رغم أنها زراعة استوائية مستقدمة من الخارج.. “القشطة” السورية أمام أسواق تصديرية محتملة
دمشق ــ حسن النابلسي
سلطت إحدى الدراسات الصادرة عن المركز الوطني للسياسات الزراعية الضوء على الأسواق التصديرية المحتملة لمحصول القشطة، الذي تم إنتاجه خلال السنوات الأخيرة في الساحل السوري ضمن سياق استقدام أنواع جديدة من الأشجار المثمرة من خارج البيئة المحلية عُرفت بالزراعات الرديفة.
وأشارت الدراسة، التي حملت عنوان “اقتصاديات إنتاج القشطة وآفاق تصديرها”، إلى أنه إذا ما تم في السنوات القادمة التوسع في زراعة القشطة لشمل المناطق المناسبة لمتطلباتها المناخية، فسيزداد إنتاجها لتغطي الاستهلاك المحلي، كما يمكن أن تفتح آفاقا كبيرة لتصديرها، وخاصة مع ارتفاع سعرها في جميع أنحاء العالم، بحيث تغطي تكاليف نقلها، وتحقق عوائد اقتصادية كبيرة.
وعرضت الدراسة التي اطلعت عليها “البعث” بعض الأسواق المفتوحة لتصدير القشطة السورية في المستقبل، والتي يتصدرها السوق الأردني، إذ أن القشطة في الأردن لا تزال تزرع لغايات البحث العلمي فقط، ونوهت الدراسة إلى أنه وبحسب بيانات وزارة الزراعة الأردنية تصل كمية المستورد من القشطة إلى نحو 30 ألف طن سنويا، وبثمن عال بصل إلى 11 دولار للكغ الواحد، ما يعني وجود هامش ربح كبير عند تصدير هذا المنتج إلى السوق الأردنية عن طريق نقلها برا، خاصة بعد فتح معبر نصيب الحدودي.
وتطرقت الدراسة إلى السوق العراقية حيث يمكن الوصول إليها من خلال الشحنات البرية ذات الميزة العالية، فالمستهلك العراقي متجاوب مع المنتجات السورية المصدرة، لاسيما وأن الجانب العراقي سبق وأن أبدى إعجابه بالمنتجات الاستوائية المجربة حديثا في سورية وذلك خلال توقيع اتفاقية في المعرض الزراعي التصديري الأول عام 2018.
كما وتعتبر السوق الإماراتية من أكبر الأسواق العربية المستوردة للمنتجات البستانية الطازجة، وتأتي الإمارات في الرتبة الأولى بين الدول العربية من حيث حجم وقيمة الواردات من الحاصلات البستانية الطازجة، وذلك يؤكد أهمية وحجم هذا السوق، علاوة على أن من أهم خصائص ومميزات نافذة تسويق الإمارات هو وجود قبول ذاتي للمنتجات السورية لدى المستهلكين الإماراتيين، إضافة إلى وجود عدد كبير من المهاجرين السوريين الذين يشكلون قوة شرائية ممتازة للمنتجات السورية وباعتبارهم أيضا وسيلة ترويج يمكن استغلالها، فضلا عن أن الإمارات تمتلك قوة شرائية عالية نظرا لارتفاع مستوى دخل الفرد، وهي أكبر الأسواق الحرة في الوطن العربي، حيث يزورها سنويا آلاف الزوار والسائحين سواء للتجارة المباشرة أم لزيارة المعارض ومهرجانات التسوق التي تقام فيها سنويا، فضلا عن أن القشطة كسلعة مرتفعة الثمن يمكن تصديرها جوا.
وخلصت الدراسة إلى مقترحات عدة تمحورت حول تشجيع زراعة القشطة في مناطق الساحل السوري باعتبارها المنطقة الملائمة لها، ضمن خطة تعتمد دراسة جدوى اقتصادية لكافة الأشجار الاستوائية خاصة من الناحية التسويقية، على أن تكون ضمن الحدود المناسبة التي تشمل الشريط الساحلي حتى مسافة 7 كم عن البحر، ومن الحميدية جنوبا حتى جبلة شمالا.
واقترحت الدراسة أيضا إكثار الغراس الجيدة المطعمة للقشطة إلى سورية من بلاد المنشأ، لتخفيف العبء الكبير عن المزارعين، والبدء بإجراء التجارب على الغراس وتطعيمها بأصناف ملائمة من قبل مراكز البحوث الزراعية التابعة لوزارة الزراعة ومن ثم توزيعها على الفلاحين، والاهتمام أكثر بالأصناف الاستوائية الأخرى الملائمة للبيئة الساحلية، وإعداد أوراق عمل ودراسات بحثية حولها لدراسة الأصناف المناسبة بجدية، ومعرفة خصائصها الزراعية والاقتصادية والجدوى من زراعتها مثل “المنغا- الدراغون- السدر- السابوتا – الشيكو – الليتشي.. إلخ”، إضافة إلى البحث الدائم عن أسواق تصدير خارجية للقشطة من خلال المشاركة الدائمة في المعارض الزراعية التصديرية التي تعد أكثر الطرق كفاءة لاختبار تقبل السوق، وجذب المستثمرين للمنتجات السورية خاصة بعد بدء التعافي من منعكسات الأزمة، وتطوير الاتفاقيات التجارية مع الدول الصديقة مع الاستفادة من الدعم الحكومي والتسهيلات المقدمة للتصدير، مما يسهم في تمهيد الطريق لعودة الاسم السوري للانتشار في الأسواق العربية والعالمية.