سياسات ترامب تسهم في تراجع مكانة أمريكا
كشفت جامعة جونز هوبكينز الأمريكية عن ارتفاع وفيات كورونا في الولايات المتحدة إلى 593، والإصابات إلى 46 ألفاً و500، لتكون بذلك ثالث أكبر دولة متضررة بالفيروس بعد الصين وإيطاليا، فيما أكدت منظمة الصحة العالمية أن هناك “تسارعاً كبيراً جداً” في عدد الإصابات في الولايات المتحدة، وأن البلاد يمكن أن تتحوّل إلى مركز جديد للتفشي، فيما رأت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في افتتاحيتها أن وباء “كوفيد 19” سيتسبب في إلحاق أضرار جسيمة بالحياة والاقتصاد الأمريكيين. وقد يشير كذلك إلى تراجع في القيادة الأمريكية في العالم، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الخسارة ستكون مؤسفة بشكل خاص، لأنه حتى أكثر من الإصابات الأخرى سيكون الضرر الدبلوماسي لا معنى له وألحق ذاتياً، مشيرة إلى أن السبب الرئيسي هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي اكتفى بمنع السفر بين الولايات المتحدة والدول الأخرى.
وأضافت الصحيفة: تتولّى الولايات المتحدة حالياً القيادة الدورية لمجموعة الدول السبع، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو الذي بادر بتنظيم قمة مجموعة السبع للتداول عبر مؤتمر الفيديو حول الفيروس، بعد فشل مكالمتين هاتفيتين له مع البيت الأبيض في دفع ترامب للتحرّك، حسبما أكدت الصحيفة، والتي تابعت: عادة، يُتوقّع أن يسافر وزير الخارجية الأمريكي حول العالم في وقت مثل هذا لجعل حلفاء الولايات المتحدة يعملون معاً على سبل لتجنب الركود العالمي، أو لزيادة إنتاج الإمدادات الحيوية، لذلك كان من المدهش أنه عندما أصدر مايك بومبيو، الذي حافظ على ظهور منخفض في الأسابيع الأخيرة، بياناً بشأن الوباء يوم الاثنين، لم يكن الأمر أكثر من إدانة أخرى لإيران.
وأكدت “واشنطن بوست” أن هذه اللحظة يمكن أن تصبح “لحظة السويس” بالنسبة للولايات المتحدة، مثل أزمة عام 1956 التي أدت إلى نهاية دور بريطانيا كلاعب عالمي، وأردفت: إن ترامب سيتحمّل المسؤولية عن استجابة أكثر من بطيئة ومتعلثمة، وهو سيترأس كسوف الولايات المتحدة كقوة قائدة للعالم.
إلى ذلك، قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر: إن جائحة كورونا قد تؤثّر في الاستعداد القتالي للقوات الأمريكية، وأضاف: “سيكون تأثير هذه الجائحة في مدى الاستعداد القتالي ملموساً في حال تطورها بالنطاقات الواسعة التي يتنبأ بها البعض على مدار وقت طويل”، مؤكداً “أن انخفاض مستوى الاستعداد في الجيش الأمريكي سيكون مرتبطاً بإلغاء بعض التدريبات العسكرية، وهذا ما بدأ يحصل بسبب الجائحة”.
في غضون ذلك، أعلن حاكم ولاية نيويورك الأمريكية، أندرو كومو، ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس إلى نحو 21 ألف مصاب، وأصدر قراراً طارئاً يوجّه المستشفيات إلى زيادة قدرتها الاستيعابية بنسبة 50%، استجابةً لارتفاع حالات الإصابة بنسبة 38%، مقدّراً أن 80% من سكان الولاية البالغ عددهم نحو 19 مليون نسمة سيصابون بالفيروس التاجي.
وكان عمدة واشنطن قد أعلن في وقت سابق حالة الطوارئ بسبب كورونا بعد تسجيل إصابات جديدة، فيما قال مصدر مطلع: إن ترامب يتجه إلى إعلان تفشي الفيروس في الولايات المتحدة “كارثة” على المستوى الوطني.
وعلى خطٍّ موازٍ، أبدى عشرات البرلمانيين الأمريكيين تأييدهم لفكرة تعديل النظام الداخلي للكونغرس لإجازة التصويت عن بُعد، في إجراء يتناقض مع قاعدة متّبعة منذ قرنين من الزمن، ويرمي إلى تمكينهم من مواصلة عملهم التشريعي، في ظل قيود الحجر الصحي والمخاطر الناجمة عن تفشي كورونا في الولايات المتحدة.
وفي مجلس النواب الأمريكي، وقّع 67 نائباً ديموقراطياً على عريضة تطالب بأن يُسمح خلال حالات الطوارئ الوطنية بتعليق العمل بالقاعدة القانونية المعمول بها منذ نحو 200 عام، والتي تفرض على النواب أن يحضروا شخصياً إلى قاعة مجلس النواب لكي يتمكّنوا من المشاركة في أي عملية تصويت.
أما صاحب هذه المبادرة، النائب إريك سوالويل، فشدد من جهته على المخاطر الصحية التي ستحدق بأعضاء الكونغرس إذا ما اضطروا للتنقل باستمرار بين واشنطن ودوائرهم الانتخابية في كل مرة يحتاجون فيها إلى التصويت في ظل الوباء المتفشي في البلاد.
كما أيّد أعضاء “جمهوريون” في مجلسي النواب والشيوخ هذه المبادرة منذ أن أعلن ثلاثة برلمانيين على الأقل إصابتهم بفيروس كوفيد-19، وإعلان آخرين وضع أنفسهم في العزل المنزلي على سبيل الاحتياط.
كذلك يبحث الكونغرس أيضاً فرض قيود جديدة على التجمّعات في مبنى الكابيتول.
وتعتبر هذه المسألة أكثر أهمية في مجلس الشيوخ، حيث يتمتع الجمهوريون بأغلبية ضئيلة للغاية (48 مقعداً مقابل 47 للديموقراطيين). وقد وضع خمسة سيناتورات أنفسهم في عزلة طوعية.