الفوارق الاجتماعية تتعمق في أمريكا
مع انتشار وباء كورونا، ظهرت بجلاء هشاشة أوضاع الملايين في الولايات المتحدة، كما ازدادت الفوارق الاجتماعية، إذ طالت الأزمة الصحية بالمقام الأول الأسر المتدنية الدخل والطبقات الوسطى.
وأوضح الخبير في “مجلس العلاقات الخارجية”، إدوارد ألدن، ملخصاً الوضع: “إنها ضربة هائلة سُدّدت إلى ملايين الأمريكيين الذين كانوا بالكاد تعافوا من الأزمة المالية عام 2008”.
ومع ازدهار الاقتصاد الأمريكي، سجلت الأجور المتدنية في نهاية 2019 زيادة بوتيرة غير مسبوقة منذ 20 عاماً، بعدما فرض عدد من الولايات حدا أدنى للأجور للساعة الواحدة.
غير أن شهر آذار حلّ ومعه خسارة 701 ألف وظيفة، فوضع حداً لاستحداث الوظائف، الذي كان مستمراً منذ أكثر من 8 أشهر، وارتفعت نسبة البطالة مجدداً إلى 4.4% بعدما انخفضت إلى أدنى مستوياتها التاريخية في شباط.
ولم يكن الرئيس دونالد ترامب، المرشح لولاية ثانية في انتخابات تشرين القاني القادم، يفوّت فرصة للإشادة بتراجع البطالة في صفوف الأمريكيين من أصل أفريقي والمتحدرين من أمريكا اللاتينية إلى أدنى مستوياتها. لكن خلف هذه الصورة الزاهية، كان التباين الاجتماعي يزداد باستمرار بين الأكثر ثراء الذين راكمواً أرباحاً طائلة في وول ستريت، والـ90% من الأمريكيين المصنفين في أسفل السلم الاجتماعي.
ورأى رئيس قسم الاقتصاد في مكتب “أوكسفورد إيكونوميكس” غريغوري داكو، أن الانكماش الذي سيلي تفشي وباء كورونا “سيزيد من حدة التباين الاجتماعي” لأن “خسارة الوظائف بشكل مباغت تتركز في قطاعات الخدمات المتدنية الدخل” في بلد قلّما يتضمن شباك أمان اجتماعي ويبقى معدل الادخار فيه متدنياً جداً لا يتعدى 8%.
وتجاوز عدد الوفيات المسجلة الناجمة عن فيروس كورونا في الولايات المتحدة، السبت، حاجز 8 آلاف حالة، فيما بلغت حصيلة الإصابات 300 ألف.
بالتوازي، واصل كورونا تفشيه في ولاية نيويورك حاصداً عدداً كبيراً من الأرواح، في وقت وجّهت السلطات نداء طارئاً للمتطوعين للانضمام إلى جهود مكافحة الوباء في بؤرة انتشاره في الولايات المتحدة، فيما يؤكّد مسؤولون حكوميون أن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، استغرقت شهراً منذ تفشي الفيروس لفرض قيود على السفر، وسط خلافات شديدة داخلها.
وذكر مسؤولان حكوميان، مطلعان على ما دار من مداولات بخصوص فرض قيود، إن العاملين في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية ووكالات اتحادية أخرى ظلوا خلال تلك الفترة يتجادلون في كل شيء من أفضل السبل لفحص المسافرين المرضى إلى الأثر الاقتصادي لأي قيود تفرض، وتابعا: إن العاملين في مجلس الأمن اقترحوا في النهاية على كبار المسؤولين في الإدارة فرض قيود مشددة على السفر غير أن ترامب استغرق أسبوعاً آخر على الأقل قبل إقرارها.
وقال مسؤولان سابقان في مجلس الأمن القومي وأحد المسؤولين الحكوميين المشاركين في المداولات: إن ماثيو بوتينجر، نائب مستشار الأمن القومي، واجه معارضة في الاجتماعات من وزيري الخزانة ستيفن منوتشين ومدير المجلس الاقتصادي القومي لاري كدلو، واللذين أبديا قلقهما من التداعيات الاقتصادية لمنع المسافرين القادمين من الصين.
ويزعم ترامب أنه أبطأ دخول الفيروس القاتل إلى الولايات المتحدة من خلال “خطوات حاسمة”، لكن الأرقام التي استشهدت بها إدارته تبيّن أن كل يوم تدور فيه المداولات حول إجراءات السفر يصل إلى الولايات المتحدة نحو 14 ألف مسافر قادمين من الصين. وكان من بينهم مسافر قادم من ووهان إلى سياتل اتضح أنه أول حالة إصابة بالفيروس تتأكّد في الولايات المتحدة.
واستمرت المعركة داخل البيت الأبيض على كيفية منع المسافرين المصابين من الصين، وما إذا كان من الضروري اتخاذ مثل هذا الإجراء تسعة أيام أخرى.
وفي 31 كانون الثاني أصدر ترامب قراراً بمنع دخول أي مسافرين غير أمريكيين ممن سافروا إلى الصين خلال الأسبوعين السابقين. واستثنى من الحظر افراد أسر المواطنين والحاصلين على إقامة دائمة. وتمّ بعد ذلك توسيع نطاق القيود لتشمل دولاً أخرى عديدة.
ولم يتضح متى علم ترامب باقتراح مجلس الأمن القومي وما دفعه للتحرّك غير أن القرار جاء بعد إعلان منظمة الصحة العالمية في اليوم السابق أن الوباء أصبح “حالة طارئة في الصحة العامة تدعو للقلق على المستوى العالمي”.
إلى ذلك يشدّد جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي الأسبق، والمرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية المقبلة، أن ترامب هو أسوأ رئيس أمريكي في التعامل مع الأزمات الصحية.
وكتب بايدن، الذي ينتمي للحزب الديمقراطي: “في كانون الثاني الماضي، دعوت لتحرّك فوري من لمحاربة الخطر المتنامي، الذي كان يمثله فيروس كورونا المستجد، وذلك بعد ظهوره في الصين”، وتابع: “أساء ترامب تقدير الموقف، وقلل من حجم الخطر، الذي يمثله فيروس كورونا المستجد”، وأضاف: “ما زلت أحتفظ برأي منذ ذلك الحين، وهو أن ترامب هو أسوأ قائد يمكنه أن يقود الناس في مواجهة الأزمات الصحية”.