عبد الناصر الشعال: الرسم يعطيني مساحة للحرية والفن مرآة للعصر وشاهد عليه!!
منذ طفولته بدأت تظهر ميوله الفنية وحبه للرسم، وأخذت عائلته تهتم به فنياً. وبعد فترة وجيزة دخل مركز أدهم إسماعيل للفنون من خلال دورات تعليم الرسم للأطفال، ثم في مرحلة لاحقة، انتقل إلى المركز الثقافي الروسي ليكون في مرسم الإبداع الحر. الفنان عبد الناصر الشعال يعمل في لوحاته على محورين رئيسين: الخيل العربي الأصيل وبورتريهات لشخصيات سورية وشعبية من الحياة، إضافة إلى أنه مصور فوتوغرافي يعمل على توثيق الوجوه التي تمر أمامه وتحمل لمحات جمالية تشكيلية، وولمعرفة تفاصيل أكثر حول تجربته كان لـ “البعث” معه هذا الحوار.
البورتريه والخيول
عُرف الفنان الشعال في بداية مشواره برسم الوجوه أو “البورتريه”، ومن ثم انتقل إلى رسم الخيول.. عن التقاطعات بين الموضوعين يجيب:
* أستقي موضوعاتي من محيطي الذي أعيش فيه فهو مصدر غني لأعمالي، وكوني أحب رسم الوجوه كثيراً منذ صغري كنت أبحث عن تلك الوجوه المعبرة لأستخرج منها مايجول في عوالمها الداخلية وما ينعكس على تعابيرها، فرسم البورتريه ليس مجرد شبه، إنه طاقة روحية كامنة تقبع في أعماقه، كما رسمت الكثير من أحياء دمشق القديمة في تلك الفترات ومواضيع أخرى، ولكن موضوعي المفضل هو رسم البورتريه، إنه فن قائم بذاته وتخصص صعب، وقمت برسم شخصيات فنية وأدبية وسياسية والكثير من الأغلفة التي صدرت عن وزارة الثقافة وتصاميم لطوابع بريدية.
أما بالنسبة لموضوع الخيول العربية الأصيلة فهو موضوعي المحبب الثاني.. أنا أعشق الخيل العربي كثيراً فهو مخلوق نبيل وجميل، ومن أجمل الخيول بالعالم، وأنا بدوري أحببت تعريف المتلقي بهذا المخلوق الجميل، وما يتمتع به من صفات عظيمة، فأقمت عدة معارض فنية فردية كان الخيل العربي هو موضوعها، وبحكم علاقتي الوثيقة بالرئيس الفخري للجمعية السورية للخيول باسل جدعان فقد زودني بكل خبراته بما يتعلق بالخيل، وازداد فهمي وتعمقي بدراسة الخيل، فكانت فكرة معارضي عن الخيل تقوم بإبراز الشكل الجمالي الذي لا مثيل له بين الخيول بصياغة واقعية وتوظيفها ضمن لوحة بصرية معاصرة عملت فيها على تمازج بين الخيل الواقعي وخلفيات حديثة، وتقاطعات بين رسم الوجوه وجمالية الخيل كجسد، وغايتي هي تخليد هذا المخلوق الجميل، لأن سورية هي مهد الخيل العربي الأصيل. وفيما يخص التقنيات فقد عملت بالكثير من التقنيات اللونية ومنها ألوان الزيت والباستيل السوفت والمائي والفحم والرصاص.
عالمان مرتبطان
يختلف التشكيلي عن الفوتوغرافي في تجربة الفنان عبد الناصر، فهما عالمان متباينان إلى حد ما؟ عن ميله إلى أي منهما، قال:
* أعشق التصوير الضوئي منذ الصغر، فهو فن جميل وراقٍ وكان بالنسبة لي مساعداً على إنجاز أعمال فنية كثيرة، فأحياناً نجد صعوبات كثيرة في الأماكن التي نرسم فيها، وهنا يأتي دور الكاميرا لتساعدنا بأخذ بعض الصور لإكمال اللوحة التي نقوم برسمها.. أنا أحب الرسم أكثر لأنه يعطيني مساحة كبيرة في الحرية والتعبير وهذا لا ينفي أهمية التصوير الضوئي.
مرآة العصر
وعن وجهة نظره في الفن.. وهل هو مرآة للعصر أو شاهد عليه، تحدث:
* من وجهة نظري، الفن مرآة للعصر وشاهد عليه بنفس الوقت، فالفن مرآة تعكس حضارة الشعوب ورقي الدول، إضافة إلى أن وجود المتاحف ودور الفن والثقافة وإقامة المعارض الفنية ضروري جداً لتعزيز دور الفن في الحياة العامة، وأقصد كل أنواع الفنون، وفي الشق الآخر الفنان شاهد عل عصره، فالكثير من الفنانين رسموا لوحات كانت شاهدة على أحداث دامية ومجاعات وحروب وأشياء أخرى.
التجدد والدهشة
وعن حالة التجدد والدهشة في فنه، يقول لفنان الشعال:
* حالة التجدد تأتي من تراكم الخبرات الثقافية والممارسة العملية للفن، فالرسم يحتاج إلى تفرغ وبذل جهد كبير، وأنا عندما أرسم أسعى بكل طاقاتي الحسية والعاطفية لتكون لوحتي وألواني مشحونة بها، فالرسم يحتاج إلى إحساس عالٍ وصدق لتكون اللوحة معبرة، واللوحة التي تخرج من القلب تدخل إلى القلب حكماً.
لا توجد لوحة مكتملة
وعن الرغبة في الوصول لمرحلة اكتمال اللوحة التي يشتغل عليها وإنجاز اللوحة التي يرغبها، قال:
* بالمطلق لا توجد لوحة مكتملة فالفنان متفاعل مع محيطه وبحالة تطور دائم، وكذلك لوحاته تتطور وتتشكل وفق تراكم خبراته الحياتية والعملية.
العلاقة مع اللون
وعن علاقته مع اللون.. أيها أحب إليه، وكيفية توظيفه لخدمة الموضوع الذي يتناوله، يجيب الشعال:
* علاقتي بالألوان علاقة عاشق محب، فأنا بطبعي ملون، وأحب الغنى اللوني في اللوحة، فلا يوجد لون محدد أحبه، وأتعامل مع جميع الألوان لأنها فعلياً مترابطة مع بعضها، وخاصة علاقة الألوان الحارة والباردة والمتممة، فالتلوين هو علم بحد ذاته، وأهم ما يميز هذه العلاقة هو الإحساس باللون، وقدرتي على إيصال تلك الأحاسيس إلى اللوحة لتخدم بناء العمل الفني.
جُمان بركات