دراساتصحيفة البعث

جائزة نوبل أبعد من أن تكون مرضية لكوبا…

ترجمة: سمر سامي السمارة

عن موقع كونسيرتيوم نيوز 21/5/2020

 

تقديراً للجهود التي بذلها الأطباء الكوبيون لمساعدة بلدان العالم في مواجهة جائحة كوفييد-19 ، قُدمت توصيات لمنح جائزة نوبل للسلام إلى مجموعة “هنري ريف” الطبية التي أسسها زعيم الثورة الكوبية فيدل كاسترو. في العام 2005 رفضت الولايات المتحدة عرض كوبا تقديم مساعدات إنسانية في أعقاب إعصار كاترينا، وفي العام 2015 تم ترشيح مجموعة “هنري ريف” الطبية لجائزة نوبل للسلام لمساهمتها في التصدي  لجائحة إيبولا، لكن تلك المساعدة الطبية والإنسانية الكوبية كانت تتعارض بشدة مع العسكرة التي تمارسها الولايات المتحدة، ما يعني أن الجائزة لاشك أنها تحمل في ثناياها السمعة السيئة.

لقد مُنحت هذه الجائزة إلى هنري كيسنجر الذي أخذ تشيلي إلى النيوليبرالية والديكتاتورية، في محاولة منه منع انتشار التأثير الثوري الكوبي في أمريكا اللاتينية من خلال الانتخابات الديمقراطية. كما مُنحت لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي اتُهمت بالعديد من انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك الاعتداء الجنسي، ومنحت للأمم المتحدة نفسها التي تخلت عن مسؤوليتها في القضاء على الاستعمار، ولباراك أوباما الذي دمرت تدخلاته العسكرية دولا عربية بذريعة الربيع العربي، وللإتحاد الأوروبي الذي يفخر ببناء السلام في الوقت الذي يدعم فيه الاستعمار الإسرائيلي والتدخلات العسكرية على النحو الذي تحدده الولايات المتحدة والأمم المتحدة والناتو.

إذاً، خلافاً للرأي السائد، فليس هناك من نبل في الجائزة، خاصةً أن نطاق الفائزين من الأشخاص الذين أحدثوا فارقاً إيجابياً في العالم هم من مجرمي الحرب الذين تمت الإشادة بهم كمدافعين عن إحلال السلام. بالاضافة الى ذلك يمكن لجائزة نوبل للسلام هذه أيضاً أن تخدم أجندة سياسية بعيدة كل البعد عن المبادئ والممارسات الثورية لفيدل والثورة الكوبية والشعب الكوبي.مع وصول الأطباء الكوبيين إلى أوروبا، بدأ الحديث عن إنهاء الحصار الأمريكي غير المشروع لكوبا ثم تضاءل لاحقاً ولم يبق منه سوى الصدى، وحتى عندما ظهرت بوادر أولية لتراجع الوباء في أوروبا، عاد الخطاب السياسي ليسير على المنوال ذاته. لكن الحقيقة النافذة أن الأممية الطبية الكوبية أعطت مثلاً يحتذى به للعالم بأسره، و لم يكن متوقعا من زعماء العالم أكثر من الاعتراف بالدور الدولي المثالي لكوبا. في أوروبا، تم تنفيذ عمليات مراقبة وصد إضافية بذريعة منع المزيد من انتشار الوباء، وقامت كوبا ببادرة إنسانية وسياسية على حد سواء، فإنقاذ الأرواح عمل إنساني، والمبادئ الدولية التي أدخلها فيدل وعززها من خلال عمليات التعليم الثورية عبر الجزيرة هي مبادئ سياسية. لقد ثبتت المبادئ الاشتراكية كحل مستدام ولكن الخطاب تحول بالفعل من العمل السياسي إلى الاعتراف المؤقت بجهود كوبا للمساعدة في كبح انتشار الفيروس التاجي.إذا تم المضي بتوصية جائزة نوبل للسلام، فستتاح للمجتمع الدولي فرصة ممتازة لاستغلال الاعتراف. فمنذ عقود، كان “الامتياز” الوحيد الذي منحته الأمم المتحدة لكوبا هو التصويت المنتظم ضد الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة، ولكنها لم تقم بأي إجراء سياسي لإنهاء العزلة.وكما هو متوقع فإن دعوة الأمم المتحدة الأخيرة للولايات المتحدة لرفع الحصار غير القانوني قد تم الإعراب عنها ضمن سياق كوفييد-19. وفي حالة الطوارئ المتبعة للمواجهة الوبائية، قد يؤدي عدم رغبة الإدارة الأمريكية تعليق العقوبات إلى زيادة خطر حدوث مثل هذه المعاناة في كوبا والبلدان الأخرى التي تطالها العقوبات. إذاً لو لم يكن هناك جائحة للفيروس التاجي، لما شعرت الأمم المتحدة بالحاجة الملحة لإصدار بيان يدعو إلى رفع الحصار غير القانوني. لذا فإن جائزة نوبل للسلام أبعد من أن تكون مرضية، وكوبا لا تحتاج إلى تعويض في شكل اعتراف مجيد، لكن إلى جبهة دولية موحدة ضد الحصار الأمريكي، تستند على المبادئ وليس على الجوائح.