دراساتصحيفة البعث

بايدن يستغل الاحتجاجات في معركته الانتخابية

ترجمة: هناء شروف

عن الاوبزرفر 15/6/2020

 

يبدو أن المرشّح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن متشجع كثيراً للمشهد السياسي المتغير، خاصة أنه تبنى أجندة إصلاح طموحة أكثر مما كان عليه عندما دخل السباق على الرئاسة، ففي الأسابيع التي تلت وفاة جورج فلويد تحت ركبة ضابط شرطة أبيض، أصبحت المؤسسات في أمريكا بدءاً من غرف الاجتماعات وغرف الأخبار إلى غرف تبديل الملابس والفصول الدراسية تتعامل بشكل علني بشأن التمييز المنهجي، والمطالبة بالإصلاحات.

وهكذا بسبب العنصرية، وبسبب تفاقم الوباء والانهيار الاقتصادي، يرسم دونالد ترامب وخصمه الديمقراطي جو بايدن خططاً مختلفة تماماً للأمة يمكنها تحديد أي منهما سيفوز في البيت الأبيض في تشرين الثاني القادم، ولكن في الأسلوب والنبرة والقيادة، يبدو أن بايدن في وضع جيد يسمح له بتسخير هذه اللحظة السياسية، فقد سعى إلى تصوير نفسه على أنه بطل المساواة العرقية، وشجع الاحتجاج السلمي، وتعهد بشفاء الجروح العرقية التي ابتليت بها البلاد منذ فترة طويلة، وقال: “هذه معركة من أجل روح أمريكا، من نحن؟ ماذا نريد أن نكون؟ كيف نرى أنفسنا؟ ماذا نعتقد أننا يجب أن نكون؟”.

على النقيض من ذلك، تصرف ترامب بعدوانية مع المتظاهرين، وحارب مطالبهم بالإصلاح، وهكذا وجد نفسه في الجانب الخطأ من الجمهور الأمريكي في لحظة محفوفة بالمخاطر بشكل خاص لرئاسته واحتمالات إعادة انتخابه.

وقد أظهر استطلاع أجرته مدرسة واشنطن بوست أن 61٪ من الأمريكيين يرفضون طريقة تعامل ترامب مع الاحتجاجات، بينما يوافق 35٪ فقط، وعندما سُئلوا عن نوع الرئيس الذي يفضلونه في هذه اللحظة من الصراع العرقي، قال النصف إنهم يفضلون زعيماً يمكنه “معالجة الانقسامات العرقية في الأمة” ، مقارنة بـ 37٪ قالوا إنهم يفضلون زعيماً يمكنه “استعادة الأمن من خلال فرض القانون”، ووجدت الأبحاث الواسعة أن العرق والهوية كانا حاسمين في فوز ترامب في عام 2016، كذلك قارن بعض المراقبين نهج ترامب باستراتيجية ريتشارد نيكسون للانتخابات عام 1968، عندما خاض الانتخابات كمرشّح للقانون والنظام بعد صيف من أعمال الشغب، وفاز فيها.

يعمل ترامب باستراتيجية عام 2016 نفسها، لكن صراعاته تشير إلى أن المزاج الوطني هذا العام قد يكون مختلفاً، وقد لا يكون الشعب الأمريكي، الذي يعاني من أكثر من 100 ألف حالة وفاة بسبب وباء فيروس كورونا، والركود الاقتصادي الناتج عنه، والاحتجاجات على الصعيد الوطني الآن حول الظلم العنصري والشرطة، متقبّلاً لمزيد من المواجهات، ويبدو أن عدوانية الرئيس وصلفه، وهما من الصفات التي خدمته في الماضي، لا تتناسبان حالياً مع جمهور يريد التعاطف والتعافي والمصالحة.

في بداية الأمر، قدم بايدن نفسه باعتباره براغماتياً، حتى إنه أكد للمتبرعين أنه “في ظل إدارته لن يتغير شيء جذرياً”، ولكن كان هذا عندما كان قلق الديمقراطيين هو الإطاحة بترامب، الآن، ومع تلاشي التفاوتات في الصحة العامة والاقتصاد والعرق، فإن رغبة بايدن المفاجئة في تغيير النظام تدل على ذلك.

قال بايدن مؤخراً خلال ظهور افتراضي: “لقد تم تمزيق الإسعافات الأولية”، موضحاً أن الأمريكيين يكشفون عن أمراض اجتماعية عميقة الجذور، وأعتقد أنهم مستعدون لفعل شيء حيال ذلك، أعتقد أنهم على استعداد لرؤية بعض التغيير المؤسسي الحقيقي.

طوال التاريخ الأمريكي الحديث، لم تنجح الاحتجاجات في التأثير على السياسة العامة فحسب، بل أثرت على النتائج الانتخابية للحزب المتوافق أيديولوجياً مع قضيتهم، والآن بعد حدوث الاحتجاجات في الفناء الخلفي للجميع، من المحتمل أن يكون هناك تأثير للتزحلق على الجليد، ولا يسع المرء إلا أن يتوقع أن تتم تعبئة الديمقراطيين أكثر للتصويت بسبب ما يحدث.