صحيفة البعثمحليات

غياب واضح لمهام التأمينات الاجتماعية لدى العامل وصاحب العمل

دمشق- حياة عيسى 

من أكثر الأمور التي يجب العمل عليها في مضمار التأمينات الاجتماعية تتمثل بتوضيح عملها بشكل سليم وصحيح عند كلّ من أصحاب العمل والعمال، كونهم غير مدركين تماماً لأهمية المظلة التأمينية، والأخص هنا “أصحاب العمل” الذين لا يملكون فكرة كاملة وواضحة عن التأمينات الاجتماعية، علماً أن التأمينات تهتمّ بمسألة العامل وإصابات العمل والأمراض المهنية، وأيضاً تهتمّ بأصحاب العمل، ولاسيما بوجود مصادقة واتفاقيات مع منظمة العمل الدولية بما يخصّ العامل.

رئيسُ الدائرة الطبية، الدكتور سومر الحجاب، أوضح في حديث لـ “البعث”، أن دور المؤسسة يتجسّد في سعي الدولة لتوفير أسباب الحياة الكريمة من خلال تهيئة الفرصة لمستقبل آمن يوفر للعاملين وأسرهم حياة مستقرة في الظروف التي يفقدون فيها القدرة على الكسب، بسبب الشيخوخة أو العجز أو نتيجة إصابة عمل أو مرض مهني، فعند حدوث أية إصابة لعامل غير مسجل في مؤسّسة التأمينات سوف تؤدي إلى تعطل العامل عن عمله، وهنا يضطر صاحب العمل لتحمّل الأعباء المادية المترتبة من جراء ذلك كون الإصابة حدثت للعامل أثناء عمله أو في طريقه إلى مكان العمل أو في طريق عودته إلى منزله (دون تغيير المسار)، وقد تحدث نزاعات بين صاحب العمل والعامل، لذلك عندما يكون العامل قد سجل من قبل صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية، تكون المؤسّسة العامة للتأمينات مسؤولة عن تغطية تكاليف علاج العامل حتى الشفاء والعودة للعمل، فعند تسجيل الإصابة من قبل صاحب العمل في فرع التأمينات المعنيّ يستطيع صاحب العمل إيقاف معاش العامل وإحالته إلى مؤسّسة التأمينات لتقوم الأخيرة بتقديم كامل التكاليف الخاصة بالإصابة والعلاج وما ينتج عنها من مضاعفات وعجز، سواء أكان عجزاً جزئياً أم مستديماً، وكأن العامل أصبح موظفاً لدى الفرع المعنيّ الذي بدوره يزوّد العامل بالعلاج والاستراحات والمعونة اليومية لحين الشفاء وعودته للعمل، وتحديد وصرف نسبة العجز الناجمة عن الإصابة أو المرض المهني، مع تأكيد أنه ليس هنالك أي مبرّر من عدم تشميل العمال ضمن المظلة التأمينية كونها تعتبر مكسباً للعامل وصاحب العمل في آن واحد.

وتطرّق رئيس الدائرة الطبية إلى العقبات التي تقف عائقاً أمام السرعة في إنجاز ملف إصابات العمل أو الأمراض المهنية، والتي تتمثل بعدم رغبة بعض المؤسّسات الحكومية أو الخاصة بتسجيل إصابة العامل في المحافظة التي حدثت فيها، حيث يتمّ إحالة الملف مع العامل إلى دمشق -مركز الإدارة العامة-، الأمر الذي من شأنه تشكيل عقبة أمام العامل كونه يحمّله تكاليف إضافية وعناء سفر، علماً أن الملف سيعاد إلى المحافظة التي حدثت فيها الإصابة ليصار إلى التحقيق بإصابة العمل من قبل دائرة القضايا، وإلى دائرة الصحة والسلامة المهنية إن كان مرضاً مهنياً، لذلك لا بدّ من اعتماد اللامركزية لتخفيف الأعباء عن العامل، علماً أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية معتمدة مبدأ اللامركزية، وهي لا ترفض تسجيل أي إصابة بأي من فروعها المنتشرة على كامل أراضي الجمهورية العربية السورية وفي كافة المحافظات، ولكن المشكلة تكمن عند إدارات المؤسّسات التي تحتاج إلى الإيمان باللامركزية والعمل بها، مع تأكيده أن معاناتهم مع القطاع الخاص أكبر من مؤسسات الدولة كون القطاع الخاص غير مدرك تماماً لموضوع التأمينات الاجتماعية، لذلك لا بدّ من تعزيز تواصل الشركات الخاصة مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، وضرورة عقد ورشات عمل عن طريق المجتمعات المحلية والمبادرات لتوضيح عمل المؤسسة العامة للتامينأت الاجتماعية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بشكل واضح وجيد، ولاسيما أن مؤسّسة التأمينات بالنسبة للمواطن هي عبارة عن أداة للحصول من خلالها على الراتب التقاعدي، مع غياب تفاصيل عملها وكمية الفائدة التي يمكنه الحصول عليها من خلال المؤسسة، سواء بالإصابات أو بالعمليات أو الأمراض المهنية وحتى ما يخصّ الإعاقة من منشأ ولادي والتسريح الصحي.

إعادة النظر

وأشار سومر إلى مسألة التحقيق بالإصابة والتي تجري من قبل دائرة القضايا في الفرع المعنيّ، ويراها من وجهة نظره، إطالة لا مبرر لها كون هنالك ضبط شرطة يوثق الإصابة وهي الجهة الأقوى، وهنا يجب عدم إعادة التحقيق إلا في بعض الحالات التي بحاجة للتوسع بالتحقيق.

أما بالنسبة لنسب العجز، وفق ما بيّن سومر، فهناك حاجة ماسة لدراسة هذه النسب كونها موضوعة منذ عام ١٩٥٩ والتطور الذي حدث بالعالم يشجع للتفكير بإعادة النظر بهذه النسب، لذلك يجب وضع النسبة حسب طبيعة العمل وبناءً على التطور الحاصل، وعلى الرغم من كل هذا فإن اللجان الطبية، سواء في الإدارة العامة أو الفروع، تحاول الموازنة بنسب العجز ولكن لا يمكن تجاوزها بشكل كبير، لأن الإصابة تخضع لتدقيق من قبل الجهاز المركزي للرقابة وهم ملتزمون بدليل العجز قانونياً، بالإضافة إلى موضوع التسريح الطبي الذي لا يخلو من المشكلات، كونه يخضع للجان الصحة ولجان التأمينات فيما يخصّ القطاع العام، ولكن العمل مستمر من كافة الجهات لتذليل كل العقبات قدر الإمكان.

أما بالنسبة لموضوع الأتمتة، فقد أكد رئيس الدائرة الطبية أهمية وضرورة العمل عليها، ولاسيما لملفات إصابات العمل والأمراض المهنية للتخفيف من عبء التعامل بالورقيات، وهنا يجب التنسيق مع الجهاز المركزي للرقابة والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للعمل في هذا المجال تنفيذاً لرؤية وتوجيهات الحكومة على توفير كلّ ما يصبّ بتطوير العمل.
وتابع سومر أنه في إطار حرص الدولة على العاملين لديها، وتقديم كل التسهيلات والمساعدة، فقد أصدرت رئاسة مجلس الوزراء القرار رقم 8 لعام 2020 والمتضمن اعتبار إصابات العاملين في الدولة الملتحقين بالكتائب الطوعية أو المكلفين بالعمل لمصلحة لجان الدفاع الوطني أو الفيلق الخامس ممن تعرّضوا لإصابة أو وفاة بسبب العمليات الحربية مشمولةً بتعريف إصابة العمل الواردة بالفقرة /ج/ من المادة /1/ من قانون التأمينات الاجتماعية رقم /92/ لعام 1959 وتعديلاته، وذلك بعد توفر الوثائق المنصوص عليها في المادة (2) من القرار.

وستتولى فروع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تقدير نسبة العجز وفق الدليل الصادر عن المؤسسة، وستصرف المستحقات التأمينية اعتباراً من تاريخ ثبوت العجز أو الشهر الذي يلي الوفاة، مع تحمّل المؤسسة لنفقات العلاج اللاحقة لتاريخ صدور هذا القرار.
يُذكر أن تاريخ ثبوت العجز يحدّد بعد سنة على وقوع الإصابة بالنسبة للإصابات الواقعة قبل تاريخ صدور هذا القرار، أما في حالة الوفاة فإن المعول عليه هو تاريخ الوفاة، ويطبق هذا القرار على الإصابات الواقعة من بداية عام 2012.