هل عادت شركات التأمين لتحقيق أرباح تشغيلية بعد سنوات من أرباح فروقات القطع؟
ظل الكثير من الشركات المحلية، طوال سني الأزمة وربما قبلها، يعتمد على فروقات القطع لتحقيق أرباح تفوق في كثير من الأحيان أرباحها التشغلية، والتي يفترض أنها تأتي نتيجة النشاط أو الأنشطة التي رخصت الشركة من أجلها، وهذا كما هو معروف حالة غير صحية، لأن هذه الفروقات ليست ثابتة، وبالتالي فإن حركتها قد لا تكون دائما في صالح الشركة وتخدم أرباحها..
ثمة تنام في ظاهرة الشركات التي باتت تحقق أرباحا تشغيلية، خلال السنتين الأخيرتين، ولعل ذلك مرتبط بشكل رئيس ببدء التعافي الاقتصادي، ولو على نحو بطيء، كما أنه مرتبط بعودة هذه الشركات لمزاولة أنشطتها التقليدية، بعد أن توقفت نتيجة الأزمة كليا أو جزئيا، ويلاحظ في هذا السياق أن الحالة العامة في هذه العودة كانت بموارد ذاتية، في وقت أحجمت المصارف عن التمويل.
شركات التأمين كمثال
حققت شركات التأمين العاملة في السوق المحلية (وعددها – باستثناء المؤسسة العامة السورية للتأمين – 12 شركة) أرباحا تشغيلية، خلال العام الفائت قياسا بسابقه (2.9 مليار ليرة سورية، وبنسبة نمو 119 بالمئة) وقد توزعت هذه الأرباح على الشركات كافة، وإن تراوحت بين 708 ملايين و41 مليونا. واستحوذ التأمين الإلزامي على الحصة الأكبر بواقع 987 مليونا، ثم الصحي 193 مليونا، وكان الهندسي هو الأقل منخفضا إلى 8 بالمئة.
صافي الأرباح
وأظهر تقرير صادر عن مديرية الدراسات وإدارة المخاطر في هيئة الإشراف على التأمين حول أداء الشركات، خلال عام 2019، أن صافي أرباح الشركات بلغ 2.214 مليار ليرة، لكنه تراجع عن 2018 بنسبة 8 بالمئة من 2.403 مليار ليرة، فيما نمت حقوق المساهمين إلى 29.483 مليارا، من 27.728 مليارا بنسبة 6 بالمئة، وانخفضت الموجودات إلى 55،827 مليارا من 57،586 مليارا بنسبة 3 بالمئة، وهو أداء معقول قياسا بالأضرار الكبيرة التي مني بها قطاع التأمين جراء تداعيات الأزمة.
الرساميل
يبلغ إجمالي رساميل شركات التأمين الخاصة 14.04 مليار ليرة، وذلك دون احتساب رأس مال المؤسسة العامة السورية للتأمين، وهو مليارا ليرة، فيما يبلغ إجمالي رساميل 8 شركات تعمل في إدارة النفقات الطبية 816 مليونا، علما أن شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين هي معيد التأمين الوحيد في السوق، ويبلغ رأس مالها 50 مليون دولار.
وقد نمت هذه الرساميل خلال 15 عاما بشكل جيد، وذلك بالتزامن مع فتح السوق أمام الشركات الخاصة وتوسعها لاحقا، فمثلا كانت عام 2005 ملياري ليرة، لأنها كانت تقتصر على المؤسسة كلاعب وحيد في السوق، التي توسعت في العام التالي، لتصبح في 2010 حوالى 14.550 مليارا، وفي 2015 حوالى 14.655 مليارا، ثم 17.471 مليارا في 2019.
في البورصة
هناك ست شركات تأمين مدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية، بلغ حجم التداول على أسهمها، خلال العام الفائت، 3.971 ملايين سهم، بقيمة 1،668 مليار ليرة، نفذت عبر 885 صفقة، واللافت في أداء هذا القطاع الذي يعد الثاني في البورصة بعد المصارف، هو استحواذ شركة المتحدة للتأمين على أغلب تداولاته بواقع 1.5 مليار ليرة، فيما تقاسمت الخمس شركات الأخرى ما تبقى من قيمة التداول.
نمو الأقساط
يبدو أن سوق التأمين تجاوزت مرحلة الخطر، وعادت للاستقرار والنمو، فقد بين التقرير أن أقساط العام الفائت بلغت 36 مليار ليرة، ارتفاعا من 32 مليارا، لتحقق نموا 12 بالمئة، مع استمرار المؤسسة بالاستحواذ على الحصة الأكبر من سوق التأمين، حيث بلغت أقساطها 25 مليارا، تشكل 70 بالمئة من هذه السوق، مقابل 11 مليارا و30 بالمئة لبقية الشركات.
وعلى مستوى الفروع، احتفظ تأمين السيارات بتصدره للنشاط التأميني مستحوذا على 35 بالمئة من إجمالي الأقساط، عبر 12.7 مليارا، فالتأمين الصحي بـ 34 بالمئة و12.4 مليارا، والسيارات الشامل بـ 11 بالمئة و4.2 مليارات، فيما جاء تأمين السفر بالحصة الأقل، عبر واحد بالمئة و 170 مليون ليرة.
ونمت الأقساط من 6.7 مليارات عام 2005، إلى 18.8 مليارا في 2010، ثم عادت لتنخفض في 2015 بفعل تداعيات الأزمة إلى 17.250 مليارا، وشكل عاما 2013-2014 أسوأ أعوام الأزمة بالنسبة لقطاع التأمين، حيث تراجعت الأقساط إلى 13.838 مليارا، و14.748 مليارا على التوالي.
أحمد العمار
ournamar@yahoo.com