دراساتصحيفة البعث

هل تشن الولايات المتحدة حرباً على العراق؟!

ترجمة وإعداد: علاء العطار

ترى الولايات المتحدة في العراق ميدان مواجهة مع إيران، وهدفها إخضاع البلاد لهيمنتها وطغيانها، ففرضت عقوبات قاسية على إيران، وتحاول إغلاق السوق العراقية في وجهها لتمنعها من توريد نفطها ، ومن بيع غازها حتى لو عنى ذلك قطع التيار الكهربائي عن جنوب العراق.

وأكثر من ذلك هناك شائعات تقول إن الولايات المتحدة تستعد لشن حملة عسكرية على كتائب حزب الله في العراق، على خلفية ارتباطها بحزب الله في لبنان، لكن قبل البدء بعملية الانتحار هذه عليها أن تضع في اعتبارها التأثير المدمر لفيروس كوفيد 19 على الأراضي الأمريكية، وهو ما ينسحب بالتالي على جيشها المنتشر في الخارج ، وما رافقه من تدهور في الاقتصاد الأمريكي.

لكن ليس الفيروس وحده ما يمنع الولايات المتحدة من هذه المغامرة، فهناك أسباب كثيرة أهمها إن بدأت حرباً فلن تستطيع إيقافها بسهولة، كما أنه ليس لديها فكرة عن الضرر الذي يمكن أن تُلحقه الحرب بالعراق، بصرف النظر إن كان هذا يهمها أم لا، والتاريخ يبين أنها لا تهتم، وأفضل الأمثلة على ذلك الحروب التي شنتها على أفغانستان، ثم العراق، ثم سورية. وإن استدعينا ذاكرة التاريخ المعاصر، نشهد مدى عجز الولايات المتحدة عن تحديد الوقت الذي يجب أن تنتهي فيه الحرب، لذا فإن شن حرب على العراق في عام 2020 لن يكون مهمة سهلة كما كان في عام 2003.

حين عادت القوات الأمريكية إلى العراق في عام 2014، بذريعة محاربة تنظيم “داعش”، اقتصر وجودها على تدريب عسكري مدفوع الأجر، وكفّت عن القيام بأي عمل عسكري في البلاد بدون إذن من رئيس الوزراء العراقي، لكنها انتهكت الاتفاقية، حتى أنّها هاجمت الجيش العراقي والشرطة العراقية والحشد الشعبي على الحدود العراقية السورية، كما أنها أباحت للكيان الصهيوني مهاجمة مستودعات قوى الأمن العراقية تبعاً لما ذكره السفير الأمريكي في العراق، وتوّجت تدخلها غير المشروع في الشؤون العراقية باغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ما دفع البرلمان العراقي إلى المطالبة برحيل الولايات المتحدة عن العراق.

وبالفعل بعد زيادة العداء تجاه الوجود الأمريكي في العراق، واعتبار أي قوات أجنبية قوات احتلال، بدأت الولايات المتحدة بخطة لإعادة تعبئة جنودها، فانسحبت من ست قواعد عسكرية، وزودت القواعد العسكرية الأخرى بصواريخ باتريوت، متجاهلة معارضة بغداد، لكن هذا الإجراء الدفاعي لن يحميها من عزم جماعات المقاومة العراقية على قصفها حين تصبح المواجهة محتومة، لذا فأمريكا ليست وحدها صاحبة القرار في بدء حرب في البلاد، خاصة وأن قوى المقاومة أقوى بكثير مما كانت عليه سابقاً. لهذا يشكك القادة العراقيون في جدية نية الولايات المتحدة بالانسحاب، ما يعني أن الوجود الأمريكي في العراق يهدف بالدرجة الأولى إلى كبح إيران، والسيطرة على منابع النفط.

لقد افترضت الولايات المتحدة على نحو خاطئ أن إسماعيل قاني، قائد لواء القدس، لن يحل محل سلفه الشهيد قاسم سليماني، وفشلت في فهم أن إيران دولة يتبع لها الحرس الثوري، كما أن محور المقاومة لا يعتمد على شخص محدد قط، مهما بلغت مكانته. وبالفعل شهد الجميع كيف رفض ترامب مهاجمة إيران في عدة مناسبات، رغم أن إيران أسقطت أكثر الطائرات المسيرة تطوراً، وقصفت قاعدة عين الأسد الأمريكية في أول هجوم على القوات الأمريكية منذ حادثة بيرل هاربور في الحرب العالمية الثانية.

أخيراً وليس آخراً، لن يخوض ترامب حرباً في الأشهر القليلة المقبلة قبل الانتخابات الرئاسية، خاصة وأن عواقب حرب كهذه لا يمكن توقعها. بناء عليه، يمكن أن يندرج تسريب الإدارة الأمريكية معلومات لوسائل الإعلام الغربية بأن البنتاغون أصدر أمراً بالاستعداد لحرب في العراق تحت عباءة الحرب النفسية. كما أن انتشار فيروس كورونا يعد سبباً آخر يمنع الولايات المتحدة من إعلان أي حرب على المقاومة العراقية، لأنها ستعد مغامرة خطيرة قد تحمل في ثناياها عواقب وخيمة على الجيش الأمريكي، خاصة وأن الولايات المتحدة تحتل المرتبة الأولى في عدد الإصابات بفيروس كوفيد 19 وعدد الوفيات الناجمة عنه، وترامب ليس في وضع يسمح له بإصابة جيشه بالفيروس.