استهتار أردوغان يضع تركيا في قلب كارثة صحية
حذّر أطباء أتراك من كارثة صحية كبيرة في البلاد بسبب استهتار نظام “حزب العدالة والتنمية” مع وباء كورونا منذ البداية، فيما أكد النائب عن حزب الشعب الجمهوري، آوتكو جاكير آوزار، أن تهاون رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في اتخاذ الاجراءات اللازمة لاحتواء الفيروس هو السبب في تفشيه في معظم أرجاء البلاد.
وأوضح جاكير آوزار، خلال مؤتمر صحفي في مقر البرلمان أمس، أنه على الرغم من خطورة الوضع فليس هناك أي تفسير منطقي لموقف أردوغان، الذي لم يعلن منع التجوّل في عموم البلاد، وهو ما أوصت به الهيئة العليا للأبحاث العلمية المكلّفة بمتابعة تطورات كورونا، وأضاف: إن أردوغان تأخّر في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع من كانوا يؤدون مناسك العمرة في السعودية في الحجر الصحي لمدة 14 يوماً للتأكّد من عدم إصابتهم بالفيروس، وفي اتخاذ قرار إغلاق الجوامع ومنع صلاة الجمعة والجماعة، وكان هذا الأمر من أسباب تفشي الوباء في 30 ولاية تركية، بعد أن وصل عدد المصابين إلى عشرة آلاف ووفاة 131 تركياً حتى الآن، كما أنه تم تهديد كل من يعارض وينتقد سياسات ومواقف أردوغان بشأن تعامله مع تداعيات انتشار كورونا في البلاد.
ولفت إلى أن قرار العفو عن السجناء، الذي تستعد السلطات لإصداره، يشمل كل المجرمين العاديين مع الإبقاء على الصحفيين والسياسيين والمثقفين المعارضين لأردوغان، والذين لفّقت لهم اتهامات لسجنهم، وأشار إلى أن ممارسات النظام التركي جعلت البلاد في المرتبة 157 فيما يتعلق بحرية الصحافة وحرية التعبير عن الرأي، ولاسيما بعد ازدياد أعداد الصحفيين في السجون التركية لأن أردوغان لا يتحمّل أي انتقاد أو معارضة، ولا يرحم أحداً.
من جانبه، قال طبيب جراحة القلب والأوعية الدموية، الدكتور بينكور سونميز في مداخلة، إن تركيا وقعت في نفس الأخطاء التي وقعت فيها كل من ايطاليا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة بسبب تهاون واستهتار النظام بقيادة أردوغان في اتخاذ إجراءات قادرة على الحد من الوباء، واعتبار البلاد بعيدة عن الخطر الداهم، وأضاف: “تأخّرت بلادنا في مواجهة الوباء بعد أن زعمنا ان الفيروس لن يصيبنا، وهو اليوم ينتشر مثل النار في الهشيم، واليوم الدول الكبيرة مثل ايطاليا وفرنسا والولايات المتحدة تكتشف حجم الأخطاء، أما الموقف البريطاني فهو مخجل للغاية”، مضيفاً: “في أيام طفولتنا لم يكن لقاح الحصبة منتشراً مثل اليوم، فكانت أمهاتنا ترسلنا إلى الأطفال المطعمين ضد الحصبة لكي نلعب معهم ويحصل تطعيم طبيعي بحسب عقلية تلك الفترة. وكذلك تصرفت إنكلترا مثلما تصرّفت والدتي قبل 60 أو 70 عاماً، فأصيب الجميع بالفيروس بما في ذلك العائلة المالكة”.
وقارن البروفيسور بين الموقف الايطالي الذي تساهل مع انتقال الوباء عبر المدن، بعد أن كان محصوراً في مقاطعة لومباردي الثرية، مشيراً إلى بلاده نسجت على نفس المنوال، مضيفاً: “تركيا هي الأخرى سقطت فيما سقطت فيه إيطاليا أيضاً.. نحن كذلك لم نستطع منع الرحلات الداخلية بين المدن. فمثلاً مجموعة من المواطنين شاركوا في صلاة جنازة أقيمت في بلدة آكسيكي بمدينة أنطاليا وتسببوا في تفشي كورونا بين أهل البلدة، وإلا فكيف وصل هذا الوباء إلى هذه المنطقة الجبلية؟! المعتمرون هم من تسببوا في تفشي الفيروس، والآن باتت تركيا على موعد مع كارثة كبيرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى”.
وحذّر الطبيب من إمكانية انهيار المنظومة الصحية في تركيا مع تضاعف اعداد المرضى وإصابة الطواقم الطبية والصحية في البلاد.
ووضعت تركيا 39 منطقة سكنية قيد الحجر الصحي اعتباراً من أمس الاثنين من أجل احتواء تفشي فيروس كورونا المستجد الذي أودى بحياة 131 شخصاً في البلاد، وقالت وزارة داخلية أردوغان: إن الحجر الصحي فُرض على مدينة وست ضواحي و28 قرية وأربعة تجمعات سكنية أصغر بعد أن قفز عدد حالات الإصابة المؤكّدة في تركيا إلى 9217 حالة بزيادة 1815 حالة جديدة.
ومن بين أحدث الإجراءات للحد من انتشار الفيروس، أوقف النظام التركي رحلات القطارات بين المدن، وقلّص رحلات الطيران الداخلية، فيما طالبت المعارضة الرئيسية في البلاد بإصدار أمر بالبقاء في المنازل.
ويأتي التعامل المتساهل من قبل السلطات التركية منذ بداية انتشار العدوى نتيجة الخوف من التداعيات الاقتصادية في حال فرضت إجراءات أكثر قوة مثل حظر التجوال أو الحجر الصحي الشامل. ومن المنتظر أن تعاني قطاعات اقتصادية هامة في البلاد لتداعيات الفيروس، خصوصاً قطاعي السياحة والطيران.