“صحة” تأميننا.. بـ “عافية”!!
ربما نسي – أو تناسى الكثير منَّا علو صوت الفعاليات الخدمية والاقتصادية الخاصة، التي تأزمت أعمالها جراء الأزمة، تظلماً وشكوى واحتجاجاً، على احتكار جهات عامة، بعينها، لقطاع واسع من الخدمات، مطالبةً بحصة من كعكة السوق.
طبعاً، وجد علو صوت تلك الفعاليا،ت يومذاك، أنصاراً وداعمين وبصوت أعلى، فكانوا “ملكيين أكثر من الملك”، حين اتهموا بشكل غير مباشر المؤسسات الحكومية بأنها تشكل قطاعاً واسعاً يفرض على الدولة التفكير ملياً في إشراك الشركات الخاصة في تأمين خدماتها. كما اتهموا “المحتكر” بأن تفكيره يركز على تحقيق الأرباح، لذلك تصبح قضايا تحسين الخدمة وتنافسية أسعارها آخر اهتماماته.
من تلك الفعاليات، شركات التأمين الخاصة، التي علا صوتها في وجه هيئة الإشراف على التأمين بسبب استمرار سيطرة المؤسسة العامة السورية للتأمين على أهم بوالص التأمين، وهي: الصحي والإلزامي على المركبات.
ودون طيلة سيرة – كما يقال – وُهِبتْ تلك الشركات ما أرادت على طبق من ذهب لتجني الذهب دون أية كلفة أو تعب. ولمن ينكر علينا اتهامنا، نحيله إلى تصريح وزير المالية الحالي، حين قال مستهجناً في أحد الاجتماعات الرفيعة المستوى: “إن إحداث قانون التأمين بهذا الشكل، هو بمثابة إعطاء الشركات الخاصة الأموال هكذا دون شيء”!! وهذا ربما من التصريحات اليتيمة التي تُحسب له، وسجلناها له.
اليوم، وبعد أزمتي الحرب الإرهابية والوبائية، نسأل أي تأمين صحي وفرته تلك الشركات للمؤمّنين لديها، وخاصة العاملين في القطاع الحكومي؟! كما نسأل (استناداً للمثبت عالمياً بأن قطاع التأمين، وفي زمن المحن والأزمات الكبرى، هو القطاع الأكثر انتعاشاً وقدرة على دعم الدولة ومساندتها): ماذا قدّم في ظل الأزمتين سوى الشكوى والتذمّر من محفظة التأمين الصحي التي يدّعي الخسارة فيها؟! علماً أنه ما كان له من علو الصوت بأحقية المحاصصة بها.
تؤكد نظريات الاقتصاد كلها، وتجمع، على أن تقديم أكثر من شركة للخدمة يخلق المنافسة ويقدم أسعاراً منخفضة وخدمات أفضل للزبائن من حيث تنظيم البوالص والبطاقات في الوقت المحدّد، والسؤال هنا: هل حدث هذا؟ وأين هي المنعكسات الإيجابية بعد أن كُسر الاحتكار؟! والقول بإن هذه المنعكسات ستكون أكبر بكثير فيما لو ظلت بيد جهات محدّدة، بحيث تكون الأسعار مفتوحة للتنافسية، واحتمالات تحسّن شروط العروض المقدّمة وخدمة الزبائن واردة باستمرار.
لن ندخل في تلافيف ما يجري في قطاع التأمين الصحي وتردي خدمات شركاته، فعلى الرغم من أنه أصبح إلزامياً للعاملين في الدولة، لكن عائداته ليست كما تشتهي الجيوب، مقارنة بالإلزامي للمركبات المضمون الربح و”الترابح”.
يبدو أن انشغالنا بصراع ليرتنا الحبيبة مع دولار الشيطان أفسح المجال للمتلاعبين بـ”البيضة والحجر”، طالما قانون التأمين العتيد في خانة المنتظر!!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.gom