أخبارصحيفة البعث

ثقافة الحوار والغد الأفضل

د. عدنان محمد أحمد

عندما ينجح الطبيب في تحديد سبب الألم يصير الشفاء مسألة وقت. ومن هذا المنطلق، يحق لنا أن نتفاءل بغد أفضل بعد الأفكار التي عرضها الرفيق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، السيد الرئيس بشار الأسد، في لقائه الأخير مع مفكرين وأكاديميين وكتّاب بعثيين، فلقد أشار بوضوح لا لبْس فيه إلى أسباب معاناة السوريين، وأرجع قسماً عظيماً من تلك الأسباب إلى غياب ثقافة الحوار، وهو غياب أدى إلى ضبابية في الرؤية، وهذه أدّت بدورها إلى العجز عن سلوك الطريق الصحيح نحو تحقيق الطموحات والآمال. وأشار الرفيق الأمين العام للحزب إلى أن الغاية من اللقاء لم تكن تقديم إجابات عن التساؤلات التي طرحت، بل كانت وضع تلك التساؤلات على طاولة الحوار، ودعا الجميع إلى التفكير الجاد فيها، والتحاور من أجل إيجاد إجابات شافية لها.

وأهمية ثقافة الحوار لا تنبع من كونها تؤدي إلى فهم الآخر والتعاون معه من أجل بناء مستقبل أفضل، فحسب، بل من كونها تولّد أفكاراً جديدة على الدوام، أيضاً. فالحوار الصحيح بين شخص وآخر لا ينتهي بمعرفة كل منهما ما لدى الآخر، بل لا بد من أن تتولّد فكرة، أو أفكار جديدة، لم يكن يعرفها أحدهما من قبل. فالأفكار تتلاقح وتتوالد، وينتج من ذلك أفكار جديدة على الدوام، كما تتلاقح الأزهار باجتماعها فتنتج أزهاراً جديدة، وهذه سُنّة الطبيعة، وهذه سُنّة الكون. ولذلك يمكن القول بيقين: إن الحوار ضرورة لمن يريد أن يكون له مستقبل يرضاه.

ثقافة الحوار تؤدي، أيضاً، إلى فهم أوضح للمفاهيم. ووضوح المفاهيم ضرورة من ضرورات وضوح الرؤية ومعرفة الأهداف. وقد أشار الرفيق الأمين العام للحزب إلى ذلك، وبيّن كيف أن المفاهيم تتطور بتطور الحياة لتكون قادرة على مواكبة مستجداتها، ولذلك من الخطأ الاعتقاد بجمودها واتخاذ موقف منها يقوم على هذا الاعتقاد، وأعطى مثلاً على ذلك مفهوم “الاشتراكية”، وأوضح كيف أن هذا المفهوم لم يعد يعني ما كان يعنيه منذ عقود خلت، بل اكتسب مضموناً جديداً يلائم المستجدات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الهائلة التي شهدها العالم خلال تلك العقود.

إن دعوة الرفيق الأمين العام للحزب إلى ثقافة الحوار هي دعوة إلى الوعي الوطني الذي يجعل الانتماء إلى الوطن فوق كل الانتماءات التي بدأت تتنازع السوريين بقوّة خلال سنوات الحرب الظالمة على سورية، بدعم لا محدود ممن لا يريدون الخير لسورية، أو لأهلها.. هي دعوة إلى فهم الواقع لتغييره نحو الأفضل.. هي دعوة لكل السوريين المخلصين إلى المشاركة في بناء سورية الغد، وإلى تحمّل مسؤولياتهم اتجاه وطنهم ومستقبله.

قلت في البداية إن الشفاء يصير مسألة وقت عندما ينجح الطبيب في تحديد سبب الألم، وعليّ أن أضيف أن الشفاء لا يتمّ إلا بتعاون بين الطبيب والمريض، وهذا يقتضي تمتّع المريض بإرادة بلوغ الشفاء، ورغبته في ذلك. وإرجاع الرفيق العام للحزب، الدكتور بشار الأسد، قسماً عظيماً من مشكلات السوريين إلى غياب ثقافة الحوار، يعدّ دعوة إلى اعتماد الحوار بوصفه علاجاً مناسباً لتلك المشكلات، ولا شك في أن جميع السوريين المخلصين يتمتعون بإرادة الانتصار على تلك المشكلات، ويتطلعون إلى سورية آمنة، قوية، فاعلة.