المنظفات بين الإغراءات الكاذبة ولعبة الأسعار.. الشركات لم تنأ بنفسها عن الطرق الملتوية
رغم ما تشهده أسواقنا المحلية من تنافس بين المحلي والمستورد أسفر عن أحلام هلامية لدى المستهلك بحلّ معضلة الأسعار، إلا أنه سرعان ما تحطّمت هذه الأحلام بعد حين أمام مفترقين: الأول استمرار ارتفاع موجة الأسعار بشكل جنوني يوماً بعد يوم، والثاني تدني مستوى الجودة بشكل لا يوصف.
وتعدّ شركات تصنيع المنظفات من الشركات التي لم تنأ عن البحث والتقصي عن الفرص المؤاتية والملتوية التي تحقّق من خلالها الربح السريع والوفير في آن معاً، مستغلة متطلبات المستهلك لهذه المنظفات واستعمالاتها اليومية، فبجولة على محال بيع المنظفات لاحظنا الارتفاع والتفاوت في الأسعار بنسبة (20- 50)% من سوق لآخر، وعند السؤال عن السبب، كان الجواب واحد لا غير “هذا غلاء عالمي لم يطل المنظفات وحدها بل انسحب على باقي السلع”.
أما السبب الآخر وكما ذكر لنا بعض من يتعاملون بصناعتها فينصب في خانة الأعباء والتكاليف الباهظة لاستيراد المادة الفعّالة والممثلة بالحبيبات الزرقاء التي تضاف لمساحيق التنظيف، ونتساءل هنا: هل حقاً تلجأ جميع شركات تصنيع المنظفات الموجودة في أسواقنا المحلية إلى إضافة هذه المادة الفعالة إلى منتجات شركات تصنيع الصابون أو المواد السائلة للتنظيف وغيرها الكثير ممن لا يحتاج لهذه المادة؟.
وفي جولة على الأسواق تبيّن أنه تم تسجيل عروض عديدة لمنتجات التنظيف وبأسعار مختلفة، فسائل الجلي الذي كان يباع بـ 450 ليرة سجل اليوم سعراً تراوح بين 700 – 850 ليرة سعة 900 مل، ومادة الكلور بين 400 – 600 ليرة، في حين قفز سعر منظف الفلاش من 400 إلى 600 ليرة، والشامبو المستورد ما بين 1000 – 2500 ليرة، وشامبو تعبئة محلية 2 ليتر 1400 – 1600 ليرة، أما المحارم التي تُباع حسب الوزن فيتراوح سعرها مابين 600 – 880 ليرة، كما تباع فوط الأطفال الفرط القماش وزن الكيلو غرام منها بسعر 1600 ليرة والنايلون من 1400 إلى 1500 ليرة.
كما ارتفعت أسعار المنظفات بمقدار 300 ليرة لكيس منظف الغسيل الذي كان وسط الأسبوع الماضي بـ 2700 ليرة ليصبح اليوم بـ 3 آلاف ليرة، وعلبة الجت بـ 600 ليرة وكانت بـ 500 قبل أيام معدودة. وكيس المناديل الورقية وزن 500 غ أصبح بـ 1000 ليرة بينما كان الأسبوع الماضي بـ 800 ليرة أما المستوردة المغلفة منها فتباع بسعر يتراوح مابين 2400 – 2700 ليرة، أما أكياس النايلون فأسعارها دائماً في ارتفاع كونها استيراداً، فبعدما كان سعر الكيلو غرام منها 1200 ليرة تجاوز سعرها اليوم الـ 1600 ليرة، أما مساحيق الغسيل فيباع الأوتوماتيك منها وزن 2 كيلو بسعر مابين 1650 – 1800 ليرة، والمسحوق العادي وزن 750 غ يباع ما بين 450 – 600 ليرة، وتبقى المحال التي تبيع المنظفات بالجملة الملاذ الآمن للمواطنين توفر لهم كسراً بالأسعار ولو قليلاً.
وبالانتقال إلى بدع الدعايات الكاذبة التي تتبعها معظم شركات التنظيف وبفخر للترويج لسلعها فهي سلسلة طويلة تبدأ ولا تنتهي، فالبدعة الأولى في هذا المجال ما يمكن تسميته أسلوب التشويق، كأن يكتب على إطار العبوة الخارجي داخل العبوة هدية مجانية عرض تحجز مساحة لا بأس بها من كمية المسحوق، وبالتأكيد سعرها لا يتجاوز ربع الكمية التي قامت بحجزها. أما البدعة الأخرى والتي تحتضنها أغلب شركاتنا الصانعة للمنظفات، ما يمكن تسميته أسلوب المراوغة العلنية كإنتاج منتج جديد بمواصفات عالمية وامتياز عالمي بمقياس الايزو وبنسبة تركيز فعالة، وهذه كلها بالتأكيد مواصفات ابتدعتها الشركة الصانعة، يرافق ذلك حملة إعلانية واسعة الأطياف تصرف عليها مبالغ طائلة كأن توزع عينات مجانية من هذا المنتج تختلف بنسبة 100% عن السلع المباعة في الأسواق لنكتشف وللأسف بعد فوات الأوان وبعد أن يكون المواطن قد شرب المقلب، واختار هذا المنتج علّه يجد ضالته المنشودة به والمتمثلة بقوة نظافته وتركيزه، في حين أن هذا المنتج كان مطروحاً في السابق بالأسواق ولم يحقق الربح المطلوب بسبب تدني مستوى جودته، ولكن في هذه المرة باسم جديد وسعر مرتفع أضعاف ما كان عليه سابقاً.
مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق بيّن أن الدوريات تتابع حركة الأسواق المفتتحة، وتعمل بكل طاقتها لضبط المخالفين رغم قلة العناصر والآليات اللازمة لتغطية أسواق العاصمة. ولفت المصدر إلى أن دوريات الرقابة رغم معاناة عملها قامت بسحب عينات وإغلاقات لمحلات مخالفة للتسعيرة النظامية، وهناك مراقبة شديدة على محلات بيع المنظفات وخاصة في هذه الظروف التي تجعل المواطنين يستهلكون المزيد من مواد التنظيف.
عبد الرحمن جاويش