهم مغزى السياسة التي يتبعها أردوغان في سورية، وقال: “إن أردوغان وقع في شرك سياسته المتماهية مع ممارسات التنظيمات الإرهابية، وهو فشل في تنفيذ اتفاقيات سوتشي، وطلب أكثر من مرة تأجيل تنفيذها ولم يف بوعوده، وعندما أصبح واضحاً أن أردوغان غير قادر على الإيفاء بوعوده أخذ الجيش العربي السوري المبادرة، وبدأ بتحرير أرضه من الإرهابيين والمتطرفين”، وأوضح أن الابتزاز الذي يمارسه أردوغان تجاه الاتحاد الأوروبي بشأن قضايا اللاجئين هو خطأ كبير، ويعتبره الاتحاد الأوروبي عدواناً مباشراً من قبل أردوغان شخصياً على الدول الأوروبية، وبالتالي سيزداد النفور الأوروبي من سياسة النظام التركي، وقد يتعرّض لعقوبات وفقاً للمادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو.
ولفت ماركوف إلى أنه يتعين على أردوغان سحب قواته ومعداته العسكرية وفق اتفاقات سوتشي، مبيناً أن تسلل شخصيات رسمية أمريكية إلى إدلب والعدوان الإسرائيلي على المنطقة الوسطى بالتزامن مع العدوان الإرهابي المدعوم من تركيا هدفها وقف تقدّم الجيش العربي السوري و”تدمير الدولة السورية” خدمة لأهدافها ومصالحها في المنطقة، كما أن أجهزة الاستخبارات البريطانية أيضاً متورطة بهذه الاعتداءات.
من ناحيته، اعتبر الباحث العلمي في جامعة العلاقات الدولية التابعة لوزارة الخارجية الروسية نيكولاي توبورين أن أردوغان أصبح حبيس أحلامه العثمانية، وهو أسير أوهامه بإحياء مجد السلطنة العثمانية، مشيراً إلى أن أكثر من نصف المجتمع التركي لا يتفق مع النهج الأردوغاني في سورية، ويعارض سياسته العدوانية الداعمة للتنظيمات الإرهابية، وشدد على أن المواقف التركية والإسرائيلية والأمريكية إزاء الوضع في إدلب متماثلة ومبنية على السعي لعرقلة حل الأزمة في سورية وإطالة أمدها.
بدوره قال بوغدان بيسبالكو عضو المجلس الرئاسي الروسي للعلاقات القومية: “إن أردوغان يعمل لتنفيذ سياساته وأطماعه العثمانية الجديدة، ووصلت الأمور به إلى حد أنه وقع في مصيدة أعماله الطائشة”، مضيفاً: “إن إحلال السلام هو عمل ملموس محدد بكل دقة، ولكن أردوغان فشل في تحقيق ذلك، ووضع نفسه في مأزق وموقف صعب للغاية لعدم تنفيذه اتفاقات سوتشي”، ولفت إلى أن أردوغان يرتكب الخطيئة تلو الأخرى باستفزازاته لروسيا وللاتحاد الأوربي وخاصة ما يتعلق بفتح الطريق أمام تدفق اللاجئين إلى أوروبا، كما أنه يعاني من ازدياد فعالية المعارضة التركية الداخلية لسياساته، وندد بالاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية مع كل نجاح ونصر يحققه الجيش السوري على الإرهابيين وحماتهم الأتراك في أرض الميدان.
من جهته قال نيكولاي كافيشنيكوف عميد كلية العمليات التكاملية في جامعة العلاقات الدولية: “إن سياسة أردوغان المتمثلة في ابتزاز الاتحاد الأوربي عبر فتح الطريق أمام انتقال اللاجئين إلى أوربا تكشف بكل وضوح مطامع أنقرة الجيوسياسية واهتمامها بأن يعرب الاتحاد الأوروبي ولو من الناحية الشكلية فقط عن دعمه السياسي لأردوغان”.
وفي لبنان، أدان تجمّع العلماء المسلمين العدوان الإسرائيلي والتركي على سورية والدعم الأمريكي للإرهابيين فيها، ولفت في بيان إلى أن التدخل الأمريكي المباشر بات واضحاً على خط المعارك بريف إدلب بعد فشل الجيش التركي في وقف التقدّم الذي يحرزه الجيش العربي السوري وحلفاؤه في محور المقاومة.
كما أدان التجمّع العدوان الإسرائيلي على المنطقة الوسطى والقنيطرة، مشيراً إلى أنه يأتي في الوقت الذي تتعرض فيه المجموعات الإرهابية لخسائر فادحة، ما يؤكد التحالف العميق بين الكيان الصهيوني وهذه المجموعات.
بدورها أدانت رابطة الشغيلة في لبنان العدوان الإسرائيلي والتركي على سورية، مؤكدة أن هذا العدوان المتزامن مع الحرب التي يخوضها الجيش العربي السوري على الإرهاب لن يؤثر في عزيمة وإصرار سورية على دحر الإرهابيين نهائياً من سورية. ولفتت الرابطة في بيان إلى أن العدوان الصهيوني وما سبقه من اعتداءات يؤكد مدى الشراكة بين العدو الصهيوني والنظام التركي من جهة، والوقوف مع الولايات المتحدة والأنظمة العربية الرجعية من جهة ثانية في الحرب الإرهابية الإجرامية التي تستهدف سورية. كما أكد حزب الاتحاد اللبناني أن تزامن العدوان الإسرائيلي مع الاحتلال والعدوان التركي على سورية يكشف دورهما في دعم الإرهابيين، ويتناغم معه باستهداف سورية العروبة تنفيذاً للأجندات الأمريكية ولإنقاذ الإرهابيين من هزيمة مؤكدة على يد الجيش العربي السوري.
وفي براغ، أكد نائب رئيس مجلس النواب التشيكي توميو أوكامورا أن اعتداءات النظام التركي على الأراضي السورية انتهاك صارخ للقانون الدولي، مشدداً في الوقت ذاته على فشل هذا النظام في تحقيق مآربه بفضل صمود الشعب السوري وإصراره على الدفاع عن بلاده، وأشار أوكامورا، رئيس حركة الحرية والديمقراطية المباشرة، إلى أن نظام أردوغان يدعم التنظيمات الإرهابية في إدلب، كما قام بفتح الحدود أمام المهاجرين باتجاه اليونان وبلغاريا بغاية تهريب الإرهابيين وعائلاتهم فضلاً عن خلق أزمة هجرة للاتحاد الأوروبي.
من جهته أكد عضو مجلس النواب رادوفان فيخ أن نظام أردوغان ينتهك القانون الدولي من خلال احتلاله أجزاء من الأراضي السورية ودعمه الإرهابيين فيها.
ولفت في تعليق له على فيسبوك إلى أن نظام أردوغان لا يلتزم بالاتفاقات الموقّعة مع الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة، داعياً إلى تخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع هذا النظام وسحب السفير التشيكي من أنقرة.
إلى ذلك أشار الكاتب التشيكي أوندرجيه نيف إلى محاولات أردوغان ابتزاز حلف شمال الأطلسي “ناتو” من خلال طلب المساعدة بعد مقتل عدد من جنوده في أراضي دولة أخرى ذات سيادة، منبهاً إلى أن هؤلاء العسكريين الأتراك قاموا بخرق سيادة دولة جارة لتركيا، وأكد أن الديكتاتور أردوغان يحاول تعزيز هيمنته عن طريق ممارسة الإرهاب والقيام باعتداءات على دولة جارة بزعم تهديد أمن بلاده، مشيراً إلى هذا التبرير “فارغ”، وقد استخدمه جميع المعتدين عبر التاريخ.