جوهر التغيير
تغيّرت صورة المشهد خلال رمضان الحالي عن سابقه، لجهة العادات والتقاليد والطقوس الرمضانية المعتادة، والتي لم تعد صالحة لممارستها في أيامنا الحالية بالنظر إلى الواقع المعيشي الصعب والدخل المتناقص الذي لا يتوافق قطعاً مع متطلبات واحتياجات الأسرة في الأحوال العادية، فكيف الحال في شهر رمضان الذي بات يشكل عبئاً كبيراً على كاهل الأسرة وفرصة ثمينة وسانحة لضعاف النفوس من التّجار لزيادة مساحة جشعهم واستغلالهم وتسخير كل إمكاناتهم وشطارتهم لاقتناص هذه الفرصة وتحقيق المزيد من المكاسب والأرباح بطرق ملتوية وغير مشروعة تتنافى مع روحانية ووجدانية شهر الخير والبركة والعطاء.
معضلة هذا الشهر الفضيل وغيره من أيام وأشهر السنة بعد سنوات الحرب الإرهابية الظالمة وآثار الحصار الاقتصادي الجائر على الشعب السوري، تتجلّى في افتعال الأزمات من قبل البعض والعجز الواضح في مواجهة التحديات من قبل المعنيين بإدارة الأزمات، ما يعكس حقيقة الترهل الواضح في هيكليات هذه المؤسسات الخدمية والإنتاجية والوحدات الإدارية على وجه التحديد، والتي باتت بأمسّ الحاجة إلى تعديل جذري في مهامها وصلاحياتها بما يتماشى مع متطلبات واحتياجات المرحلة الراهنة والمستقبلية.
مختزل القول: لم يعد مسموحاً الاختباء وراء الإصبع والاتكاء على الظروف على مبدأ “ليس بالإمكان أفضل مما كان”. ومن هنا، فإن جوهر التغيير يجب أن يرتكز على قواعد صحيحة وسليمة تؤدي في المحصلة إلى إنتاج بيئة جديدة شعارها التكامل والتشاركية بين جميع الاختصاصات بما في ذلك المجتمع الأهلي، يتمّ من خلالها تحديد أولويات المرحلة الراهنة وكيفية مواجهة التحديات، والعبرة تبقى دائماً في تنفيذ القرارات وبالنتائج على الأرض، فهل سنشهد لاحقاً تغييراً حقيقياً في سياسة حماية المستهلك كخطوة أولى على طريق التعافي التدريجي من الأزمات؟
معن الغادري