أخبارصحيفة البعث

فرنسا إلى الشوارع مستلهمة الاحتجاجات الأمريكية

في مشهد مشابه تماماً لما يجري في الولايات المتحدة منذ عدة أيام، تشهد عدة مدن فرنسية، منذ أيام، تظاهرات احتجاجية على الممارسات العنيفة للشرطة الفرنسية والعنصرية التي تمارسها تجاه الأقليات في المجتمع الفرنسي، نظّمتها عائلة شاب فرنسي من أصول إفريقية لقي مصرعه أثناء توقيفه في العام 2016، وتخللتها صدامات وأعمال شغب.

ونزل فرنسيون، أفارقة وعرب، بالإضافة إلى جمعيات مناهضة للعنصرية، أمس الأربعاء، إلى شوارع باريس رفضاً لـ “عنصرية الشرطة الفرنسية” بحق الأقليات الملوّنة. وقدّرت الشرطة الفرنسية عدد المحتجين، الذين تجمعوا بشكل أساسي أمام قصر العدل في جادة “كليشي” وسط العاصمة، بأكثر من 20 ألفاً، فيما قدّر منظمو الاحتجاج العدد بنحو 40 ألفاً.

ودارت صدامات بين قوات الأمن والمحتجين تخللها إلقاء مقذوفات وإقامة حواجز ومتاريس واستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع.

وخلال التظاهرة ألقت آسا تراوري، شقيقة آداما تراوري الشاب الفرنسي من أصول إفريقية الذي قتل أثناء توقيفه في العاصمة الفرنسية في 2016، كلمة خاطبت فيها المتظاهرين، بالقول: “اليوم عندما نناضل من أجل جورج فلويد فإننا نناضل من أجل آداما تراوري”، وردّ المتظاهرون بالقول “ثورة” و”الجميع يكرهون الشرطة”.

ورفع المتظاهرون لافتات كتب على بعضها بالإنكليزية “حياة السود مهمة”، وبالفرنسية “صمت.. اختناق”، و”فلنضع حداً لاستعمار الشرطة”.

وتأتي هذه الاحتجاجات على خلفية تقرير طبي صدر الثلاثاء عن لجنة طبية عيّنها القضاء الفرنسي، تُبرّئ الشرطة الفرنسية من مقتل تراوري، (24 عاماً)، تُوفّي في ظروف غامضة بعد ساعتين على اعتقاله، ورفضت عائلة تراوري التقرير الطبي مستندة إلى تقرير آخر صدر عن لجنة طبية مستقلة تؤكد مسؤولية الشرطة في حادثة الوفاة. ودعت شقيقة تراوري إلى مواصلة الاحتجاجات حتى “التوصل إلى حقيقة مقتل شقيقها”.

ولم تكن تظاهرة باريس الوحيدة التي شهدتها فرنسا للاحتجاج على عنف الشرطة، إذ جرت في مدن فرنسية عدة، الثلاثاء، تظاهرات حاشدة مماثلة، بينها تظاهرة في ليل شمال فرنسا، وأخرى في مرسيليا جنوب فرنسا.

وتخللت المواجهات بين المحتجين والشرطة في باريس إلقاء مقذوفات على القوات الأمنية، التي ردت باستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، كما اندلعت اشتباكات متفرقة بين قوات الأمن ومجموعات من المحتجين الذين رشقوا الشرطة بالحجارة.

وسرعان ما تحوّلت الشوارع المجاورة إلى ما يشبه ساحة حرب، إذ نصب المحتجون حواجز وأحرقوا دراجات هوائية، ورشقوا سيارات الشرطة بالحجارة والقوارير وأضرموا النار في عدد من حاويات النفايات والمتاريس، وفي منطقة كليشي المجاورة حطم محتجون زجاج مركز الشرطة البلدية.

كما شهدت شوارع العاصمة الفرنسية باريس اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومحتجين عقب تواصل المظاهرات، لليوم الثاني على التوالي، دعما للاحتجاجات المناهضة للعنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية. وعرضت وسائل الإعلام عناصر الشرطة الفرنسية وهي تطلق قنابل الغاز والرصاص المطاطي تجاه آلاف المتظاهرين من المناوئين للعنصرية في ساحات وشوارع باريس وأمام السفارة الأمريكية للتنديد بجريمة قتل المواطن الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد مرددين عبارة: “لا أستطيع التنفس”.

ورفع المتظاهرون لافتات طالبوا فيها بمحاربة الفكر العنصري المستشري في المجتمع الأمريكي وإحقاق العدالة للمظلومين، محذرين من مغبة تفشي العنصرية في فرنسا، ولا سيما بعد الإبلاغ في الآونة الأخيرة عن أعمال عنصرية للشرطة.

من جهة أخرى قالت مصادر متطابقة: إن تغييراً حكومياً قد يشمل رئيس الحكومة إدوار فيليب، مشيرة إلى أن اسم وزير الخارجية جون إيف لودريان مطروح بقوة لشغل منصب رئاسة الوزراء, وإن الرئيس ماكرون يعد خطة سياسية لفترة ما بعد وباء كورونا، ويفكر في تغيير فريق وزرائه, وأن جان إيف لو دريان تلقى عدة رسائل من الأغلبية, تحثه على تولي رئاسة الحكومة الجديدة.

ورأت المصادر أن اختيار لودريان، ذو التوجه الاشتراكي, لم تكن من عدم أو مصادفة، بل لأنه يتمتع بشعبية كبيرة, لدى اليمين الفرنسي ويحظى بثقة عالية، وأنه وبتعيين جان إيف لو دريان رئيساً للحكومة، يمكن للرئيس ماكرون أن يعد مشروعه بهدوء لعام 2022.