ارتفاع مفزع في عدد الوفيات.. وأردوغان يدفن رأسه في الرمال
يحاول رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان مجاراة أزمة فيروس كورونا، الذي تفشى بين الأتراك خلال أسابيع قليلة منذ تسجيل أول إصابة في آذار الماضي، بالتستر على حقيقة “الكارثة”، وإيهام الشارع التركي بالسيطرة على الوضع، فيما تجاوز عدد المصابين بالوباء 100 ألف شخص، ما يجعل تركيا على رأس القائمة بالشرق الأوسط، متجاوزة إيران والصين مهد الوباء.
وأعلن نظام أردوغان تسجيل 3122 إصابة جديدة بالفيروس خلال الـ24 ساعة الماضية، ليبلغ إجمالي الإصابات إلى أكثر من 104 ألاف إصابة، فيما بلغ عدد وفيات الوباء 2600 حالة بعد رصد 109 وفاة جديدة في يوم.
وبينما يزعم أردوغان، في خطاباته المتعددة، أن جهود حكومته تظهر فاعلية كبيرة في مكافحة الفيروس، كشفت دراسة تحليلية أعدها موقع مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في تركيا، تستر النظام التركي عن حقيقة أرقام الإصابات والوفيات بفيروس كورونا.
واستند تقرير الموقع لدراسات تفيد بأن النظام التركي لم يبلغ عن جميع الإصابات في عموم البلاد، فيما يكثف حملات القمع للصحفيين ومنعهم من تصريحات بشأن انتشار فيروس كورونا، في خطوة تعرقل أي جهد فعال وتعكس السياسات غير الحكيمة التي يتبعها أردوغان في إدارة الأزمات.
كما أكد التقرير أن حكومة أردوغان أصرّت خلال شهري شباط وآذار الماضيين، رغم تفشي الوباء في الجارة إيران وأوروبا القريبة، على خلو بلدها من أي إصابة بالفيروس، فيما حاولت وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة حزب العدالة والتنمية الترويج لبلدها كوجهة سياحية خالية من كورونا، لكن سرعان ما تم الإعلان بعد يومين، وتحديداً في 11 آذار، عن أول إصابة بالفيروس في البلاد.
ورغم حقيقة الأرقام حاول وزير صحة النظام التركي فخر الدين قوجة إرسال تطمينات، متجاهلاً خطراً حقيقياً يقبل على تركيا وظهر فيما بعد من خلال سرعة انتشار الفيروس، والذي تسبب حتى الآن في وفاة نحو 200 ألف شخص حول العالم.
وتحدث تقرير لصحيفة “نيورك تايمز” عن وجود ارتفاع مفزع في عدد وفيات كورونا في تركيا، عكس الأرقام الرسمية التي تعلنها السلطات، فيما كشف استطلاع رأي أعده مركز اسطنبول للدراسات الاقتصادية أن 37 بالمئة من الأتراك لا يثقون في أرقام وزارة الصحة بخصوص انتشار كورونا.
وسبب تراخي أردوغان في اتخاذ إجراءات صارمة لمنع انتشار الفيروس ومنع التنقل، في سرعة انتقال العدوى، لكن ذلك لم يدفع رأس النظام للتصريح بحقيقة تفشي الوباء إلا في مرحلة لاحقة. ويعكس تستر أردوغان على حقيقة أرقام الوباء إصراره على إخفاء الحقائق وعدم ظهوره في موقف ضعف في ظل انتقادات واسعة بشأن فشله في إدارة الأزمة.
ويرى أخصائيون أن تركيا لم تشهد بعد ذروة انتشار وباء كوفيد-19، إذ من المتوقع أن يصيب الفيروس خلال الأسابيع القادمة أعدادا كبيرة، بالنظر إلى زيادة السلطات التركية في عدد الفحوصات الطبية ولم يتم إصدار نتائجها إلى الآن.
ويظهر احتجاز تركيا قبل أسبوعين لمعدات طبية اشترتها إسبانيا من الصين وتأجيلها مؤخراً تقديم مساعدات طبية لبريطانيا كانت قد أعلنت أنها ستقدمها دعما للإطارات الصحية البريطانية، قلق النظام التركي بشكل رئيسي عن مدى قدرته الحفاظ على نظامه الصحي ويعكس تفشي الفيروس بشكل كبير بين الأتراك.
وفي سياق تستر حكومة أردوغان عن حقيقة انتشار الوباء، الذي أخذ منحى تصاعدياً في تركيا التي أصبحت من بين الدول السبعة الأولى في العالم من حيث عدد الإصابات، شن نظام أردوغان حملات اعتقال طالت الصحفيين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بغرض منعهم من الوصول إلى أي أخبار موثوقة تثبت حقيقة انتشار الوباء وصدهم عن أي انتقادات لعمل الحكومة في إدارة أزمة كورونا.
وبالفعل اعتقلت السلطات التركية عشرات الصحفيين ورواد وسائل التواصل الاجتماعي ممن نددوا بفشل أردوغان في إدارة أزمة كورونا وعجزها عن تطويق الوباء.
واعتقلت الشرطة في3 نيسان الجاري الصحفي المخضرم هاكان ايجون الذي قلل من فاعلية حملة التبرعات، التي أعلن عنها أردوغان في مواجهة انتشار كوفيد-19.
وبدا أن حكومة أردوغان لم تكن قادرة على تحمل المعارضة والانتقادات التي وجهت إليها بشأن سوء إدارتها لأزمة انتشار الوباء.
ووجه عشرات آلاف الأتراك، إلى جانب أبرز الأحزاب المعارضة، انتقادات لاذعة لأردوغان، رافضين مبادرته بعرض رقم حساب مصرفي دولي للتبرع لصالح جهود مكافحة الوباء تحت اسم “ايبان”، في وقت كان ينتظر فيه الشعب مساعدات حكومية مباشرة.
وانتقد معارضون سياسة أردوغان الفاشلة في إدارة الأزمات في دولة تطلب الأموال من مواطنيها بدل من أن تعطيهم، وتقدم المساعدات لشعوب أخرى عوضاً عن شعبها.
كما أحدث فيروس كورونا اضطرابات بالحكومة التركية بعد إعلان وزير الداخلية التركي سليمان صويلو استقالته على خلفية قرار الحظر الذي سبب فوضى بين الأتراك، فيما تعيش تركيا على وقع انكماش اقتصادي حاد، تظهر ملامحه من خلال: تفاقم معدل البطالة وارتفاع التضخم وتهاوي الليرة إلى أدنى مستوياتها بفعل المخاوف من تناقض صافي احتياطات البلاد وتأثر المعنويات سلباً وتراجع المستثمرين.
وتظهر آخر البيانات الخاصة بشهر شباط الماضي أن صافي احتياطات تركيا تراجع بشكل كبير إلى 1.5 مليار دولار، فيما بلغ حجم الاقتراض في نهاية آذار عن طريق المقايضات 25.9 مليار دولار.