الأسرى يصعّدون مقاومتهم.. إشعال النيران في معتقل نفحة
يخوض العالم صراعاً هذه الأيام ضد وباءً لم يشهده من قبل. أمّا الكيان الصهيوني، فقد وجد في هذا الفيروس “حجة” لقتل الأسرى، والتخلّص من عبئهم، وبدلاً من اتخاذ التدابير الوقائية في المعتقلات سحب كل احتياجات الأسرى الأساسية، وهو ما دفع الحركة الأسيرة إلى خطوة احتجاجية، قد لا تكون إلا البداية، ضد سلطات قرّرت حرمانهم 140 صنفاً من الأغذية والمنظّفات.
أمام هذه الإجراءات القمعيّة، التي لا تجد من يردعها، ووسط صمت دولي يصل حدّ التواطئ، قرّرت الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال الشروع بإجراءات تصعيدية منها إغلاق الأقسام، وإطلاق معركة الأمعاء الخاوية، مهدّدة باتخاذ مزيد من الخطوات إذا لم تستجب سلطات الاحتلال لمطالبها بتعقيم الزنازين، وإدخال المنظّفات، واللوازم الطبّية وغيرها لمواجهة الوباء.
الإجراءات بدأت على أرض الواقع عبر إقدام الأسير أيمن الشرباتي الملقب بـ”المواطن”، على إشعال النيران بورق التواليت وإلقائها على غرفة شرطة الاحتلال بمعتقل “نفحة” الصحراوي، مما أدّى إلى حرق جزء من الباب الخشبي لغرفة الشرطة، وذلك احتجاجاً على تجاهل إدارة المعتقل لمطالب الأسرى وإهمالها لهم، وعدم قيامها باتخاذ الاجراءات والتدابير الصحية اللازمة لمواجهة كورونا، حسبما أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، والتي أوضحت أنه جرى نقل الأسير الشرباتي إلى زنازين العزل الانفرادي داخل المعتقل، وأن حالة من التوتر والاحتقان تسود بين صفوف الأسرى بعد قيام الإدارة بإغلاق أقسام المعتقل.
ولفتت إلى أن إدارة معتقلات الاحتلال تسعى في الفترة الأخيرة إلى استغلال الظرف الراهن في ظل انتشار فيروس كورونا، والإمعان في فرض المزيد من الإجراءات التنكيلية بحق الأسرى، وبدلاً من أن تزوّد الأسرى بمواد التنظيف والتعقيم داخل الأقسام كحد أدنى من الإجراءات الوقائية، تواصل إجراءاتها التنكيلية بحقهم بتضييق الخناق عليهم.
وسحبت مصلحة إدارة سجون الاحتلال الأطباء والممرضين من السجون، وأبقت على ممرض واحد فقط في كل سجن، في إطار سياسة الإهمال الطبي بحق الأسرى.
وحمّلت الهيئة سلطات الاحتلال المسؤولية كاملة عن حياة الأسرى وأرواحهم، لا سيما وأنهم محتجزون داخل سجون تفتقر إلى أدنى شروط الصحة والسلامة وتعتبر بيئة حاضنة لانتشار وباء كورونا، وطالبت مؤسسات المجتمع الدولي بضرورة التدخّل والضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن الأسرى، وخاصة أن الخطر يهدد حياتهم بعد تفشي الوباء بالمئات داخل الكيان الصهيوني، لا سيما بين الجنود والمحققين.
يذكر أن الإصابات تخطت في كيان الاحتلال عتبة الألف إصابة، رغم محاولات سلطات الاحتلال الحدّ من رقعة تفشي الوباء، إذ عمدت إلى إعلان حالة الطوارئ واتخاذ تدابير كثيرة ملحقة بالحالة. كما رُصدت ميزانيات ضخمة لتجهيز مستشفيات ومرافق موقّتة، حتى وصل الأمر إلى تجهيز بعض مواقف السيارات في المجمعات التجارية الضخمة، وتفريغ بعض الفنادق لغرض الحجر الصحي. مع ذلك، فإن أعداد المصابين والمحجورين احتياطاً لا تزال ترتفع، بينهم جنود في الجيش وضباط ومسؤولون كبار في الأجهزة الأمنية، ما يعني تبعاً لذلك ارتفاع احتمال وصول الإصابات إلى قلب السجون المكتظة بالأسرى الفلسطينيين.
يشار إلى أن الأسير شرباتي (51 عاماً) من مدينة الخليل، معتقل منذ عام 1988 ومحكوم بالسجن لمدة 100 عام، وتنقّل بين عدة معتقلات، وقام قبل عدة أشهر بحرق علم الاحتلال في إحدى المعتقلات.
وفي سياق متصل، أوضح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر أن أحد محاميي الهيئة تواصل مع الأسرى الأربعة الخاضعين للحجر الصحي في مستشفى سجن الرملة للاشتباه بإصابتهم بفيروس “كورونا”، مشيراً إلى أن حالتهم الصحية مطمئنة ولم تظهر عليهم أي أعراض وتجري لهم فحوصات دائمة، ودعا اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكافة المؤسسات الحقوقية إلى التحرّك لإلزام سلطات الاحتلال بتطبيق كافة البروتوكولات الدولية المتعلقة بالأسرى وحمايتهم وتوفير الرعاية الصحية لهم.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية طالب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتحرك فوراً لزيارة الأسرى في سجون الاحتلال، وحمايتهم وإجراء الفحوصات اللازمة للأسرى المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا في سجن مجدو، وتطبيق البروتوكولات الدولية الخاصة بتوفير سبل الحماية للأسرى في حالات انتشار الأوبئة كما هو الحال الآن، وجدد خلال استقباله، الثلاثاء، في رام الله، رئيس بعثة الصليب الأحمر في القدس دانيال دوفيلار، المطالبة بالسعي للإفراج عن جميع الأسرى، خاصة المرضى منهم وكبار السن والأطفال والنساء، لحمايتهم من وباء قد لا يمكن السيطرة عليه.