الاستخبارات الأمريكية ترفض ضغوط ترامب: كورونا ليس نتاجاً بشرياً
رغم أن مسؤولين كباراً في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغطوا على أجهزة الاستخبارات لإيجاد أدلة تدعم مزاعم أن فيروس كورونا جاء من مختبر صيني، وذلك بهدف تحويل الانتباه عن الانتقادات الموجّهة إلى هذه الإدارة بشأن طريقة تعاملها مع الأزمة جراء الوباء، فقد حسمت الاستخبارات الأمريكية الجدل وأكدت، أمس الخميس، أن الفيروس لم يكن نتاجاً لنشاطات بشرية أو تحوّر وراثي.
وجاء في بيان صدر عن مكتب مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية: إن “أسرة الاستخبارات الوطنية تشارك إجماع الباحثين على أن فيروس كوفيد-19 لم يتم تطويره من قبل البشر ولم يكن نتاجاً لتحوير وراثي”، وتابع البيان: إن الاستخبارات الأمريكية ستواصل دراسة المعلومات الواردة والمعطيات الاستخبارية الخاصة بـ “كوفيد-19″، وذلك من أجل “تحديد ما إذا كان اندلاع وباء كورونا سببه هو احتكاك بحيوانات مصابة، أم أنه كان نتيجة لحادث وقع في مختبر ووهان”، في إشارة إلى المدينة الصينية التي بدأ منها تفشي فيروس كورونا، أواخر كانون الأول الماضي.
وكانت إدارة ترامب وجّهت الاستخبارات الوطنية بالكشف عن تعتيم محتمل في بداية الجائحة من جانب السلطات الصينية ومنظمة الصحة العالمية، بشأن معلومات تخص فيروس كورونا المستجد، فيما كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن مسؤولين دفعوا بوكالات التجسس الأمريكية لإيجاد أدلة تدعم نظرية لا أساس لها من الصحة مفادها بأن مختبراً حكومياً في مدينة ووهان الصينية كان مصدر تفشى الفيروس، وذلك وفقا لمسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين، في الوقت الذي يعزز فيه ترامب حملة عامة لإلقاء اللوم على الصين في هذا الوباء.
ولفتت الصحيفة إلى أن بعض محللي الاستخبارات يشعرون بالقلق من أن هذا الضغط من مسؤولي الإدارة سيشوه التقييمات حول الفيروس لاستخدامها كسلاح سياسي في معركة مكثفة مع الصين بسبب مرض أصاب أكثر من ثلاثة ملايين شخص في جميع أنحاء العالم، وأشارت الصحيفة إلى أن معظم وكالات الاستخبارات لا تزال متشككة بإمكانية العثور على دليل قاطع على وجود ارتباط بمختبر، بينما يقول العلماء الذين درسوا علم وراثة الفيروس أن الاحتمال الغالب هو أنه انتقل من حيوان إلى إنسان في بيئة غير مخبرية كما كان الحال مع فيروس نقص المناعة البشرية /الايدز/ والايبولا والسارس.
وأوضحت الصحيفة أن مساعدي ترامب وأعضاء من الحزب الجمهوري في الكونغرس الأمريكي سعوا إلى إلقاء اللوم على الصين في هذا الوباء لتفادي الانتقادات جراء سوء تعامل الإدارة الأمريكية مع الوباء الذي أصاب أكثر من مليون أمريكي وقتل أكثر من 60 ألفاً.
ووفق مسؤولين حاليين وسابقين فإن وزير الخارجية مايك بومبيو، وهو مدير سابق في وكالة الاستخبارات المركزية والأكثر تشدداً في الإدارة الأمريكية بشأن الصين، أخذ زمام المبادرة بالضغط على وكالات الاستخبارات الأمريكية للحصول على مزيد من المعلومات.
وحذرت الصحيفة من أنه يمكن لأي تقرير استخباراتي أمريكي يلقي باللوم على مؤسسة ومسؤولين صينيين عن تفشى المرض أن يلحق الضرر بشكل كبير بالعلاقات مع الصين لسنوات قادمة كما يمكن لمسؤولي إدارة ترامب استخدامه لمحاولة حث الدول الأخرى على مساءلة الصين علناً عن الوفيات الناجمة عن المرض حتى عندما لا يمكن تحديد أصول الوباء بدقة.
وكتب خمسة علماء في ورقة بحثية نشرتها مجلة /نيتشر ميديس/ في شهر آذار الماضي: “لا نعتقد أن أي نوع من السيناريوهات المختبرية معقول”.
وذكرت نيويورك تايمز أن ترامب أعرب عن اهتمامه بفكرة عرضها مايكل بيلسبرى وهو مستشار غير رسمي بالبيت الأبيض بشأن الصين بأنه يمكن مقاضاة بكين للحصول على تعويضات حيث تسعى الولايات المتحدة إلى 10 ملايين دولار لكل وفاة، وقال ترامب في مؤتمر صحفي هذا الأسبوع “إن الإدارة تناقش مطالبة تعويضات جوهرية للغاية ضد الصين” وهي الفكرة التي نددت بها بكين.
وأشارت الصحيفة إلى مسؤولين حكوميين حاليين وسابقين أفادوا بأن الـ (سي آي ايه) لم تكشف بعد أي بيانات تتجاوز الأدلة الظرفية لدعم نظرية المختبر وأنها أبلغت صانعي السياسة أنها تفتقر إلى المعلومات الكافية لتأكيد هذه النظرية أو دحضها موضحين أن الوصول فقط إلى المختبر نفسه وعينات الفيروس التي يحتوى عليها يمكن أن يوفر دليلاً قاطعاً وهذا إن وجد.
وكانت الصين أكدت في آذار الماضي أن الاتهامات التي يعمد ترامب إلى إطلاقها ضدها فيما يتعلق بانتشار فيروس كورونا المستجد هي مجرد افتراءات تتجاهل جهودها الكبيرة ومساهمتها في محاولات احتوائه كما سبق أن استنكرت وصف ترامب لفيروس كورونا بـ “الفيروس الصيني”.