التوعية وحدها لا تكفي..
محمد كنايسي
ليس غريباً ألا ترى الحكومات في أزمة كورونا الراهنة سوى بعدها الصحي، ذلك لأن الفيروس يهدد حياة الناس وسلامة المجتمعات، ولا بد إذاً من التركيز على الوقاية منه، وعلى محاولة إيجاد الدواء الذي يقضي عليه في الوقت ذاته.
ومع التعثر في إيجاد الدواء أو اللقاح حتى الآن، فإن الإجراءات الوقائية تزداد أهمية، لأنها الوسيلة الفعالة الأولى لمواجهة الوباء. وهذا ما يفسر انصباب الجهود الحكومية على اتخاذ الإجراءات الاحترازية، وفي مقدمتها حظر التجوال، وتطبيقه بقوة القانون إذا اقتضت الضرورة، وتوظيف الإعلام بشكل خاص في توعية الناس بضرورة التزام طرق الوقاية الكفيلة بالحد من انتشار الفيروس، وحثهم على البقاء في منازلهم. غير أن هذه الجهود تصطدم في بعض المجتمعات – ومنها مجتمعنا – ببعض الصعوبات الكبيرة، وأهمها أن الفئات الفقيرة لا تستطيع التقيد بإجراء يقطع عليها باب الرزق، وأنها لا تملك القدرة المالية على توفير مستلزمات الوقاية، ولا سيما أدوات التنظيف والتعقيم بسبب ارتفاع أثمانها؛ ولذلك نجد أن هذه الفئات هي الأكثر تضرراَ من الإجراءات الحكومية والأكثر إقداما على عدم التقيد بها، خاصة وأن علاقتها بالخارج ” الحي ” و” الشارع ” علاقة حيوية، فالشارع يكاد يكون، بالنسبة لها، امتداداً للمنزل، ومكاناً للاسترزاق، ويكفي التجول في بعض الأحياء العشوائية لرؤية ذلك بكل وضوح..
يحيلنا هذا إلى أبعاد أخرى، اجتماعية وثقافية، للأزمة لم تدر في ذهن من يدير مواجهتها، ويضع الاستراتيجيات اللازمة لذلك، بينما يقتضي الأمر أن يكون علماء الاجتماع والنفس شركاء معه في هذه المهمة..
والخلاصة هي أن التوعية – على أهميتها – والزجر – على ضرورته أحياناً – لا يكفيان البتة، إذا لم تستطع الجهات الحكومية والمجتمعية المعنية توفير الحد الأدنى، على الأقل، من مستلزمات المعيشة والوقاية للفئات الأكثر احتياجاً..
وعلى المسؤولين أن يصدقوا أن بعض الناس – وهذا على سبيل المثال وليس الحصر – لا يملك ثمن الصابون لغسل الأيدي كما هو مطلوب.. فبماذا سيغسل إذا؟!