أوروبا المنقسمة في مواجهة كورونا.. تنقسم في تخفيف إجراءات العزل
حثّت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على التنسيق مع بدء رفع إجراءات العزل العام، محذّرة من أن عدم القيام بذلك قد يسفر عن موجات ارتفاع جديدة في حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، فيما أكدت منظمة الصحة العالمية أن المعركة ضد الفيروس في أوروبا لاتزال بعيدة عن النهاية، وحذّرت الحكومات الأوروبية من الاستعجال في تخفيف الإجراءات المفروضة لردع الوباء.
وأعلنت دول أعضاء بالاتحاد عن خطط لتخفيف، أو البدء بالفعل في تخفيف، الإجراءات التي فرضتها لاحتواء تفشي الفيروس، مع تنامي الضغوط لإنعاش اقتصاداتها المتضرّرة.
ودعت المفوضية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد والتي لا تملك سلطة إملاء إجراءات صحية على الدول الأعضاء وعددها 27 دولة، إلى نهج مشترك بعد أن عملت كل دولة على حدة في ما يتعلّق باحتواء الفيروس، والآن تعمل الدول بالطريقة نفسها في ما يتعلّق باستراتيجيات الخروج من إجراءات العزل العام.
وقالت المفوضية، في مسودة قائمة من التوصيات من المتوقّع أن تصدرها هذا الأسبوع، “حان الوقت لصياغة استراتيجية خروج منسقة للاتحاد الأوروبي”، مضيفة: “يتعيّن أن تنسق الدول الأعضاء في ما بينها استراتيجية خروج لتجنب امتداد الآثار سلبية خارجها”.
وتفيد توصيات المفوضية بأن إجراءات العزل يجب ألا تخفف إلا بعد تراجع ملحوظ في انتشار المرض بشكل مستقر على مدى فترة زمنية وعندما تكون طاقة المستشفيات قادرة على تحمل موجة جديدة من الإصابات.
لكن الحكومات تواجه ضغوطاً متزايدة لتخفيف إجراءات العزل العام، بعد أن اتضح الأثر الكارثي لتفشي جائحة فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي. وتفيد تقديرات المفوضية بأن الناتج في دول منطقة اليورو قد ينكمش بمعدل 10 بالمئة هذا العام.
وسمحت إيطاليا، وهي أولى دول الاتحاد الأوروبي التي تتضرّر بشدة من الفيروس، لبعض الشركات باستئناف عملها اعتباراً من أمس الثلاثاء، بما في ذلك المكتبات ومتاجر ملابس الأطفال، رغم الإبقاء على إجراءات صارمة تقيد الحركة.
وسمحت إسبانيا، التي طبّقت بعضاً من أعنف إجراءات العزل العام في أوروبا، لبعض القطاعات، منها الإنشاءات والصناعات التحويلية، بالعودة للعمل اعتباراً من الاثنين. وأعلنت بولندا بعدها أنها ستخفف القيود على المتاجر اعتباراً من 19 نيسان.
ومضت دول أخرى إلى أبعد من ذلك، فمن المقرر أن تفتح الدنمارك المدارس اليوم، فيما سمحت النمسا للمتاجر الكبرى باستئناف نشاطها، وتعتزم فتح المراكز التجارية في الأول من أيار.
لكن الخوف من التأثير الممتد إلى الخارج، الذي ربما يترتب على هذه الإجراءات، قد يدفع الحكومات للعمل معاً، فالصين التي بدأ ظهر فيها الفيروس في كانون الأول 2019، لم تعلن أي إصابات محلية جديدة بالمرض على مدى أيام، لكنها ما زالت تعلن عن حالات واردة من الخارج.
إلى ذلك، صرح مدير الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة العالمية، هانس كلوغي، أثناء موجز صحفي عقده من العاصمة الدنماركية كوبنهاغن، بأن الارتفاع الدراماتيكي في عدد الإصابات بالفيروس المعروف بـ”كوفيد-19″ في الولايات المتحدة يجب ألا يصرف النظر عمّا لا يزال “وضعاً مقلقا للغاية” في القارة العجوز، وتابع: “لا يزال أمامنا طريق طويل في هذا الماراثون، والتقدّم الذي أحرزناه في المعركة ضد الفيروس هش للغاية، ومن الخطير الاعتقاد أننا نقترب من نقطة النهاية، والعدوى لا تترك مجالاً للأخطاء أو الرضا على النفس”.
ودعا كلوغي الدول الأوروبية إلى الاستمرار في توخي الحذر والحيطة، لافتاً إلى أن بعض دول القارة تشهد حالياً ارتفاعا حاداً في عدد الإصابات، أو موجة جديدة من الوباء، ونصح الدول الأوروبية بإجراء “دراسة دقيقة جدا” قبل المضي في تخفيف الإجراءات التي اتخذتها بغية السيطرة على تفشي الفيروس، بما في ذلك تعليق عمل المدارس والمشاريع وإجراءات التباعد الاجتماعي، وتابع: “يتطلع كثيرون منا إلى الاحتفال بعيد الفصح مع تحسن الطقس، لكن الوقت الحالي ليس مناسباً لخفض مستوى الحذر، وعلينا الاستمرار في المضي قدماً”.
من جانبه، تطرق كبير مستشاري الأمين العام للمنظمة، بروس أيلوارد، إلى الوضع في إسبانيا التي تحتل المرتبة الثانية بعد إيطاليا في قائمة الدول الأكثر تضرراً بالوباء في العالم من حيث عدد الوفيات.
وقال أيلوارد، الذي عاد مؤخراً من إسبانيا، إنه من السابق لأوانه الحديث عن أي تفاؤل بشأن الوضع في هذا البلد، مقرّاً في الوقت نفسه بأن وتيرة الجائحة هناك تنخفض تدريجياً.