كورونا يعرّي ثغرات الأنظمة الصحية الأفريقية
تواجه الدول الأفريقية زيادة في حالات الإصابة بمرض كوفيد-19، بينما يتوفّر لديها أقل من سرير للعناية المركزة وجهاز واحد للتنفس لكل 100 ألف شخص. وأظهر تحليل لتوقعات الباحثين أنه حتى في أفضل السيناريوهات، فقد تحتاج القارة إلى 10 أضعاف العدد الموجود الآن على الأقل عند وصول انتشار المرض إلى ذروته.
ونقص المعدات الطبية في النظم الصحية الوطنية بأنحاء أفريقيا من بين العناصر الأكثر وضوحاً، التي ظهرت خلال مسح أجرته رويترز شمل 54 دولة وتلقى ردوداً من مسؤولي الصحة أو خبراء مستقلين في 48 منها.
وتقدّم النتائج أكثر الصور العامة تفصيلاً حتى الآن للموارد والفحوص والعاملين في القارة للمرض الناجم عن فيروس كورونا المستجد، الذي أودى بحياة أكثر من 262000 شخص في جميع أنحاء العالم.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن أفريقيا التي يقطنها 1.3 مليار نسمة، قد تصبح البؤرة التالية لتفشي الوباء.
وسجلت القارة أكثر من 51000 حالة إصابة بمرض كوفيد-19، وهو رقم صغير ضمن 3.76 ملايين حالة مسجلة على مستوى العالم، لكن مستويات الفحص المنخفضة تجعل من المستحيل معرفة الحجم الحقيقي للعدوى.
وقالت اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة: إن القارة قد تشهد ما يقرب من 123 مليون حالة هذا العام، بالإضافة إلى وفاة 300 ألف شخص.
وبافتراض إغلاق كامل لفترة غير محددة، ستكون هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 121000 سرير للرعاية المركزة على مستوى القارة عندما يصل الوباء إلى الذروة، بحسب تحليل للتوقعات التي وضعها العلماء في مركز “إم. آر. سي” البريطاني لتحليل الأمراض المعدية العالمية في إمبريال كولدج بلندن، والتي تستند إليها توقعات اللجنة الاقتصادية لأفريقيا.
ويقارن هذا بنحو 9800 سرير للعناية المركزة فقط رصدها المسح الذي تم إجراؤه خلال شهري نيسان وأيار. وكشف المسح أيضاً عن نقص حاد في معدات الفحص والعاملين وأجهزة الأكسجين.
وتحرّكت العديد من الدول الأفريقية بسرعة لاحتواء الفيروس وأطلقت حملات عالية المستوى للصحة العامة وفرضت قيوداً على الحركة وغيّرت خطوط الإنتاج في المصانع لتنتج معدات الوقاية.
وقالت الطبيبة جولييت نياجا الرئيسة التنفيذية لمستشفى كارين، وهو منشأة خاصة في كينيا: “نحن نستعد”، مشيرة لوحدة عزل تم إنشاؤها في مدرسة تمريض. وأضافت “لكن الأمر أشبه بكونك في فيلم لم يره أحد من قبل ولم يصلنا السيناريو”.
وتقدم منظمات دولية منها منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي، المساعدة لكنها تقول إنها تواجه صعوبات بسبب مشاكل في العثور على بيانات موثوقة لقياس احتياجات القارة.
وشهدت قدرة أفريقيا على إجراء فحوص توسعاً كبيراً، لكن معدل الفحص في القارة لا يزال نحو 685 اختباراً فحسب لكل مليون شخص، وفقاً للأرقام الصادرة عن المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
وبالمقارنة أجرت أوروبا ما يقرب من 17 مليون فحص أو أقل بقليل من 23000 لكل مليون. وقال جون نكينجاسونج، مدير مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في إفريقيا: “إذا لم تجر الفحص، فلن ترصد المرض”.
وعملت المنظمة التي أنشأها الاتحاد الأفريقي في عام 2017 مع منظمة الصحة العالمية لبدء الفحوص بسرعة.
وفي كانون الثاني، لم تكن الفحوص متاحة سوى في جنوب أفريقيا والسنغال، لكن الآن يمكن لجميع البلدان الأفريقية إجراء الفحوص باستثناء ليسوتو الصغيرة وساو تومي وبرينسيبي.
ومع ذلك لا تستطيع دول الاستفادة الكاملة من قدراتها. وخلص تقرير لمجلس الشيوخ الكيني بناء على معلومات من وزارة الصحة إلى أن مختبرات كينيا يمكنها إجراء 37000 فحص يوميا، لكنها لم تجر سوى 26000 فحص في اليوم حتى الآن. وقال التقرير إنها تفتقر إلى عاملين في المختبرات ومعدات جمع العينات كما تسلمت أدوات فحص معيبة في صورة تبرعات.
وقد أجرت كل من تشاد وبوروندي أقل من 500 فحص. وقال وزير الصحة التشادي محمود خيال إن مستويات الفحص منخفضة بسبب نقص المعدات وكذلك لأن العديد من الموظفين الذين كانوا يجرون الفحص أصيبوا أنفسهم بالمرض لذا لم يعد بمقدورهم العمل.