ابتزاز ترامب وصل إلى “الصحة العالمية”!
منذ وصوله إلى الحكم في مطلع العام 2017، يبتز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدول الحليفة والرافضة لسياسات واشنطن، على حد سواء، عبر التهديد والوعيد، وفرض العقوبات الاقتصادية، فبعد تهديده الهند بالانتقام منها في حال لم تسمح بتصدير عقار الهيدروكسيكلوروكين الخاص بعلاج الملاريا، والذي اعتبره ترامب عاملاً لإحداث تغيير فيما يتعلّق بمكافحة فيروس كورونا المستجد، وجّه، أمس، سيلاً من الاتهامات لمنظمة الصحة العالمية بشأن الجائحة، مهدداً بتجميد التمويل الأمريكي لها.
وقال ترامب: “إن المنظمة الدولية أخطأت الوصف” فيما يتعلق بالفيروس، زاعماً أن نهجها “يتمحور حول الصين حيث اتبعت جهود بكين منذ شهور للتقليل من خطورة تفشي المرض”، وأضاف: “إنه سيقطع التمويل الأمريكي عن المنظمة”، ليتراجع فيما بعد ويقول: “إنه سينظر بقوة” في مثل هذه الخطوة.
وفي سياق محاولاته للتهرب من المسؤولية عن التقصير والفشل في مواجهة انتشار وباء كورونا في الولايات المتحدة، والذي بدأ يأخذ منحاً قياسياً، قلّل ترامب من أهمية مذكرات صدرت في كانون الثاني الماضي عن مستشار كبير حذّر فيها بشكل مبكر من وباء فيروس كورونا المحتمل، حيث زعم أنه “لم يرها في ذلك الوقت”.
وادّعى ترامب أنه لم يكن على دراية بالمذكرات التي أصدرها المستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو، التي حذّرت في وقت مبكر من أنه يمكن أن تكلف أزمة انتشار وباء كورونا الولايات المتحدة تريليونات من الدولارات، وتعرّض صحة الملايين من الأمريكيين للخطر، وقال ترامب: “إنه لم يكن ينوي التصرّف قبل الأوان عندما لم يكن من الواضح كم هو الوضع رهيب”.
يذكر أن ترامب تعرّض لانتقادات لاذعة من قبل العديد من السياسيين والنواب الأمريكيين بسبب أسلوب تعامل إدارته البطيء مع أزمة تفشي فيروس كورونا، والتي أودت بأرواح الآلاف من الأمريكيين وإصابة مئات الآلاف منهم.
وخرجت “الصحة العالمية” عن صمتها بعد تهديد ووعيد ترامب، وقال مدير الفرع الأوروبي للمنظمة التابعة للأمم المتحدة، هانس كلوغي، أثناء موجز صحفي عقده أمس، “لا نزال نواجه حتى الآن مرحلة حادة من الجائحة، وهذا الوقت ليس مناسباً لخفض التمويل”، فيما دافع كبير مستشاري الأمين العام للمنظمة، بروس أيلوارد، عن علاقات المنظمة مع الصين، ورفض اتهامات ترامب بانحياز “الصحة العالمية” لبكين، وأوضح أن التعاون مع الصين بغية “الوصول إلى كل ما يمكن” في المراحل المبكرة من الجائحة كان يحظى بأهمية حرجة، بغية دراسة الفيروس الجديد الذي بدأ تفشيه في العالم من مدينة ووهان الصينية أواخر كانون الأول الماضي، وتابع: “هذا ما فعلناه مع كل دولة متضررة أخرى مثل إسبانيا، ولم يكن هناك أي شيء استثنائي في تعاملنا مع الصين”.
كما دافع أيلوارد عن التوصيات التي قدمتها المنظمة إلى الإدارة الأمريكية بترك الحدود مفتوحة مع الصين، والتي استدعت انتقادات شديدة من قبل ترامب، مشيراً إلى أن السلطات الصينية كانت تعمل بدأب على تحديد جميع حالات الإصابة وقائمة اتصالاتها بغية منع انتشار الفيروس إلى خارج حدود البلاد.
من جانبه، قال تشاو لي جيان، المتحدّث باسم وزارة الخارجية الصينية،: “إن تيدروس أدهانوم جيبريسوس رئيس المنظمة لعب دوراً مهماً في تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الوباء.. ستواصل الصين دعم عمل منظمة الصحة العالمية في تنسيق الجهود الدولية لمكافحة الفيروس”، واعتبر المتحدّث أن وقف المدفوعات الأمريكية لمنظمة الصحة العالمية سيكون له تبعات سلبية على “المكافحة العالمية للفيروس”.
يأتي ذلك فيما أعلنت جامعة جونز هوبكينز الأميركية أن هناك حوالى 2000 وفاة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة خلال 24 ساعة، فيما أقال ترامب رئيس مجلس مراقبة صرف ميزانية الطوارئ، غلين فاين، الذي عيّنه الكونغرس للإشراف على آليات صرف الميزانية الضخمة التي تبلغ قيمتها 2000 مليار تريليون دولار ومراقبتها.
وشغل فاين منصب المفتش العام بالإنابة في البنتاغون لما يقارب 4 سنوات، وعيَّن ترامب المفتش العام لوكالة حماية البيئة شون أودونال بدلاً منه.
بالتوزاي، قبل وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر استقالة توماس مودلي، القائم بأعمال وزير البحرية الأمريكي، وعيّن وكيل الوزارة جيم ماكفيرسون خلفاً له، وصادق ترامب على التعيين.
وكان مودلي قدّم الثلاثاء استقالته بسبب ضجة أثيرت حول تعامله مع حاملة الطائرات التي ظهرت عليها إصابات بفيروس كورونا، وبعد تصريحات مسيئة لقائدها المقال بريت كروزير.
وأقال مودلي قبطان حاملة الطائرات الأمريكية (يو اس اس ثيودور روزفلت) الكابتن بريت كروزير يوم الخميس الماضي، واضطر الاثنين إلى إصدار اعتذار للطاقم بعد أن صرح بأن قرار كروزير بإرسال رسالة تطلب المساعدة لمجموعة واسعة من أفراد البحرية “ساذج وغبي”.
ودفعت تصريحات مودلي، التي سجلها البحارة وسربها إلى وسائل الإعلام، أكثر من 12 عضوا في الكونغرس للمطالبة باستقالة وزير البحرية بالوكالة.