الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

سموقان: أحبُّ أن أسمع موسيقا الأشكال التي أرسمها

يثبت الفنان التشكيلي سموقان في مجمل أعماله المفتوحة على جمالية اللغة البصرية بكل تجلياتها ومضامينها في تجربته الغنيّة والثرّة على مدى عقود من الزمن أنه يجيد إتقان فن الرؤية والإصغاء لموسيقا اللون فيقول: أنا من النوع الذي يعمل على مشروع معيّن حيث مواضيعي هي البحر والإنسان والأسطورة والغابة فأقوم بالدراسة النظرية لموضوع ما ومن ثم أرى وأراقب من أجل الحفاظ على الجانب المنسجم، أضع اللون فوق اللون، الماء فوق الماء كما هي الأوراق حيث تتوضع ورقة الشجر فوق الأخرى والوجه فوق الآخر. ويضيف سموقان: أراقب نفسي وألحظ جيداً الشكل الأول والخط الأول –الجذر ومهما علاه من أكداس الديس والقمح أو أكداس القش والعفش، أرى حركة اليد الأولى وفعلها اللوني أراقب حالات الغضب والجنون في الصمت والهيجان كحالة من التدريب لليد والعين والأذن، ويصف هذا التفاعل بأنه فن الرؤية والإصغاء لموسيقا اللون حيث الأبيض فوق الأبيض والأزرق فوق الأزرق، الماء فوق الماء، والملح يعلوه الملح، حيث يلمح المشاهد وجوها أو أوراقا ذابلة فوق أخرى خضراء، وتنتصر إرادة الشرَه اللوني، ويؤكد الفنان : هكذا أبني للعمل على بياض اللوحة وكلمة بياض هنا لا تعني اللون، لست مع هؤلاء الذين يحمّلون الشكل فوق طاقته فأغلب الناس وخصوصا الذين يتعاملون مع الأدب يبحثون عن المضامين وعن القصدية والغاية من حضور الشكل، لكن الشكل لدي هو الذي يحمل الفكرة وليس العكس.

وعن حضور الشكل في العمل الفني يقول: طالما أن هناك آلية لحضور الشكل في سياقات متعددة أعتمد على شيء اسمه (الإظهار) في وقت محدد وزمان معين لذلك أنا ضد أي شيء اسمه فكرة اللوحة، ولستُ صانع أفكار، بل موجّه للأبصار، أريد أن أعوّد المتلقي على رؤية الشكل أولاً ورؤية نفسه ثانيا، والرؤية هي فنّ يدرّس أو لنقل أنها تربية بصرية ، والفكرة لديّ هي فقط أن أحقّق الراحة للأشكال التي أرسمها ، وهذه المعادلة لا تتم إلا أثناء تنفيذ العمل وبطريقة توليدية فأرسم في كل الأوقات ، أحب الهدوء، وما يسمى موسيقا بالنسبة للآخرين هو ضجيج بالنسبة لي ، لذا فخير مكان للرسم هو المرسم الخاوي من أي شيء، أحبُّ أن أسمع موسيقا الأشكال التي أرسمها وأستمع لموسيقا نفذتُها مسبقا وأحاول أن أبني عليها الأبيض دوما، ومن اللعب باللون والإحساس بصمته وصوفيته أختار النور حيث يتوضع على نور آخر ومهما تساقطت الأوراق والوجوه، وعلى هذا التوهج تبقى أشعة خلفية متسربة من تحت كل هذه الأكداس فيزداد الضياء وهجاً وهنا مكمن الرؤيا واكتشاف الروح لتكوين حكاية اللوحة.

مروان حويجة