دراساتصحيفة البعث

أوروبا لن تتعافى طالما ألمانيا تقف في طريقها ..!

ترجمة: عائدة أسعد 

عن توب ستوريز 26/5/2020

قدم الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي خدمة للأسواق من خلال وضع خطة بقيمة 500 مليار يورو أي (545 مليار دولار أمريكي) لصندوق التعافي من الجائحة والذي يتم تمويله من خلال طرح سندات مشتركة في منطقة اليورو.

وفي حين يعتبر القادة السياسيون في أوروبا ذلك خطوة حاسمة في الاتجاه الصحيح إلا أنها غير كافية وهي في الواقع مجرد قطرة في المحيط بالنظر إلى أن السياسيين الأمريكيين يدفعون فاتورة إغاثة بقيمة 3 تريليون دولار أمريكي للتغلب على أزمة الفيروس التاجي على الرغم من أن عدد سكان الولايات المتحدة أقل من أوروبا بكثير.

لقد تأخرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الاعتقاد أنهما حققا انقلابا سياسيا كبيرا لأنه لم يحصل بعد ولم تقتنع به أوروبا مما يجعل اليورو عرضة للخطر في المستقبل.

مراراً ترددت أوروبا بشأن الاستجابات السياسية الصحيحة للأزمات ولطالما كانت الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا تغمر اقتصاداتها بعائدات من برامج شراء الأصول لبدء الانتعاش الذي كانت بأمس الحاجة إليه من الأزمة المالية لعام 2008.

كما كانت أوروبا متخلفة عن سعر الفائدة الصفر الذي قاده شركاؤها في مجموعة الدول السبعة في وقت سابق وكان الوقت متأخرا جدا أيضا عندما بدأت أوروبا بالتعامل مع أزمة ديونها والتأخيرات التي تسببت في انهيار اليورو.

وراء كل هذا العائق كانت المقاومة الألمانية شديدة وشكلت مخاطر على الاستقرار المالي في منطقة اليورو وعلى مر السنين عارض المحافظون الألمان التسهيل الكمي وأسعار الفائدة السلبية والميزانيات التوسعية والسندات المشتركة في منطقة اليورو ويقول النقاد إن ألمانيا تقف في طريق التعافي الأوروبي السريع ولكن دفاع ألمانيا هو أن هناك سياسات نقدية ومالية صارمة لحماية مصداقية اليورو.

وبغض النظر عن ذلك  فإن التهديد الناتج عن الوحدة السياسية قد يؤدي إلى تراجع اليورو لذا كان من المشجع في الأسبوع الماضي أن نرى ألمانيا تُبارك أخيرا خطة إغاثة فيروس التاجي لعموم أوروبا.

إذا كان مبلغ 500 مليار يورو كافيا لمواجهة ما يمكن أن يكون أعمق ركود في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية أم لا، فقد تكون ميركل وماكرون ببساطة يتحدثان كلاما عن الوحدة السياسية ويفعلان الحد الأدنى الضروري لإبقاء أوروبا في خضم أزمة رهيبة.

إنها صيحة بعيدة كل البعد عن دعوة رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي لعام 2012 للقيام بكل ما يلزم للحفاظ على اليورو ، و ساعد تحول البنك المركزي الأوروبي نحو أسعار الفائدة السلبية في إنقاذ اليورو حتى الآن لكن خطة الانتعاش المالي التي اقترحتها ألمانيا وفرنسا والتي تبلغ 500 مليار يورو  وفترة شراء السندات التي تبلغ 750 مليار يورو من البنك المركزي الأوروبي  تقدم القليل لضمان مستقبل اليورو.

ولا توجد علامات على التعافي في أوروبا ولا تزال الثقة الاقتصادية متدنية في حين أن هناك القليل من الأدلة على زيادة النشاط النقدي بصرف النظر عن الارتفاع الأخير في اقتراض قطاع الشركات والذي ربما يكون مرتبطا بالضيق بعد ارتفاع نمو الإقراض غير المالي السنوي إلى 5.4 في المائة في آذار بينما كان 3 في المائة في شباط وبشكل عام لا تزال ظروف الطلب الأوروبي في حالة ركود.

إن أوروبا تعاني من أزمة غير مسبوقة وستحتاج إلى إنفاق مبالغ كبيرة على التحفيز الجديد لتحريك النمو الاقتصادي مرة أخرى ومحنتها ليست فقط بسبب أزمة الفيروسات التاجية ولكن أيضا نتيجة لسياسات تقشف الميزانية السابقة والتداعيات المستمرة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وجاء هوس أوروبا بالاستقرار المالي في وقت غير مناسب وتم التفكير فيه بشكل سيئ وسيكون جيش أوروبا المتنامي من العاطلين عن العمل والمحرومين اجتماعياً والسخط السياسي أرضاً خصبة لتعميق المشاعر المعادية لبروكسل وعلى قادة أوروبا السيطرة بشكل أفضل على الانتعاش وبسرعة.

ولا تزال منطقة اليورو تبدو محكومة بشأن فيروس كورونا ، وقد تحصل العملة على بعض الراحة على المدى القصير عندما يمر الوباء ويتراجع الدولار . و لكن على المدى الطويل سيحتاج أصحاب اليورو على نطاق واسع مثل الصين إلى النظر في خيارات عملاتها الاحتياطية عن كثب واليورو بعيد كل البعد عن الخطة.

لم تختف المخاطر الحالية لليورو وستزداد حدة حتى تستجيب ألمانيا لمجال متكافئ يحتاجه الاقتصاد الأوروبي بشدة.