السخانات الكهربائية لتعويض نقص الغاز .. والفاتورة في ذمة “النفط”
كان لأزمة الغاز التي تعاني منها الأسر السورية أثر واضح في كل شؤون الحياة اليومية والدافع الرئيس وراء التوجه نحو بدائل أخرى يمكن الاستعاضة بها عن مادة الغاز، والتي تعتبر العمود الفقري للمنزل منذ عقود طويلة والتي أصبح الحصول عليها حلماً يراود الكثير من العائلات السورية وهذا فرض عليهم البحث عن مصادر أخرى للطاقة، خاصة لأغراض الطبخ ومنها استخدام السخان الكهربائي أو ما يسمى الطباخ.
تبخر الأحلام
فترة الحصول على أسطوانة الغاز والتي تتراوح بين ٥٠_٦٠ يوماً تعتبر مؤشراً واضحاً على توجه الأسر نحو بديل عن المادة التي لا تكفي في أحسن حالاتها ٣٠ يوماً، وبالتالي لابد من وجود هذا المصدر.
يقول عارف الحمد: إن آخر مرة حصل فيها على أسطوانة غاز كانت منتصف الشهر الثالث من العام الجاري، وهو ينتظر دوره منذ ذلك الوقت ومضى عليه شهر ونصف من دون غاز، ويحاول تعويض الأمر من خلال الكهرباء واستغلال فترات التغذية للطبخ.
طبعاً الحديث عن أزمة الغاز وصعوبة حصول المستهلكين على المادة، بعد تطبيق الآلية الجديدة لوزارة النفط من خلال رسائل تكامل والبطاقة الذكية شهر شباط الفائت، له شجون كثيرة وإن كان قد انحسر خلال أزمة كورونا وانشغال العالم لها وقد يكون توجه الأسر نحو السخان الكهربائي أحد أسباب هذا الانحسار في ظل غياب حلول أخرى أو أمل عند المواطنين بانفراج قريب لأزمة الغاز.
ترتيب الوقت
اضطرت نهال من مدينة السويداء وهي أم لأربعة أولاد وبناء على نصيحة والدتها لشراء سخان بـ 35 ألف ليرة بينما كان سعره قبل الأزمة لا يتجاوز 15 ألفا لتحل مشكلة عدم توفر الغاز المنزلي أو لتوفيره في حال كان موجوداً.
تقول السيدة التي بقيت حوالي عشرة أيام دون جرة غاز في المنزل: أجبرتنا الظروف للبحث عن بديل حتى نتمكن من إعداد طعامنا اليومي فقررنا شراء السخان الكهربائي، في حين تؤكد راميا أنها اشترت السخان في محاولة منها للتأقلم مع الواقع والبحث عن حلول للعائلة ليصبح السخان وسيلتها لتحضير طعام الأسرة بشكل يومي وتضيف: الحاجة تفرض علينا التأقلم مع هذا الجهاز إنها معاناة بنكهات مختلفة لكن لابد منها وقد تكون ساعات وصل الكهرباء كافية لإعداد وجبة الغداء حتى وإن فات وقت الغداء.
تجار الكهربائيات
حكمت وهو مهتم بعمليات إصلاح الأدوات الكهربائية سارع لصناعة طباخ منزلي بناء على المتوفر في السوق المحلية من مواد أولية لصناعته هذه، والتي يقول عنها: إنها موثوقة وآمنة وسعرها مقبول بالنسبة للأسر الريفية والأهم أنه متعدد الاستعمالات وقادر على حمل أوزان ثقيلة.
صناعة حكمت هذه قد تكون مقبولة للكثير من الأسر التي وجدتها حلاً مناسباً لنقص الغاز وإن كان ليس الوحيد فأسواق الكهربائيات تشهد إقبالاً كبيراً على شراء السخانات الكهربائية متعددة الماركات والموديلات والتي غصت بها الأسواق، وقد قفزت أسعارها إلى الضعف أو أكثر في الكثير من الحالات.
يقول شادي وهو صاحب إحدى محلات الكهربائيات في سوق السويداء: إن مبيع السخانات الكهربائية زاد بشكل واضح وكبير خلال الفترة الأخيرة وهناك إقبال على الليزري منها أو ما يسمى الطباخ كونه يلبي كافة احتياجات الأسرة والذي يصل سعره إلى نحو ٣٠ ألف ليرة، و أصنافه متعددة حسب المواصفات يزيد أو ينقص سعره بناء على الماركة أو المواصفات، وهناك السخانات العادية والتي يصل سعرها إلى ثمانية آلاف، وهي مقبولة وتلبي حاجة الأسرة في هذا الوضع، ويضيف شادي: إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير من قبل الموردين بسبب زيادة الطلب وهذا يحكم السوق، مبيناً أن المهم في الموضوع هو حل أزمة أساسية بالنسبة للأسرة في ظل عدم توفر الغاز.
استخدام منظم
ورغم كل التحذيرات، السخان أصبح قطعة أساسية في المنزل رغم استهلاكه الكبير للكهرباء لكن الحاجة فرضته لغياب البديل ويبقى لسان حال السيدات الكهرباء أنظف وأقل تعباً من الاضطرار للعودة لموقدة الحطب أو بابور الكاز كما فعلت نساء الريف في ظل أزمة الغاز التي تشهدها البلاد والانتظار لأكثر من شهر للحصول على الجرة.
رئيس دائرة حفظ الطاقة في شركة كهرباء السويداء المهندس سهيل زين الدين بيّن أن استهلاك السخانات الكهربائية يصل إلى كيلو واط ساعي لكل ألف واط، وبالتالي يختلف الاستهلاك حسب استطاعة السخان إلا أنه في جميع الأحوال فإننا أمام مشكلة أساسية وهي استثمار الطاقة الكهربائية النافعة في عمليات التسخين والتدفئة فعملية تحويل الطاقة الكهربائية إلى طاقة حرارية هو أسوأ استعمالات هذه الطاقة لأن هذه الطاقة يتم توليدها أساساً من تحويل الطاقة الاحفورية إلى طاقة حرارية ومن ثم كهربائية ومن ثم عمليات التحويل والنقل بتوترات عالية لمسافات طويلة ومن ثم تحويلها لتوترات منخفضة عبر محطات التحويل إلى التوتر الأساسي الصالح للاستخدام هذه العملية تخدر نحو ٨٠%من الطاقة المولدة، وبالتالي يكون هناك ٢٠% طاقة نظيفة يجب الحفاظ عليها قدر المستطاع وإذا كان لابد من استخدام السخانات الكهربائية كونها تشكل بديلاً لعدم توفر الغاز فيجب أن تكون بالحد الأدنى وفي إطار مرشد ومنظم.
ماذا عن الفاتورة
رغم أن مشكلة عمليات الطبخ والتسخين قد تم حلها وإن كان بشكل جزئي إلا أن الأسر السورية لا تخفي قلقها من ارتفاع فواتير الكهرباء خلال الدورة القادمة ومابعدها جراء الاستخدام الكبير للتجهيزات الكهربائية، وهنا تبرز أهمية المقايضة بين الكهرباء والغاز كوزارتين كأن تتحمل الثانية جزءاً من فاتورة من المفترض أنها صاحبة الحل في عدم تحملها من قبل المواطن، وذلك وفق رؤية ليست مستحيلة التحديد عند أصحاب الرؤى والقرارات المهتمين بالوضع المعيشي للمواطنين.
رفعت الديك