إيطاليا: الاتحاد الأوروبي يواجه الفشل
ليست حرباً يمكن التنبؤ بأساليبها، ولا صواريخ يُتوقَّع ضررها، “عدوّ” غير مرئي شلّ الحركة في العالم، اجتماعياً واقتصادياً، ووضع دولاً وكيانات كثيرة أمام اختبارات حقيقية تتّصل بسياساتها الحكومية وإدارتها للأزمات، وحتى بوجودها!. ويبدو المشهد واضحاً في الاتحاد الأوروبي، الذي تباطأت بعض دوله في دعم بعضها الآخر لمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا المستجد “كوفيد-19″، فبينما ترزح إيطاليا وإسبانيا وغيرهما تحت ذاك الخطر، رفضت دول أخرى أكر ثراءً، بينها ألمانيا وهولندا، مناشدات من أجل الاقتراض الجماعي من خلال “سندات كورونا” للمساعدة في تخفيف الضربة الاقتصادية للوباء، وتعميم الديون على كل الدول الأعضاء.
وبالأمس القريب أضيف فشل آخر إلى سلسلة الإخفاقات التي سجلتها سياسة الاتحاد الأوروبي، فبعد اجتماع لوزراء مالية الدول الأوروبية دام ست عشرة ساعة لم يتّم الوصول إلى نتيجة، ما أدى إلى تصاعد الحديث عن انقسام في الاتحاد بين دول الشمال والجنوب، أو دول تأثرت بشكل كبير بالفيروس في مقابل أخرى تعتبر على الأقل لهذه اللحظة خارج بؤر الانتشار الكبرى.
ويعلّق رئيس الحكومة الإيطالي جوسيبي كونتي بأن الاتحاد الأوروبي يواجه خطر الفشل كمشروع، ويقول لشبكة بي بي سي: “إنّ على الاتحاد التدخل بشكل كافٍ ومنسق لمساعدة الدول الأوروبية الأكثر تضرراً بالوباء”، مضيفاً: “إنّ على الاتحاد الأوروبي أن يواجه هذا التحدي الذي وصفه بأكبر اختبار منذ الحرب العالمية الثانية”.
وكان كونتي قد هدّد خلال قمة نُظِّمت عبر الفيديو بعدم التوقيع على الإعلان المشترك في حال لم يعتمد الاتحاد تدابير قوية مرفقة بأدوات مالية مبتكرة وملائمة بالفعل لحرب يتوجب خوضها سوياً.
رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز قال من جانبه: “وصلنا إلى منعطف حرج تحتاج فيه حتى أكثر الدول والحكومات المؤيدة للاتحاد، كما هو الحال في إسبانيا، إلى دليل حقيقي على التزام الاتحاد نحوها”، واصفاً جائحة كورونا بأنها أسوأ أزمة للصحة العامة في أوروبا منذ العام 1918.
وعلى خلفية ذاك المشهد، تواصل روسيا جهودها في دعم مكافحة الوباء في إيطاليا، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية مشاركة أطباء عسكريين روس بعلاج المرضى بفيروس كورونا في مستشفى ميداني جُهِّز بمساعدة روسية في مدينة برغامو، إحدى المناطق الأكثر تضرراً بالعدوى شمالي إيطاليا.
وقالت الوزارة: “إنّ أطباء تابعين لها بالتعاون مع زملائهم الإيطاليين بدؤوا علاج المرضى، حيث تولى الأطباء الروس أربعة مصابين بكورونا من أصل عشرة موجودين في المستشفى حالياً، مشيرةً إلى أن توافد المصابين مستمر.
ولفت البيان إلى أن الاختصاصيين الروس الذين يبلغ عددهم 32 طبيباً وممرضة يقومون بعلاج حالات موجودة في العناية المركزة، إضافةً إلى الحالات المتوسطة والخفيفة.
وانضمّ فريق الاختصاصيين العسكريين الروس لجهود مكافحة وباء كورونا في إيطاليا أواخر آذار الماضي، بناءً على طلب من حكومة إيطاليا التي سجلّت أكبر حصيلة للوفيات بكورونا في العالم حتى الآن.
وحول الاتهامات التي طالت روسيا، وزعمت بوجود مصالح وراء مساعداتها لإيطاليا، قال كونتي: “إنه يمثل إهانة لنا وللرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، ولكن إيطاليا الآن بحاجة إلى كل صديق ممكن.
وتشير التوقعات الأخيرة إلى أن الاقتصاد الإيطالي سينكمش بنسبة 11 في المئة نتيجة الوباء، وأن الدين القومي سيرتفع إلى مستويات لا يمكن تحملها، إضافةً إلى الإنهاك الذي يشعر به الإيطاليون جراء العدد الكبير من الوفيات التي تحصل كل يوم.