ميليشيا “حرّاس الأحياء” أداة القمع الأردوغانية الجديدة!
إمعاناً في سياساته الاستبدادية، التي تستهدف ملاحقة معارضيه، بعد أن خسر جميع أوراقه أمام الشعب التركي وتعرّى فكره الظلامي وتبنّيه للجماعات الإرهابية، وافق البرلمان التركي، الذي يهيمن عليه حزب أردوغان، على مشروع قانون مثير للجدل يعزّز إلى حدّ كبير صلاحيات ما يسمى “حراس الأحياء”، حيث أدّت دراسة النصّ في البرلمان إلى نقاشات حادّة، ووصل الأمر إلى عراك بالأيدي خلال جلسة صاخبة الثلاثاء الماضي.
وخلال عملية التصويت، أمس الخميس، على مشروع القانون اعتدى نواب مؤيدون لأردوغان على أعضاء في البرلمان ممثلين للمعارضة، حيث تعرض أوزغور أوزل نائب رئيس الكتلة النيابية لحزب الشعب الجمهوري لهجوم باللكمات داخل البرلمان على يد أعضاء من حزب أردوغان “العدالة والتنمية” وحليفه الحركة القومية.
وأكد أوزل أنه أصيب بكدمات في وجهه نتيجة هجوم نواب حزب العدلة والتنمية، الذين مارسوا “بلطجة من نوع خاص”، في حين أشارت مصادر إلى أن شجاراً نشب بين أعضاء حزب العدالة والتنمية وحليفه الحركة القومية من جهة ونواب حزب الشعب الجمهوري من جهة أخرى، وبعدها جاءت محاولة حزب العدالة لمنع المعارضة من حقّها في الحديث.
وتعليقاً على الهجوم، انتقد رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو نظام أردوغان وقال: “دخلنا مرحلة أصبح الفرد فيها لا يتقبل الديمقراطية وعاجزاً عن إبداء وجهة نظره أمام الانتقادات الموجهة إليه، كما أن هناك أشخاصاً يستخدمون القوة الغاشمة لإسكات منافسيهم وهذا أمر مؤلم لكنه واقع”، وأضاف: “الهجوم على الشعب الجمهوري والضغط عليه سيزداد لكننا لن نتراجع خطوة واحدة أيا كان ما سيحدث”.
ووفق القانون الذي مرّره البرلمان سيكون بإمكان عناصر المليشيات حيازة واستخدام أسلحة نارية واعتراض أفراد للتدقيق في هوياتهم أو تفتيشهم، فيما يزعم نظام أردوغان أن مهمتهم القيام بدوريات ليلية للإبلاغ عن سرقات وحالات إخلال بالنظام العام، وهذه الصلاحيات هي نفسها التي تتمتع بها الشرطة.
وقال ماهر بولات النائب عن حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة: “إنّهم يستخدمون مؤسسة حراس الأحياء لإنشاء مليشيا”، مضيفاً: “هناك مشكلة مرتبطة بالأمن في هذا البلد لذلك يجب تعزيز الشرطة والدرك”.
بدوره، أكد النائب حقي ساروهان أولوش من حزب الشعوب الديمقراطي أنه عبر تعزيز الحراس يحاول الحزب الحاكم إيجاد شروط ووسائل إضافية لزيادة الضغط على المجتمع والإبقاء على السلطة وإضعاف دولة القانون بشكل أكبر.
وكانت مجموعة “حراس الأحياء”، التي أنشئت قبل أكثر من قرن والمرتبطة بوزارة الداخلية التركية، تطوّرت بشكل كبير بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، التي وقعت في تموز 2016، ويبلغ عددها حالياً أكثر من 28 ألفاً، ويتضمن القانون الجديد زيادة عددها إلى 200 ألف، علماً أن تعداد الشرطة التركية يبلغ 250 ألفاً.
بالتزامن مع ذلك، يصعّد نظام أردوغان حملة الاعتقالات التي ينتهجها منذ محاولة الانقلاب عام 2016، حيث نفّذت قوات الأمن التابعة للنظام التركي عمليات دهم واعتقال في باليكسير واسطنبول وإزمير وبورصة وكوتاهية وأنطاليا وأغري وسيرناك، أسفرت عن اعتقال 25 شخصاً، بينهم ثلاثة من عناصر الشرطة وخمسة مدرسين بذريعة صلتهم بالداعية فتح الله غولن الذي يتهمه النظام بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.
يأتي ذلك فيما أثار مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل يظهر قيام عناصر من شرطة نظام أردوغان بارتكاب انتهاكات واعتقال أطفال ونساء خلال حملات دهم لاعتقال مطلوبين بتهم سياسية موجة من الغضب في الشارع التركي.
المقطع تم تصويره، الأربعاء، في ولاية أضنة ويظهر عملية مداهمة عنيفة لأحد المنازل من عدد كبير من عناصر الشرطة مدجّجين بالأسلحة من أجل إلقاء القبض على أحد الأشخاص بذريعة تواصله مع معارضين لنظام أردوغان.
وخلال المقطع يسمع صوت شرطي وهو يقول لزميله بأن هناك طفلاً، ولكن المسؤول يأمر بأخذ الطفل مع والدته واعتقالهم أيضاً، وهو ما أثار غضباً من قبل ناشطين ومواطنين عبروا عن رفضهم للعنف الذي تتبعه شرطة أردوغان خلال عمليات القبض على مواطنين بذرائع وتهم واهية.
وتأتي العملية تنفيذاً لقرار مكتب النائب العام في أضنة بالقبض على 63 شخصاً بما في ذلك عدد من ضباط الشرطة المفصولين من الخدمة ونساء بينهن حوامل وجهت لهم جميعا تهمة المشاركة في تدبير محاولة الانقلاب.
في سياق متصل، أصدرت محكمة تابعة لنظام أردوغان قراراً باعتقال منور تكين مع طفلها البالغ ستة أشهر بتهمة تقديم مساعدات لعدد من المعارضين.
وخلال السنوات الماضية، شنّت سلطات النظام التركي حملات دهم وقمع بحق المعارضين لها، حيث اعتقلت أكثر من 77 ألف شخص واتخذت قرارات فصل أو إيقاف عن العمل بحق نحو 150 ألفاً من العاملين في الحكومة والجيش وسلك القضاء والتعليم ومؤسسات أخرى.