“كورونا” بين جهد الصين وتعصب أمريكا
ترجمة: عناية ناصر
عن غلوبال تايمز
كشف وباء فيروس كورونا الجديد عن التعصب العميق والأسلوب المتدني لبعض النخب الأمريكية. في حين قدمت الصين تضحيات هائلة لاحتواء انتشار الوباء، وبعدما أتاحت الممارسات الناجحة المكتسبة في الصين لبلدان أخرى وقتاً كافياً لتنبيهها واستعدادها، فإن بعض الأمريكيين اتجهوا إلى تصعيد كره الأجانب وتوجيه أصابع الاتهام لزرع المزيد من الخوف والقلق بدلاً من إيجاد الحلول الحقيقية، وهو نهج أمريكي معتاد.
توكر كارلسون، المعلق السياسي والمضيف لبرنامج حواري ليلي Tucker Carlson Tonight على قناة Fox News، أطلق على فيروس كورونا اسم “فيروس كورونا الصيني” وألقى باللوم على الصين في الانتشار العالمي للفيروس، وحملها مسؤولية تأثيره السلبي في جميع أنحاء العالم.
وكارلسون ، مثل غيره من منتقدي الصينيين ، لم يدخر جهداً في نشر كره الأجانب والعنصرية. وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها الأمريكيون بذلك.
كانت العنصرية متفشية في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر بعد صدور قانون الإقصاء الصيني لعام 1882، والذي استند إلى الاعتقاد الخاطئ بأن انخفاض الأجور والصعوبات الاقتصادية التي كان يواجهها الساحل الغربي إنما هو بسبب العمال الصينيين. لقد مر أكثر من 200 عام على ذلك، لكن الغطرسة والجهل لا يزالان يخيمان على العقول الأمريكية التي تحفز على التصريحات العنصرية وغير المسؤولة. يجب على النخبة الأمريكية أن تدرك أنه لا يوجد صينيون أطلقوا على وباء “إتش 1 إن 1 ” “الأنفلونزا الأمريكية” في عام 2009، ما يعني أن الكراهية العنصرية الصريحة منذ ذلك الحين وحتى الآن تظهر أن المجتمع الأمريكي لا يزال مغلقاً، وأن النخبة الأمريكية ضيقة الأفق كما هي حالها دائماً.
ليس من المستغرب أن كارلسون لم يتوقف عند هذا الحد، فقد وصف في برنامجه صناعة الصين للضروريات اليومية التي يحتاجها الشعب الأمريكي، أو كل شيء تقريباً، على أنه ابتزاز من جانب الصين، مؤكداً أنه “تهديد وجودي” تواجهه الولايات المتحدة. إذا كانت حياة الأمريكيين العاديين مهمة حقاً لكارلسون، فينبغي أن يكون على دراية بالحكاية الترفيهية لكاتبة أمريكية كتبتها قبل 12 عاماً بيّنت فيها كيف عانت عائلتها في غياب السلع المصنوعة في الصين لمدة عام. ربما في هذه الأيام لا تستطيع الأسر الأمريكية الاستغناء عن البضائع المصنوعة في الصين ليوم واحد.
لقد وفر الانتشار الواسع للفيروس ذريعة للبعض لإلقاء اللوم على الصين. لكن نظراً لطبيعة الفيروسات، يمكن أن يؤدي أي تفشٍ للفيروس إلى أزمة عالمية للصحة العامة إذا لم تعالج البلدان ذلك في الوقت المناسب وبطريقة جادة. من الواضح أن الولايات المتحدة لا تقوم بذلك. فما هي الاقتراحات التي تود النخبة الأمريكية تقديمها؟
بغض النظر عن التدابير الفعالة والمفيدة التي اتخذتها الصين لاحتواء انتشار الفيروس وتحملها المخاطر لاستئناف العمل من أجل الاقتصاد الصيني وإعادة تشغيل سلسلة التوريد العالمية، بعض من هذه النخب الأمريكية يضخم فقط ما يسمى بالتهديد الصيني، ويسيس كل ما تفعله الصين. لسوء الحظ، كانت هذه هي الطريقة الأمريكية، في الماضي، وهي مستمرة حتى اليوم.