تحقيقات

الطفل العنيف.. مرآة لأخطاء الوالدين

تشتكي العديد من الأمهات من تصرفات أولادهن وعدم قدرتها على السيطرة على سلوكهم، حيث تقول إحداهن: يستحيل أن أسيطر على عنف ابني، إنه يكسر كل ما يراه في طريقه. هذا الطفل يبلغ من العمر ثماني سنوات، وهويحاول أن يحّطم ويخّرب كل ما يصادفه في المنزل، ويختلف باستمرار مع شقيقه البالغ من العمر اثني عشر عاماً بسبب مشاكسته وازعاجه. وعندما تزجر هذه الأم ابنها يعدها في كل مرة ألا يعيد الكرة، وأن يكون مثال الصبي المهذب، لكنه لايلبث أن ينكث بوعده ويعود إلى عنفه.. وتقول هذه الأم: إن طفلها عنيف بطبعه، فعندما كان رضيعاً كان لايهدأ في مكانه، وكان يتحرك ويضرب رأسه هنا وهناك ولم يكن هذا الطفل يشكو من الألم الذي يصيبه، بل كان ينهض بسرعة ويعود إلى اللعب وكأن شيئاً لم يكن.

دور الأب
في الواقع لقد لعب والد هذا الطفل دوراً في جعله عنيفاً، فقد كان يردد على مسمعه أنه ولد مشاكس وعنيد. وأنه لايفعل إلا ما يحلو له، ومع مرور السنين زاد عنف هذا الطفل، وأصبح لايطاق، وفي كل مرة يلعب فيها مع شقيقه الأكبر ينتهي الأمر بمأساة ويعلو الصراخ والنحيب، إلى ذلك يشّكل ذهابه إلى النوم مشكلة كبيرة تضاف إلى مشكلاته، فهو الذي يقرر متى ينام، ولاأحد يستطيع أن يجبره على ذلك. لقد أصبح جو البيت متوتراً، ولايعرف الوالدان كيف يتدبران أمرهما مع هذا الطفل، وكيف يجعلانه أكثر هدوءاً وتعقلاً.

العنف والحنان
يحتاج الطفل العنيف إلى حدود يضعها له أبواه، ومن المهم أن يفهم الأطفال مثل هذا الطفل أن هناك آداباً وقوانين عليهم الالتزام بها. لكن القوانين لايجب أن تفرض على الطفل على اعتبارها تهديداً أو عقاباً، لأن ذلك يمكن أن يخيفه فيجعله منطوياً على ذاته، أو يجعله أكثر عنفاً وقسوة. إن الطفل العنيف لابد وأن يفهم لماذا عليه الخضوع والامتثال لبعض القواعد، كما يجب أن يُكافأ على هدوئه حين يلتزم بالحدود الموضوعة له. أو أن يُحرم من بعض ما يحب إن لم ينفع أسلوب المكافأة. من ناحية أخرى يجب أن تترك للطفل فرصة الاختيار، وألا تُفرض عليه العقوبات كأنه مجرم دون أي تعليق أو قابلية للنقاش. وأخيراً، ينصح علماء النفس بجعل الطفل يمارس أي نوع من أنواع الرياضة كي يخرج ما بداخله من عنف. إلى ذلك لابد وأن يشعر الطفل بعاطفة والديه تجاهه، فالقسوة تعتبر أحياناً تنحياً عن المسؤوليات، فالأم التي لاتملك الكثير من الصبر وطول البال تلجأ إلى الصراخ والضرب لتتهرب من واجباتها تجاه أطفالها. ويطالب علماء النفس الآباء والأمهات بالتعود على إجراء حوار مع أطفالهم منذ سني عمرهم الأولى، فالحوار يتيح للوالدين التركيز على النقاط الحساسة، والدخول إلى قلب المشكلة. وكي يشعر الطفل بالاستقرار يجب أن يعيش في جو من الثقة المتبادلة، وأن يحظى بالاهتمام والحنان.
إبراهيم أحمد