أصوات أمريكية: وقف تمويل “الصحة العالمية” جريمة ضد الإنسانية
تعالت الأصوات المندّدة بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجميد تمويل بلاده لمنظمة الصحة العالمية، من داخل الولايات المتحدة وخارجها، حيث أجمع البيانات بأنه ترامب اتخذ هذا القرار بهدف التغطية على فشل إدارته في مواجهة فيروس كورونا المستجد في أمريكا.
وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز أكد أن قرار واشنطن هو اعتداء على المجتمع الدولي، واصفاً القرار بالمجرم والأناني في ظل مواجهة جائحة كورونا، وأضاف في تغريدة على موقع تويتر: إن القرار بتعليق الأموال لمنظمة الصحة العالمية هو عمل تسعى من خلاله الإدارة الأمريكية إلى تحويل الانتباه عن تعاملها غير الفعّال مع الأزمة وعدم قدرتها على تأمين الرعاية الصحية لسكانها.
وشدد رودريغيز على أن بلاده ستواصل، مع منظمة الصحة العالمية، الدفاع عن التضامن والتعاون الدولي، لافتاً الى أن التضامن والتعاون يشكّلان أمرين حيويين وأساسيين لمواجهة هذا الوباء.
داخلياً شن الحزب الديمقراطي، ممثلاً برئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، هجوماً غير مسبوق على قرار ترامب، والتي وصفت قراره بأنه أحمق وخطير، فيما قال السيناتور كريس مورفي: إنه سيحاول حماية التمويل الأمريكي المخصص للمنظمة الدولية.
سياسيون ديمقراطيون أكدوا أن إجراء ترامب غير قانوني، وأشار بعضهم إلى أن مثل هذه الخطوة جعلت ترامب يواجه محاكمة لعزله من منصبه على خلفية قطعه مساعدات عسكرية عن أوكرانيا وابتزازها مقابل مساعدته في الانتخابات الرئاسية القادمة.
حلفاء للحزب الجمهوري، الذي ينتمي إليه ترامب، تحرّكوا أيضاً للتعبير، ولو بشكل خجول، عن معارضتهم لقراره حول منظمة الصحة، بمن فيهم وزارة التجارة الأمريكية، التي أكدت أن القرار ضد مصالح الولايات المتحدة، ولاسيما أن دور المنظمة مهم للغاية في مساعدة دول أخرى في خضم وباء عالمي مثل كورونا، بينما أكدت سامانثا باور المندوبة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة أن وقف تمويل منظمة الصحة العالمية يعني أيضاً قطع المخصصات المالية لبرامج صحية أخرى مثل مكافحة شلل الأطفال والإيدز.
التنديدات بخطورة قرار ترامب صدرت أيضاً عن أوساط أمريكية مثل الرابطة الطبية الأمريكية، التي وصفت الأمر بأنه خطوة خطيرة في الاتجاه الخاطئ، وأنها ستجعل مهمة التصدي لفيروس كورونا صعبة.
قرار ترامب أثار أيضاً أصداء تنديد واسعة بين الأوساط الطبية، حيث وصفه خبراء بارزون في المجال الصحي، مثل ريتشارد هورتون، رئيس تحرير مجلة لانسيت الطبية المرموقة، بأنه جريمة ضد الإنسانية، مشدّداً على ضرورة تحرك العلماء والأطباء والعاملين في مجال الصحة لرفض هذا القرار الذي يعد خيانة للتضامن العالم.
وفي تصريح مماثل أكد اميش ادالجا، الباحث البارز في مركز جامعة جونز هوبكنز الأمريكية للأمن الصحي، أن مثل هذا التحرك خطير في خضم وباء عالمي، بينما وصف البروفيسور في الأمراض المعدية بجامعة بوسطن القرار بأنه كارثة حقيقية.
تنديدات عدة صدرت عن مدير مركز منظمة الصحة العالمية لشؤون الصحة وحقوق الإنسان لورنس غوستين، الذي توقّع أن يعود قرار ترامب بنتائج سلبية على الولايات المتحدة وسمعتها الدولية، وأن تتحرك دول أخرى لملء الفراغ المالي الناتج عنه.
وبالانتقال من الاوساط السياسية والطبية فان خطورة قرار تجميد تمويل منظمة الصحة العالمية احتلت الصفحات الرئيسة في الصحف الأمريكية والغربية، بما فيها نيويورك تايمز، التي أكدت أن الرئيس الأمريكي يحاول القاء اللوم في فشله بالتصدي لأزمة كورونا على غيره واختار المنظمة الدولية لذلك، مشيرة إلى أن ترامب اتهم المنظمة بجميع الأخطاء التي ارتكبها هو نفسه منذ ظهور الفيروس.
الصحيفة أعادت إلى الأذهان محاولات ترامب السابقة في تحويل الانتباه من الأزمة الصحية التي يواجهها الأمريكيون بسبب استهتاره بفيروس كورونا عبر مهاجمة وسائل الإعلام والديمقراطيين في الكونغرس وحكام الولايات وكل من تجرأ على مخالفته الرأي حول خطورة الفيروس أو طالب بتقديم خطة حكومية واضحة للتصدي له.
صحيفة الغارديان البريطانية بدورها وصفت قرار الرئيس الأمريكي، في مقال للمؤرخ اندرو غاوثورب في جامعة لايدن الهولندية، بأنه فعل تخريب دولي في وقت تسعى فيه دول العالم إلى التضامن لمواجهة وباء كورونا، وأضافت: إن سياسة الإدارة الأمريكية القصيرة النظر فيما يتعلق بالتحركات الدولية لمواجهة المرحلة المقبلة من فيروس كورونا تثير قلقاً كبيراً، مشيرة إلى أن ترامب أمضى فترة ولايته الأولى كلها في تدمير الشراكات الدولية وتشويه سمعة الولايات المتحدة على الصعيد العالمي كما أثبت للجميع أنه غير مهتم بتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه كرئيس لدولة غنية مثل الولايات المتحدة.