دراساتصحيفة البعث

اليد المنتجة هي اليد العليا ….

علي اليوسف

إن مناسبة عيد العمال تكتسب أهمية كبيرة هذا العام، خاصةً وأن الطبقة العاملة في مختلف أنحاء العالم تتعرض لظروف صعبة، نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية، وجائحة كورونا، والعقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية الظالمة، واستهداف الحقوق العمالية، وإفلاس مئات الشركات الكبرى وتعرض العمال للتسريح، وفقدان أعمالهم وارتفاع نسبة البطالة في مختلف دول العالم.

يأتي عيد العمال هذه السنة مختلفاً عن كل ما سبقه من أعياد، ليس لتغير المطالب والأهداف، بل لما فرضته جائحة كورنا من أولويات بعد الحظر المنزلي، وتوقف عجلة الإنتاج في معظم دول العالم، وتعطل الملايين من العمال عن العمل.

في مثل هذا اليوم كان العالم يشهد مظاهرات عمالية تطالب بحقوقها من تحسين أوضاعهم المعيشية إلى تحسين ظروف وتقليل ساعات العمل، لكن بعد الجائحة يبدو أن المطالب ستتغير وتنقلب رأساً على عقب، ومن الواضح من مجريات الأحداث أن معظمهم سيطالبون بتأمين عمل لمن فقد عمله، أو تعويض مالي لمن تم توقيفه مؤقتاً عن العمل.

وسورية واحدة من بين الدول المتضررة أيضاً من العقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية، وفيروس كورونا، ولكن ضررها مضاعف لعدة أسباب هي:

  • منذ عام 2011 والدولة السورية تحارب الإرهاب نيابة عن العالم، هذا العالم الذي صدر إليها الإرهابيين لهدف واحد هو خلق الفوضى ومحاولة السيطرة على البلاد ومواردها.
  • كانت التكلفة المالية لهذه الحرب باهظة الثمن دفعها الشعب السوري -عمالاً وفلاحين- من قوت حياتهم اليومية.
  • تسببت الحرب الإرهابية على سورية بتخريب المعامل والمصانع التي بنيت بعرق الشعب السوري منذ سبعينيات القرن الماضي، الأمر الذي انعكس سلباً على عجلة الإنتاج، وعلى العمال بشكل خاص.
  • العقوبات الاقتصادية الجائرة على الشعب السوري من قبل الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية، وآثارها على المواطنين بشكل مباشر.
  • أخيراً جائحة الفيروس التاجي ومنعكساتها على القطاع الطبي وارتباطه المباشر بالوضع الصحي للشعب السوري بأكمله، مقابل إصرار غربي على عدم رفع العقوبات الطبية والاقتصادية المفروضة على سورية من قبل أركان المؤامرة الغربيين.

لكن رغم كل ذلك لا يسعنا في هذه المناسبة إلا أن نستذكر المكتسبات والإنجازات الكبيرة التي حققتها الطبقة العاملة في سورية التي كانت ومازالت السباقة في النضال  على ساحات الوطن والدفاع عنه وحمايته من الطامعين بخيراته، حيث استطاعت الطبقة العاملة أن تسهم بقوة في التحولات الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وتبني شعار “اليد المنتجة هي اليد العليا في الدولة”، حتى باتت الطبقة العاملة صاحبة القرار في كل ما يصدر عن السلطات التشريعية والتنفيذية، وتبوأت الطبقة العاملة السورية مواقع مهمة في قيادة العملية الإنتاجية وشارك العمال عن طريق تنظيمهم النقابي في صنع القرارات السياسية والاقتصادية.‏

حتى باتت الطبقة العاملة السورية تتحمل المسؤولية وتدافع عن مكاسبها وتعي دورها في إطار المصلحة الوطنية، وأصبحت المؤتمرات العمالية محطات لتقويم العمل والانطلاق نحو الأفضل على صعيد العمل والإنتاج وتحقيق المكاسب للطبقة العاملة، والمساهمة في تطوير أساليب العمل وتحسين مستوى الإنتاج والارتقاء بالأداء والدفاع عن القطاع العام والعمل على تحديثه وتطويره ليبقى القطاع الرائد والقائد للاقتصاد الوطني.‏

كيف لا والعمال يعتبرون خط الدفاع الأول والأخير، لمواجهة كل المخاطر التي يتعرض لها المجتمع بسبب الأوضاع الاقتصادية، والتقليل من آفات المجتمعات مثل الفقر والجهل والتخلف، والأهم من هذا وذاك تعتبر القوى البشرية العاملة هي التي تحدد مكانة الدولة بين الدول، خاصةً مع انتشار ثقافة الإخلاص في العمل وإعطاء العمال حقهم، وتثبيت ذلك عبر النصوص والقوانين والتشريعات.

إن تاريخ الطبقة العاملة السورية حافل بمآثر النضال الوطني والكفاح السياسي والمواقف المتميزة، وقد أسهمت بشكل كبير في بناء الوطن وحمايته وتحقيق المزيد من المكاسب ودعم الاقتصاد الوطني، فهنيئاً للعمال بعيدهم وهم متمسكون بهذا الوطن بسواعدهم وعقولهم لبناء وطن الخير والعطاء والمحبة، وطن العزة والمنعة الطامح لتحرير سورية من الإرهابيين، واستعادة باقي الأراضي التي تحتلها الولايات المتحدة الأمريكية، والنظام التركي، والانطلاق لإعادة إعمار سورية، واستعادة هويتها الإنسانية.‏