تحقيقات

بطاطا عكار.. صعوبات وتحديات .. وتوقعات بإنتاج أكثر من 75 ألف طن

تعتبر الأراضي في سهل عكار من أخصب أراضي محافظة طرطوس، حيث يتمّ استثمارها واستغلالها بالزراعة من قبل مزارعين عشقوا الأرض وتشبثوا بها رغم الويلات والخسائر والأضرار التي زادتهم إصراراً على العمل لتحقيق الأمن الغذائي الوطني، حيث واظب المزارعون على العمل بموسم البطاطا للعروة الربيعية والتي يقدّر إنتاجها بأكثر من 75 ألف طن ويتم تسويق كميات كبيرة منها يومياً إلى القرى والمناطق غير المنتجة ضمن المحافظة، كما يتم تسويق المادة لبعض المحافظات بالتنسيق مع اتحاد فلاحي طرطوس.

الإنتاج وفير ويحتاج لتصريف
تسويق مادة البطاطا يأتي ضمن مبادرة الاتحاد لتسويق بعض الخضراوات من سهل عكار للمناطق والقرى غير المنتجة، تلك المبادرة التي تمّ إطلاقها بعد فرض حظر التجوال ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة، ليتم البيع من المنتج إلى المستهلك ودون وسيط، حيث يباع كيلو البطاطا بأفضل المواصفات بـ 300 ليرة.
مواطنو القرى والأرياف أكدوا رضاهم عن تلك المبادرة التي توفر كثيراً عليهم وتحميهم من تجار السوق وحيتانه، كما لاقت تلك المبادرة استحساناً كبيراً من المزارعين الذين وجدوا من يحميهم ويخفّف عنهم الاستغلال الذي يتعرضون له في كل موسم آملين استمرارها.
مضر أسعد رئيس اتحاد فلاحي طرطوس أشار إلى أهمية المحصول للكثير من الأسر التي تنتظره من عام لآخر وتعتاش من خلاله، وإنتاج العروة الربيعية لهذا الموسم بدأ بالجني منذ 20/3/ ويستمر حتى 10/ أيار، لافتاً إلى أن هذه الفترة تعدّ ذروة الإنتاج حالياً، متوقعاً إنتاج أكثر من 75 ألف طن من البطاطا وهو إنتاج وفير وكافٍ ليس فقط لأبناء المحافظة إنما للعديد من المحافظات الأخرى، مبيناً أنه ورغم صغر مساحة الأراضي المزروعة في محافظة طرطوس إلا أن فيها تعدداً في الإنتاج وكثافة ضمن وحدة المساحة والإنتاج يحتاج لتصريف.

لا جدوى من الاستيراد
وحول أسباب تذبذب سعر البطاطا بين يوم وآخر، بيّن رئيس الاتحاد أن استهلاك السوق وكمية الإنتاج يلعبان دوراً في تحديد السعر للمواطن، فمثلاً عندما يزيد الإنتاج ينخفض السعر والعكس صحيح، وعندما تعطش البطاطا تحتاج لري ويبقى المزارع يرويها لثلاثة أيام ويتوقف الإنتاج في فترة السقي، لقد تم توصيل المنتج إلى محافظة القنيطرة بسعر 324 ليرة للكيلو وهو سعر متدنٍ لأن النوعية وسط، وبعد فترة سنبدأ بإنتاج الحبة الكبيرة المستوردة ذات النوعية الجيدة وسنحافظ على السعر، مبيناً عدم جدوى الاستيراد في هذه الفترة بسبب توفر المادة وقدرتها على إغراق السوق واستيراد خمسة آلاف طن من مصر لم نكن بحاجة لها، بحسب أسعد.

إجراءات روتينية قاتلة!
ثمّة صعوبات تعترض عمل المزارعين أوضحها أسعد، فالفلاح رهن الحالة المادية والكثير من الفلاحين مرتبط بمراكز بيع مستلزمات العمل الزراعي التي يستدين منها الفلاح على أن يسدّد لها مستحقاتها عند بيع المحصول، مبيناً تدخل القطاع الخاص في الفترة الماضية وتمويله المزارعين الذين كانوا سابقاً يلجؤون للمصرف الزراعي الذي يمول قروضاً متوسطة وقروضاً موسمية، الأمر الذي يحرك عجلة الإنتاج، إلا أن حركة المصارف تقلصت كثيراً في الآونة الأخيرة وذلك بسبب ديون الفلاح وارتباطه بمركز البيع والفوائد والإجراءات الروتينية القاتلة “الضمانات” التي تُطلب من المزارعين، فمزارعو سهل عكار لا يوجد لديهم إثبات ملكية والأراضي على الشيوع لمالكين خارج القطر، الأمر الذي يشكل عبئاً على المزارع بتأمين إثبات ملكية وبالتالي يلجأ إلى القطاع الخاص.

عدم نجاح صيدليات الاتحاد
ويتابع أسعد عرض صعوبات المزارعين كالارتفاع الباهظ لتكاليف ومستلزمات العمل الزراعي من بذار وأدوية زراعية غير مجدية، والفلاح لا يشتكي للتموين عن الصيدلية لأنه مرتبط بها ومدين لها وهي مشكلة حقيقية، مشيراً إلى عدم نجاح صيدليات الاتحاد لأنها غير مدعومة من الحكومة، مطالباً بتوزيع الأدوية الزراعية من خلال المصرف الزراعي على أن يستجره المزارع كما يستجر السماد.

تعويض مجحف
وحول التعامل مع مزارعي سهل عكار والتعويض عن الأضرار والخسائر أشار إلى أن تعويض صندوق التخفيف من الكوارث الطبيعية مجحف بحق المزارعين لأنه لا يعوض سوى 10-20% من المنتج ولا يعوض على البلاستيك مثلاً، مبيناً أن الفلاح يحتاج دعماً أقوى وأكبر للاستمرار في العملية الإنتاجية والتصدير إلى خارج سورية.
ويتابع رئيس الاتحاد: مدّدت مؤسسة إكثار البذار الاكتتاب ثلاث مرات للمزارعين الذين اكتتبوا بشكل ضئيل بحجة أن المؤسسة تتأخر باستجرار البذار، وبالتالي توجه الكثير منهم للقطاع الخاص واستجروا بذاراً بسعر 1100 ليرة للكيلو، في حين كان لدى المؤسسة 715 ليرة وبالتالي من سجل لدى المؤسسة وفر 400 ألف ليرة بالطن، بينما حاسب التاجر من استجر منه على سعر الصرف، وفي هذا استغلال واضح للفلاح!!.

دعم العروة الخريفية
وفي الوقت الذي شدّد فيه أسعد على عدم استيراد مادة البطاطا، طالب بدعم مزارعي البطاطا للعروة الخريفية بمئة ليرة لكل كيلو منتج وهذا كافٍ ليغرق ليس سوق طرطوس فحسب إنما الأسواق السورية بالشهر الثاني أو الثالث، مبيناً سعي الاتحاد للحفاظ على سعر الكيلو بين 300-500 ليرة وعلى جميع مراحل العام، وما إن تنتهي محافظة طرطوس ستبدأ محافظة حمص بالإنتاج ومن ثم حماة، على أن تعطى العروة الخريفية دعماً أينما كانت وفي أي محافظة، كما طالب بدعم المزارعين بالسماد اللازم للعديد من المحاصيل المهمة كالتبغ والحمضيات وللبيوت المحمية أيضاً.
ولفت أسعد إلى عدم قدرة الاتحاد على إلغاء دور سوق الهال الذي يمارس تجاره جشعاً واحتكاراً على المزارعين، كما يمارسون بحقه أبشع أنواع الاستغلال من خلال الكومسيون والسمسرة التي يحصلونها، حيث يأخذون كومسيون 7% مبيناً أنه يجب أن يكون 2-4% وفي المواسم الوفيرة يجب أن يقل الكومسيون أيضاً، وهذا دور التموين.
وأخيراً لا بد من دعم الجهات المعنية للمزارع للاستمرار بعمله وإنتاجه من خلال تأمين الأدوية الزراعية عن طريق المصرف الزراعي والتعويض المنصف إثر الكوارث الطبيعية ودعم بطاطا العروة الخريفية، والأهم من ذلك وقف الاستيراد ولاسيما وقت الذروة والإنتاج المتوفر الذي يلبي حاجة الأسواق بمادة البطاطا.
دارين حسن