التصدّع يصيب حزب قلب تونس ويعيد سيناريو “النداء”
لم يمضِ الكثير من عمر البرلمان الجديد في تونس، حتى بدأت التصدعات داخل الكتل البرلمانية، بدءاً بكتلة ائتلاف الكرامة التي استقال منها نائبان، مروراً بحركة النهضة التي أثارت استقالة أحد أبرز قيادييها عبد الحميد الجلاصي الرأي العام، وصولاً إلى كتلة قلب تونس بعد إعلان 11 نائباً الثلاثاء في 10 آذار، استقالتهم في خطوةٍ مفاجئة، ليتقلّص عدد نواب الكتلة من 38 نائباً إلى 27 نائباً.
فقد شملت استقالة نواب “قلب تونس” قيادات من الصف الأول للحزب، وهم رئيس الكتلة البرلمانية حاتم المليكي ونائب رئيس الحزب رضا شرف الدين، والنواب خالد قسومة ونعيمة المنصوري وأميرة شرف الدين وصفاء الغريبي وسهير العسكري ومريم اللغماني وسميرة بن سلامة وحسان بلحاج إبراهم وعماد أولاد جبريل.
وكشف حاتم المليكي المستقيل من الحزب، أن أسباب اتخاذهم لقرار الاستقالة يعود أساساً إلى ما اعتبره غياباً للحوكمة والتسيير داخل الحزب فضلاً عن عدم رضاهم عن آليات اتخاذ القرار.
كما بيّن المليكي أن استقالتهم تأتي على خلفية رفضهم للمواقف السياسية لحزب قلب تونس من الحكومة ورئاسة الجمهورية وعلاقته بالأطراف السياسية الأخرى، إضافة إلى رفضهم لمنهجية وشكل المعارضة التي يريدونها بنّاءة لا هدّامة، بحسب تعبيره.
في السياق، صرّح الناطق الرسمي باسم قلب تونس الصادق جبنون بأن هياكل الحزب ستدفع في اتجاه حوار داخلي لإثناء الـ 11 نائباً عن استقالتهم، راجياً بأن تكون هذه الاستقالات مجرد سحابة عابرة، فإن المتابعين للشأن السياسي في تونس، يعتبرون أن التصدع داخل قلب تونس هو أمر متوقع.
من جهته، يقول المحلل السياسي بولبابة سالم: إن الاستقالات التي شهدها حزب “قلب تونس” كانت منتظرة، خاصة بعد اتخاذه القرار بعدم المشاركة في حكومة الفخفاخ، معتبراً أن “قلب تونس” ليس حزباً بالمعنى السياسي، وإنما هو “ماكينة انتخابية”، مكانها الطبيعي في السلطة، بحسب تعبيره.
وكشف سالم أن الخلافات في صلب “قلب تونس”، انطلقت منذ انطلاق المشاورات مع المكلّف الأول بتشكيل الحكومة الحبيب الجملي، مشيراً إلى أن عدداً من أعضاء الحزب اختلفوا مع الرئيس نبيل القروي بشأن التصويت لحكومة الجملي.
وتابع بأن هذه الخلافات تفاقمت أكثر بعد فشل المصادقة على اتفاقية التجارة الحرة مع إفريقيا في البرلمان، مشيراً إلى أن المستقيلين رفضوا المعارضة الراديكالية والخطاب الراديكالي الذي يتبعه نبيل القروي تجاه رئيس الدولة قيس سعيّد وتجاه رئيس الحكومة الياس الفخفاخ.
وصنّف بولبابة سالم المستقيلين من قلب تونس في “الجناح البراغماتي” داخل الحزب (رجال أعمال لهم مصالح ويرفضون الدخول في صدام مع السلطة)، مستبعداً إعادة لم شمل نواب الحزب مجدداً، ومعتبراً أن أغلب أعضائه مارسوا السياحة الحزبية أكثر من مرة ولمّا تفرّقت المصالح تفرقوا، وفق تعبيره.
ويرى مراقبون أن حزب “قلب تونس” في طريقه لتكرار سيناريو “نداء تونس”، الحزب الذي فاز بأكثر المقاعد في انتخابات 2014 وعرف على إثر ذلك هزّات عنيفة أدت إلى انقسامه إلى 5 شقوق.
في المقابل، شدد نواب كتلة قلب تونس المتبقون على أنهم لن يكرروا سيناريو نداء تونس، ووصف القيادي في الحزب والنائب عن الكتلة أسامة الخليفي الأزمة بـ “لحظة احتجاج سيحاولون احتواءها”.
وأشار الخليفي في تصريح لوسائل إعلام محلية، إلى أن هناك استهدافاً ممنهجاً للحزب، قائلاً: إن “ثمة أطرافاً وأحزاباً سياسية تستهدف بشكل ممنهج حزب قلب تونس لإضعافه واستقطاب نوابه”.
واعتبر الخليفي أن “قلب تونس”، منذ تأسيسه، يتعرّض لقصف إعلامي متواصل، داعياً النواب المستقيلين إلى العدول عن قرارهم والعودة للحزب، علماً أن المستقيل حاتم المليكي رجّح أن يشكّل النواب المستقيلون كتلة برلمانية جديدة.
تجدر الإشارة إلى أن المكتب السياسي لحزب قلب تونس قرر الأربعاء، إحالة ملف الاستقالة العلنية التي قدّمها عدد من نواب الحزب، على أنظار المجلس الوطني والأيام البرلمانية لحزب قلب تونس يومي 14 و15 آذار. كما قرر تجميد عضوية كل من رضا شرف الدين وحاتم المليكي في المكتب السياسي للحزب، وتعيين أسامة الخليفي رئيساً لكتلة قلب تونس في البرلمان بالنيابة.