“حارس القدس”.. سيرة حياة!!
” دمشق طريق العودة، وطريق فلسطين وسورية طريق واحد”.. الكلمات التي ردّدها النجم رشيد عساف بتأديته دور المطران كبوجي وتوحده مع سمات الشخصية التي جمعت كل الجوانب من قوة وصمود وتحدّ ورقة ولين، شدّت منذ المشاهد الأولى الآلاف من المتابعين العمل المنتظر “حارس القدس” بتوقيع المبدع باسل الخطيب وسيناريو الكاتب حسن م يوسف، إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، ليجدوا أنفسهم إزاء عمل مختلف بلغته الدرامية وحسّه الإنساني وأسلوبه السينمائي التلفزيوني، وحواره الذي لا يقتصر على الكلام فموسيقا سمير كويفاتي وصوت ميادة بسيليس ونظرات رشيد عساف وحارات حلب كلها تتحاور، ولاسيما أن المخرج الخطيب اعتمد على المكان كركيزة أساسية لبناء العمل بشكل توثيقي، وعلى غرار بعض أفلامه يجمع بين أزمنة عدة في وقت واحد، فيجمع العمل بين حلب عام 1933 ومرور سنوات طفولة المطران الذي يؤدي دوره الطفل ربيع جان بإحساسه العاطفي وبين روما عام 2016، منفى المطران.
تتشابك الأحداث التاريخية والمعاصرة فيبدأ العمل من الحدث الحاسم بتحرير حلب وانتظار المطران في روما الخبر الذي يتمنى سماعه بلهفة، إذ شكّل هاجساً بالنسبة إليه، لتنتقل الكاميرا إلى طفولة المطران في حلب بكل ما تحمله الأمكنة من أصالة ابتداء من المنزل الحلبي الكبير وغرفه التي تضم عبق التراث الحلبي إلى التكوين المعماري للحارة، ليتطرق الخطيب إلى ملامح من تاريخ سورية المعاصر أثناء مرحلة الاستعمار الفرنسي ومقاومة الفرنسيين لكل من يحاول تحريض الفكر على مقاومة الفرنسيين كما حدث مع أستاذ المدرسة الذي يعلم الطلاب الانتماء إلى الوطن ويكتب منشورات ضد الاحتلال، وفي الوقت ذاته يركز الخطيب على رفض المطران منذ طفولته الظلم وإحساسه بمسؤولية والدته التي نذرت نفسها لتربية أولادها الثلاثة بعد وفاة والدهم.
الأمر اللافت أن المخرج مرّر أثناء المشاهد في حلب جملة “انتوا أولاد حارة وحدة لا تتقاتلوا” في مشهد اقتتال الأطفال بعد خروجهم من المدرسة.
وسؤال المطران من روما عن أخبار حلب وحضور القضية الفلسطينية منذ البداية في حوارات المطران في روما مع جوليا، وتنويهه إلى حياته بالمعتقل وإلى المدينة التي يعشقها القدس، مما يشير إلى تكامل خطوط الحبكة حول السيرة الذاتية للمطران والأحداث التاريخية والإسقاطات الواقعية وأحداث الحرب الإرهابية في حلب.
مازلنا في بداية الأحداث للعمل المنتظر لمتابعة رحلة المطران في الكنيسة ومقاومته ضد الكيان الصهيوني، ومشروعه الإنساني ومصيره بالمنفى.
ولا شك أن الرهان على أداء النجم رشيد عساف الحامل الأساسي للعمل، وبصوته الذي يتخذ موضع السارد في مواضع في هذا العمل الذي يعدّ وثيقة تاريخية للقضية الفلسطينية في ظل ما تتعرض له القدس من محاولات لتهويدها وطمس هويتها العربية والدينية والقومية، ولتاريخ سورية التي واجهت قدرها بمواجهة الحروب والمؤامرات.
يتصدّر “حارس القدس” أعمال الدراما السورية التي تمكنت من الصمود في زمن الحرب وفي مواجهة وباء كورونا من خلال عرض مجموعة من الأعمال على صعيد أعمال البيئة الشامية والاجتماعية المعاصرة والخوض في غمار أعمال الجريمة والأعمال الخفيفة رغم تفاوت الأعمال من حيث النوعية، إضافة إلى حضور مسلسلات عربية لافتة تنم عن أهمية الدراما كصناعة محلية.
ملده شويكاني