أوروبا في عين إعصار كورونا.. وأسابيع حاسمة بانتظارها
بدأت دول أوروبية، تحت وطأة الضغوط الاقتصادية، تخفّف تدريجياً القيود التي تفرضها في إطار إجراءات مكافحة فيروس كورونا المستجد، وخاصة بعد أن لاحظت تراجعاً في خطوطها البيانية، مثل تباطؤ عدد الذين أدخلوا إلى العناية المركزة والمستشفيات، ولكنها خطوة محفوفة بالمخاطر في ظل استمرار الوباء في الانتشار، ووسط مخاوف من أن تكون وتيرة تفشي فيروس كوفيد 19 أسرع خلال الأسابيع القادمة، حسبما يؤكّد مراقبون، والذين أضافوا: إن بعض المؤشرات الايجابية المتعلّقة بتراجع نسبي في عدد الوفيات والإصابات بالوباء لا يعني أن القارة العجوز تجاوزت مرحلة الخطر، فالوضع لايزال مقلقاً مع وتيرة متقلبة لانتشار وباء “كوفيد 19”.
وانضم مدير فرع أوروبا في منظمة الصحة العالمية، هانس كلوغي، إلى تلك الأصوات، وحذّر من أن القارة الأوروبية تبقى “في عين الإعصار” بالنسبة لتفشي الفيروس، بالرغم من “مؤشرات مشجعة” في بعض الدول، وقال، خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت عقده في كوبنهاغن، إنه بالرغم من “رصد مؤشرات مشجعة في الأسابيع الأخيرة على صعيد الأرقام في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وسويسرا، فإن عدد الحالات المعلنة خلال الأيام العشرة الأخيرة في أوروبا تضاعف تقريباً ليقارب المليون”، وأضاف: “المؤشرات الإيجابية الضئيلة المسجّلة في بعض الدول تقابلها أعداد مستقرة أو متزايدة في دول أخرى مثل المملكة المتحدة وتركيا وأوكرانيا وبيلاروسيا وروسيا الاتحادية”، موضحاً أن “حوالي 50 بالمئة من الإصابات بكوفيد-19” مسجّلة حالياً في أوروبا.
وبلغت الحصيلة الإجمالية للوباء في العالم أكثر من مليوني إصابة معلنة رسمياً، بينها أكثر من 131 ألف وفاة، استناداً إلى مصادر رسمية. وتبقى أوروبا القارة الأكثر تأثّراً بالوباء، لكن الولايات المتحدة هي التي تسجل حالياً أسرع انتشار للمرض مع إحصاء 28326 وفاة من أصل أكثر من 637 ألف إصابة.
وحض فرع أوروبا لمنظمة الصحة العالمية جميع الدول على “عدم التراخي” والتثبّت من أن الفيروس تحت السيطرة قبل رفع القيود المفروضة لاحتوائه.
وحذّر كلوغي من أن الوباء “ما زال يرخي بثقله على المنطقة”، معتبراً أن “الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة لأوروبا”، ولفت إلى أن أوروبا في الفترة القادمة قد تمضي تدريجياً بتخفيف بعض القيود المفروضة لردع الجائحة، محذّراً من الاستعجال في هذه العملية، وأردف: “الأسابيع القليلة القادمة ستكون مرحلة حرجة بالنسبة للقارة الأوروبية، التي تحتاج في هذه الظروف إلى التضامن أكثر مما كان في أي وقت مضى”.
ويُعنى الفرع الأوروبي لمنظمة الصحة بمنطقة تمتد من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، وتضم 53 بلداً. وتعد هذه المنطقة أكثر من 687 ألف إصابة رسمية و52824 وفاة على علاقة بفيروس كورونا المستجد، وفق أرقام المنظمة.
وأودى وباء “كوفيد 19” بحياة أكثر من 90 ألف شخص في أوروبا، أي أكثر من 65 بالمئة من الوفيات في العالم، بحسب مصادر رسمية، والتي أوضحت أن عدد الوفيات في أوروبا وصل إلى 90180 حالة من أصل مليون، والإصابات إلى 47279 في هذه القارة، وبهذا العدد تبقى أوروبا القارة الأكثر تضرراً بالفيروس، الذي أودى بحياة 137499 شخصاً في العالم.
وتعد إيطاليا بـ 21645 وفاة واسبانيا بـ 19130 وفاة البلدين الأكثر تأثّراً وتضرراً بالوباء، تليهما فرنسا بـ 17167 وفاة، وبريطانيا بـ 12868 وفاة، وفي العالم تمّ تسجيل ما لا يقل عن مليونين و83551 حالة إصابة مؤكّدة.
وعاد حوالى نصف التلاميذ في الدنمارك إلى مدارسهم بعد إغلاق استمر شهراً، كما أعادت النمسا فتح محلاتها التجارية الصغيرة غير الأساسية، وأعادت إيطاليا، الدولة الثانية الأكثر تضرراً في العالم، فتح بعض هذه المحلات، فيما بدأت الحكومة الاسبانية الحديث فقط عن رفع تدريجي لإجراءات عزل تعد من الأكثر صرامة في أوروبا، وسيتم تمديدها حتى الخامس والعشرين من نيسان مع إمكانية تخفيفها.
ويبدو فرنسا تعد خطة لرفع إجراءات العزل تدريجياً اعتبارا من 11 أيار، لكن منظمات غير حكومية تحدّثت عن “شروط صحية أسوأ من جنوب السودان” في ضواحي العاصمة الفرنسية، وقالت الرومانية ليفيا كوفاسي باكية: إن “الدولة لا تفكر فينا وتتركنا نموت هنا”، معتبرة أن “الأقوياء نشروا الفيروس لقتل الفقراء”. وهي واحدة من حوالى مئتي شخص يعيشون منذ ما قبل انتشار الوباء في مخيم في ضاحية سان ديني تنتشر فيه جيف جرذان نافقة وسط النفايات.