نقطة ساخنة من يشفط أكثر؟
يتنافس التّجار خلال الأيام الأولى من رمضان في كل عام على من يشفط أرباحاً أكثر من المستهلكين! وفي كل عام، نصف أسعار التجار خلال رمضان بالجنونية إلى حدّ أننا لم نجد وصفاً لأسعار رمضان الحالي في ظل وباء كورونا سوى بكلمة “فاجرة”!
ولم تأت توقعات بعض “الأكاديميين” بتحديد نسب مئوية لارتفاع الأسعار بأي جديد، فهم يستندون إلى تجارب السنوات الماضية، وكان الأحرى بهم تقديم مقترحات عملية بعيداً عن التنظير لمساعدة ملايين الأسر محدودة الدخل، أو.. الصمت!
أما غرفة تجارة دمشق – كعادتها دائماً – فتقدم الوعود المعسولة للمواطنين كصك براءة للتجار من أي تهم توجّه لهم بأنهم وراء رفع الأسعار!
لقد حاولت غرفة تجارة دمشق أن تُطمئن المواطن قبل أيام قليلة من رمضان بتأكيدها أن “أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية وصلت إلى ذروتها حالياً، بسبب أزمة كورونا، لذا فإنها لن ترتفع خلال شهر رمضان”؛ وكما هو متوقع لم تنخفض الأسعار أو تثبت على ارتفاعاتها السابقة بل حلّقت قبل يومين من رمضان واستمرت صعوداً خلال الأيام الأولى بما يشبه منافسة “فاجرة” بين التجار على من يشفط أرباحاً أكثر في اليوم الواحد!
ولم يعد الأمر يقتصر على ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء ولا على البيض، بل على الخضار والحشائش، وكل ما يمكن أن تفكر الأسرة أن تشتريه لمائدتها الرمضانية. وعندما تصل تكلفة طبق الفتوش إلى ما لا يقلّ عن ألفي ليرة، فنحن أمام “فجور” أسعار يفرضها التجار بلا رحمة أو ضمير.
لقد تعودت جهات كثيرة أن تركز على أن رمضان هو شهر الرحمة وعودة الناس إلى ضمائرهم ولو إلى حين، ولكن هذا الأمر لا ينطبق على التجار المحتكرين للسلع والمواد في ظل رقابة عاجزة عن الفعل، ولا تتخذ أي قرارات أو إجراءات لمصلحة ملايين الأسر السورية.
نعم.. أسعار السلع والمواد في صالات “السورية للتجارة” أرخص حالياً من مثيلاتها في السوق بنسبة قد تتجاوز 40%، ولكنها لا تختلف عن أسعار التجار قبل أسبوع من رمضان!
وهذا يعني أن وزارة التجارة الداخلية ومعها وزارة الاقتصاد تلهثان وراء تسعيرة التجار بدلاً من إجراءات رادعة تخفض أسعار السلع إلى حدودها الطبيعية!
وبدلاً من تصريحات الجهات المعنية – وما أكثرها هذه الأيام – والتي تُسهب بشرح أسباب ارتفاع الأسعار فلتعلن عن إجراءات وقرارات تساعد الأسرة السورية، لا أن تشكرها فقط على تحمّلها للضغوط المعيشية!
والسؤال الذي لم تُجب عنه أية جهة خلال إطلالاتها الإعلانية: “كيف نعين الأسرة على تأمين الحدّ الأدنى من احتياجاتها في رمضان على الأقل؟”.
بالمختصر المفيد: جزمت غرفة تجارة دمشق قبل أسبوع من رمضان بأن آلية العرض والطلب هي التي تتحكم بأسعار المواد المنتجة محلياً، وأنه لن يكون هناك طلب كبير خلال رمضان، لأن القوة الشرائية للمواطن ضعيفة!ولكن.. الأسعار حلقت إلى مستوى “الفجور”، على الرغم من القدرة الشرائية الضعيفة جداً للأسرة السورية، والسبب أن التجار يتوجهون أساساً إلى المقتدرين مالياً، لا إلى محدودي الدخل، ليتنافسوا فيما بينهم على من يشفط منهم أموالاً أكثر!
علي عبود