دراساتصحيفة البعث

الفيروس التاجي أكثر من مجرد كارثة صحية ..

علي اليوسف

تم تصنيف الفيروس التاجي الجديد COVID-19  على أنه التهاب رئوي فيروسي، ولكن هذا الإعلان -الذي لا مبرر له– كانت له آثار مدمرة على الكرة الأرضية والنسيج الاجتماعي والاقتصادي، فالعالم مغلق بالمعنى الحرفي للكلمة، ومن يدري أن تاريخ انتهاء الجائحة المقترح – نهاية نيسان- سيكون له صلاحية عالمية.

هذا الفيروس أثر بشكل مباشر على حوالي ربع سكان العالم الذين هم بدون عمل، أو يقومون بأعمال موسمية لكسب بعض المال لشراء الطعام، هؤلاء الناس محكوم عليهم بالموت بسبب المرض أو المجاعة أو الإهمال، واختفاؤهم لن يلاحظه أحد.

لقد تم فرض حالة الطوارئ الصحية على كل دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة، وعندما تم الإعلان عن المرض في الصين لم يكن هناك سوى 150 حالة خارج الصين من عدد السكان البالغ عددهم 6.4 مليارات نسمة، إذاً من اتخذ القرار؟

هذا القرار اتخذ في المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) في دافوس (21 – 24 كانون الثاني 2020) خلف أبواب مغلقة من قبل هيئة غير طبية على الإطلاق، كما قالت صحيفة “نيويورك تايمز” في عددها الصادر بتاريخ 20 آذار الماضي. أي أن واضع هذا المخطط الشيطاني يهدف من ورائه إلى أن يكون لآثاره القصيرة والمتوسطة ​​والطويلة أبعاداً لا يمكن لأي شخص فهمها في هذا الوقت. وقد يؤدي ذلك إلى تحول في نمط حياة المجتمعات لم تشهده البشرية على الإطلاق في الـ 200 عام الماضية وما بعدها.

يقول الطبيب الأمريكي والمدير المؤسس لمركز أبحاث الوقاية بجامعة “ييل”، الدكتور ديفيد كاتز: “إنني قلق للغاية من أن العواقب الاجتماعية والاقتصادية والصحية العامة لهذا الانهيار شبه الكامل للحياة الطبيعية- إغلاق المدارس والشركات، والتجمعات – ستكون طويلة الأمد وكارثية، وربما تكون أخطر من الخسائر المباشرة للفيروس نفسه”.

وبالفعل بعد ثلاثة أشهر من تفشي المرض، وبعد أسبوعين فقط من الإغلاق الكامل للعالم، يمكننا أن نرى علامات الانهيار الاقتصادي قد بدأت تلوح في الأفق، فقد انخفضت سوق الأسهم بنسبة 30٪ على الأقل، وأزيلت مدخرات صغار المستثمرين، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى إفلاس الملايين من الشركات الصغيرة والمتوسطة حول العالم، وخلق بطالة، ومجاعة وفقر و​​ووفيات، ويأس، وغياب الرعاية الصحية، وفي النهاية الانتحار، وقد عنونت صحيفة نيويورك تايمز في 27 آذار الماضي “هناك أكثر من 3.3 ملايين مطالبة جديدة للحصول على إعانات البطالة في اقتصاد ينهار”.

لكن ماذا عن البلدان النامية، أو في جنوب الكرة الأرضية التي ينتشر فيها الفقر بنسبة كبيرة ؟. إن تأثير هذه الكارثة سيكون الأسوأ، وربما لا رجعة فيه. وتشير التقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث إلى أن ما يقدر بنحو 1.7 مليار شخص في جميع أنحاء العالم في حالة خطرة، وهؤلاء الناس الذين لا يملكون المال والمأوى قد يلجؤون إلى الجريمة أو إلى الانتحار. في اليونان، على سبيل المثال، وفقاً لمجلة “لانسيت”، ارتفع معدل الانتحار بشكل كبير تقريباً بعد 2008-2009 بسبب الاكتئاب الناجم عن الديون (من قبل الخونة الأوروبيين في اليونان).

لكن في النهاية لابد من حل، والواضح حتى الآن أنه سيعرض على الدول قروض إنقاذ من قبل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وبالفعل عرض البنك الدولي ما لا يقل عن 12 مليار دولار أمريكي للتخفيف من أزمة COVID-19 حيث بدأ صندوق النقد الدولي بمبلغ 50 مليار دولار أمريكي، والآن بعد الطلب مما يقدر بـ 60 دولة رفع السقف إلى تريليون دولار.

لكن “إنقاذ” هذه البلدان عبر الديون سيكون أشبه بالعبودية حتى لو كانت الفائدة منخفضة، لأنه يفرض على تلك البلدان سداد الديون. أما الضمانات فلاشك أنها ستكون خصخصة الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية والامتيازات للشركات الأجنبية لاستغلال موارد تلك الدول الطبيعية (النفط- الغاز– الغابات- الماء– المعادن)، وهكذا سيحدث خلط آخر للأموال من القاعدة الشعبية إلى القمة والمزيد من الاستعباد لأمم بأكملها.