أخبارصحيفة البعث

بوعلي المباركي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل لـ”البعث”: العلاقات السورية التونسية ستعود رغماً عن القوى الرجعية

 

حوار عبر الانترنيت- سنان حسن:
ترأس وفد الاتحاد العام التونسي للشغل إلى سورية لمساندة للشعب العربي السوري الصامد، وللجيش العربي السوري البطل، وكان من أولى الشخصيات التونسية التي كسرت الحصار الإعلامي المفروض على سورية في بداية “الربيع العربي” المزعوم، عرف بمواقفه القومية المنتصرة للأمة والمدافعة عن قضاياها، وتعرّض إلى حملات تشويه عديدة في تونس من قبل القوى الظلامية بسبب تصريحاته العلنية بأن ما جرى في سورية ليس “ثورة”، وإنما مؤامرة دنيئة مدفوعة الأجر يقودها محور شر عالمي، كما حاز على جائزة نوبل للسلام، التي حصل عليها الرباعي الراعي للحوار في تونس، بصفته قيادياً بارزاً في أقوى منظمة وطنية، وهي الاتحاد العام التونسي للشغل.. هو المناضل السياسي والحقوقي والزعيم النقابي بوعلي المباركي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، والمدقق الأول في الكونفدرالية النقابية الدولية الأفريقية، والذي خص صحيفة “البعث” بالحوار التالي:
< بداية مرحباً بك رفيق بوعلي المباركي ضيفاً على صحيفة البعث، وأنت الذي دافعت عن سورية بشراسة في تونس، وكنت عروبياً وسياسياً ونقابياً وفياً لشعبها وجيشها وقيادتها.
<< هذا ما يجب أن يكون عليه كل شريف عربي، وليس فقط بوعلي المباركي، سورية عزيزة علينا كثيراً، واستحضر هنا المقولة التي كنت أرددها دائماً في البرامج السياسية التي دُعيت إليها في تونس والجزائر والمغرب وغيرها “إذا تألمت سورية فإن تونس حتما تئن”، وهذا دليل على عمق الروابط بين سورية وتونس، وكلي ثقة في الأخير بأن ما أفسده الحكام العرب، الذين تحاملوا على سورية، ستصلحه الشعوب، وهذا أمر جد مهم.
< لنبق في دائرة العلاقات السورية التونسية، وفي ظل الأوضاع السياسية المستجدة في تونس، هل من فرصة ممكنة لاستعادة العلاقات الرسمية بين البلدين الشقيقين، وما هي أهم المعوقات التي تحول دون ذلك برأيكم؟.
<< إن الإجابة على هذا السؤال تقتضي التمييز بين معطيين مهمين، المعطى الأول هو موقف السلطة السياسية بعد “ثورة 14 كانون الثاني” في تونس، وهو موقف اسمح لنفسي أن أصفه بالجبان، لأنه عجّل بقطع العلاقات مع الحبيبة سورية، والمعطى الثاني هو موقف غالبية الشعب التونسي الذي خرج إلى الشارع رافعاً صور السيد الرئيس بشار الأسد وهاتفاً بالنصر لسورية، وهو ما يعني رفضه المطلق لقرار السلطة السياسية الجائر في تونس، والقاضي بقطع العلاقات مع سورية.
إن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع سورية يتحمّل تبعاته فصيل سياسي تونسي لا يؤمن لا بالقومية ولا بالعروبة، وكل همه التخندق في محور الشر الخليجي، ولكننا تصدينا له، واليوم جددنا، كمنظمات وطنية وأحزاب سياسية مناصرة لسورية، دعوتنا إلى رئيس الجمهورية السيد قيس سعيّد حتى يسارع بتنفيذ وعده الانتخابي، وهو الذي قال: سورية شقيقتنا، ولا بد أن تعود العلاقات إلى سالف عهدها. وفي اعتقادي بل يمكن أن أصرّح بذلك جازماً أن هذه العلاقات ستعود رغماً عن القوى الرجعية التي مازالت تعمل على تأبيد هذا القطع، ولكن إصرارنا على إعادة الروح للعلاقة بين تونس وسورية أقوى من شيطنتهم لسورية وحقدهم على قيادتها المقاومة والممانعة بقيادة الرئيس الأسد.

شعب لا يعرف الاستسلام
< خلال الفترة الماضية تعرّضت سورية لعدوان تركي غاشم بعد تقدّم الجيش العربي السوري لتحرير محافظة إدلب وأرياف حلب وحماة من رجس الإرهاب الإخواني التكفيري، كيف تقرؤون المواجهة بين الجيش العربي السوري وإرهابيي الإخوان المسلمين وزعيمهم أردوغان؟
<< نعم لم يعد خافياً اليوم أن للإرهاب الذي ضرب سورية زعيماً إرهابياً اسمه أردوغان، ولكن نسي هذا المعتوه، وغاب عنه أنه سيصطدم بشعب وجيش لا يعرفان الاستسلام أو الخضوع والخنوع، قبل ذلك لا بد من التوقّف عند السبب الرئيسي الذي يجعل المجرم أردوغان يصر على غزو سورية الحبيبة بهذا الشكل الفج والوقح، والإجابة واضحة وبينة وجلية، فأردوغان يعيش منذ سنوات أزمات داخلية استفحلت كثيراً، وبلغت مرحلة أصبح فيها الشعب التركي ينزل إلى الشوارع متظاهراً ضد هذا الإخواني الإرهابي، وجزء من قادة الجيش التركي نجدهم يقبعون الآن في الزنازين بلا محاكمة، فقط لأنهم عارضوا سياسات أردوغان الإرهابية وجرائمه في سورية، هذه الأسباب وغيرها في الحقيقة كثيرة، وهي من دفعت بهذا الخائن للإنسانية جمعاء المدعو أردوغان ليبحث عن حبل نجاة أمام شعبه، وهو في الحقيقة كان بذلك يقدّم نفسه لمنصة الإعدام السياسي، لأنه بالفعل انتهى واعدم نفسه بنفسه سياسياً منذ أن فكّر في قتل شعبنا العربي السوري وتقسيمه والاستيلاء على ثرواته، وهي كلها مهمات فشل فيها المجرم أردوغان فشلاً ذريعاً، لقد تضمنت مفاوضات “سوتشي” خارطة طريق لكيفية سير الأمور في مناطق خفض التصعيد، مع التزام تركيا بعدم استقدام أي تنظيمات إرهابية، ولكن أردوغان خان كل المواثيق والتعهدات الإنسانية والدولية، والنتيجة أن تلك الحدود على مشارف إدلب أصبحت مرتعاً بأوامر من المجرم أردوغان نفسه لعصابات “داعش” و”جبهة النصرة” وغيرها، وهنا كان الجيش العربي السوري، مثلما عرفناه صلباً وقوياً، أغرق تلك الحثالات الإرهابية في دماء أفعالها المشينة، وكم كان الرئيس بشار الأسد صادقاً حين قال: حلب في عيني وإدلب في عيني ولن نترك إرهابياً واحداً في سورية. والحمد لله ها نحن نتابع كيف أن سورية اليوم بحكمة قائدها وصلابة جيشها وصمود شعبها تكنس الجزء الأكبر من الإرهابيين ليصبح الحديث اليوم عن مرحلة ما بعد إدلب، مع يقيني بأن هناك انتصارات أخرى قادمة في الطريق، لأن الرئيس الأسد إذا وعد وفى، فهكذا عرفناه وخبرناه.

تراجع واضح
< تناقلت وكالات أنباء أن الرئيس الجزائري الجديد عبد المجيد تبون أبلغ أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيظ أنه لا انعقاد لقمة عربية في الجزائر  دون حضور سورية، كيف تقرؤون هذا التطوّر، وهل يمكن القول: إن هذا التصريح يؤشر لتراجع الحلف الخليجي في الجامعة العربية واعتراف بضرورة عودة سورية إلى الحضن العربي؟
<< هذا سؤال مهم، لأنه يمهّد لمعرفة موقف المغرب العربي ككل من الأزمة السورية، ومثلما قلت سابقاً: فشعوب المغرب العربي كلها دون استثناء تقف إلى جانب سورية، شعباً وجيشاً وقيادة، ولهذا فما تناقلته وكالات أنباء عن إصرار الرئيس الجزائري المنتخب السيد عبد المجيد تبون على عودة سورية من الباب الكبير إلى الجامعة العربية، وعدم انعقاد أي قمة في الجزائر لا تشارك فيها سورية، هو أمر صحيح، بل أنا أذهب أكثر من ذلك لأقول إنني سمعت هذا الطرح الرسمي للرئاسة الجزائرية من مسؤولين كبار في زياراتي الأخيرة للجزائر، وكنت صرّحت في العاصمة الجزائرية نفسها: إن جامعة عربية بلا سورية، هي كالبستان بلا ورود، وكالبحر بلا مياه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى علينا فهم مسألة مهمة، وهي أن الجزائر تعتبر من أكثر دول المغرب العربي التي تعيش استقراراً اقتصادياً ولها ثروات طبيعية كبيرة تجعلها مستقلة في علاقاتها مع الدول الجوار والصديقة ومن بينها سورية بلا أي تدخل من الحلف الخليجي التركي الأردوغاني الإرهابي، وهو حلف مخرّب، مازال يعمل على عزل سورية عن محيطها الأم بفرض إملاءات على الأنظمة العربية المنبطحة والخانعة والتي هي في خصاصة اقتصادية تجعلها خاضعة وتابعة وذليلة، ولكن الجزائر ليست كذلك، لأنها بلد المليون شهيد، ولأنها البلد الذي يقدّر سورية حق قدرها جيداً، ويدرك عمق مواقفها الوطنية والقومية، وهذا ما يجعل الرئيس الجزائري مرفوع الرأس يطالب بعودة المياه إلى مجاريها وعودة سورية باستحقاق وليس منة من أحد، وذلك لموقعها في الجامعة العربية كعضو فاعل مؤثّر يحظى بثقة معظم الدول ليس عربياً فقط، وإنما أفريقياً ودولياً.
للإشارة فقط وهذا أقوله للتاريخ، فإن أول دعوة علنية لعودة سورية إلى الجامعة العربية كانت من تونس، عبر مسيرة شاركت فيها منظمات وطنية وأحزاب عديدة، وكنت من بين المشاركين، وقلت يومها: إن الجامعة العربية هي مهزلة وعار، وهي لا تعني شيئاً من دون سورية، ولا يمكن أن يظل كرسي سورية شاغراً لإرضاء تركيا والحلف الخليجي المعادي لاستقرار الشعوب، لهذا يمكن التأكيد اليوم أن هناك بالفعل حلفاً قوياً لشرفاء الأمة بدأ في الإطاحة بحلف الشر الخليجي والتركي، وليعلم الجميع فلا توجد أي دولة ولا حلف قادر على زعزعة سورية أو إهانة شعبها، لأن سورية هي الأصل، وهي المبادئ، وهي الثبات والصمود والعزة، وستظل كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وأعرب المباركي في نهاية الحوار عن قناعته بقرب حظة الانتصار التاريخي والنهائي في سورية الحبيبة، وترحّم على شهداء سورية الأبطال، ووجّه لشعبنا في سورية رسالة من شعب تونس عنوانها: عاشت سورية حرة مستقلة إلى الأبد، وعاش جيشها الصامد، وقيادتها الممانعة والمقاومة.