صحيفة البعثمحليات

“معركة كورونا”؟!

تجتمع الآراء والمواقف على أن حساسية ودقة المستجدات اليومية تستدعي إقصاء الكثير من الملفات من أجندة الأولويات، وذلك على قاعدة “المهم والأهم” والطارئ الذي لا يحتمل التأجيل ويتطلب جهوداً استثنائية وخطوات سريعة، وهذا الإجماع لا يخلو من الموضوعية ولكنه بحاجة إلى بعض التعديلات والإجراءات التي ترسم معالم نجاحه بعيداً عن انتكاسات الحالات الارتجالية لأنها لا تصيب الهدف بدقة تامة، وقد تقلل أو تقلص من فرص النجاح المطلوبة في هذه الفترة المصيرية، والأصح هنا السعي والعمل على إيجاد علاقة تكاملية تستند إلى التوازن والعمل الجماعي دون استثناءات، وخاصة في الجانب الخدمي والصحي الوقائي وحتى المعيشي، فالأوضاع الحالية تفرض تجنيد كل الإمكانات في مسار التخفيف من تداعيات الجائحة الصحية والمعيشية على حد سواء نظراً للارتباط الشديد بينهما على صعيد الوقاية والمعالجة، من حيث حشد الطاقات لتأمين المستلزمات الضرورية لمواجهة الجائحة الصحية أولاً، وثانياً دعم المجتمع وتوفير القدرة المادية على شراء المواد المعقمة وأدوات الوقاية التي ارتفعت أسعارها وباتت تشكّل عبئاً جديداً على كاهل المواطن هذا فضلاً عن احتكارها وندرة وجودها في السوق.
ولاشك أن دعوات الحيطة ودعوة المواطن لتحمّل مسؤولياته ستضيع وستسقط الجهود التي تبذل مباشرة في زحمة الفوضى السائدة اليوم في سوق مواد التعقيم والتطهير أو في سوق المواد الغذائية، ومن الخطأ تجاهل ما يمكن أن ينتج عن ذلك في مجال التداعي الصحي والاقتصادي والمعيشي إن صح التعبير، وهذا ما يستلزم خطوات أكثر جرأة في نطاق العلاقة مع المواطن الذي يسمع عن وقائع لا يراها في يومياته بحيث ينعم بوعود افتراضية غير موجودة أصلاً على أرض الواقع، والأمر يتعدى ذلك إلى تراجع مخيف في مختلف المجالات، وطبعاً لا نريد هنا إثارة المخاوف والقلق، ولكن نطالب بأدنى حدود الشفافية وتقديم التوضيحات الحقيقية دون الدخول في متاهات غير محمودة العواقب بارتداداتها على المجتمع الذي يطالب اليوم بالاستنفار والوعي دون أن تُقدّم له يد العون، ولذلك لابد من العمل السريع على استثمار البطاقة الذكية لتوزيع مخصصات الوقاية لتكون متاحة في متناول الجميع (الفقراء) وبأسعار مقبولة.
وندرك تماماً أهمية الإصرار على الإيجابية وضخ الشحنات التفاؤلية بين الناس، ولكن ذلك كان مقبولاً خلال الفترات الماضية إلا أن الواقع الحالي يفرض تعاملاً جدياً مع المستجدات وإشراك المواطن بطريقة صحيحة في تحمل المسؤوليات والاستغناء عن توجيه الصفعات المفاجئة لما تسببه من حالة إرباك للناس، والأسلم تفعيل العلاقة بين الشركاء لتكون أكثر متانة لمواجهة التحديات بكل أصنافها ومنها معركة “كورونا” التي تحتاج إلى خط ساخن للتوعية والتوجيه من جهة ولتأمين متطلبات المواجهة فيها من جهة ثانية، مع تأكيد ضرورة عدم التهاون مع أي مخالفة ترتكب مهما كانت، فالخطأ والتساهل هنا سيعودان بنتائج كارثية قاتلة.
بشير فرزان