روما.. لا تديري ظهرك لسورية… !
د. سليمان مهملات
باحث سوري مقيم في إيطاليا
رئيس مركز الأعمال الدولي
قبل أن أدخل في صلب الوضع السوري الحالي، أبدأ من الوضع الدولي في مختلف بلدان العالم بما فيها إيطاليا. فمن جهة تتقاسم القوى العسكرية كوكب الأرض فيما بينها، ومن جهة ثانية تتحارب المجموعات المالية الأمريكية وحلفاؤها أوروبا الغربية و”إسرائيل” ودول الخليج مع المجموعات المالية الصينية وحلفائها روسيا وإيران وسورية. وبالتالي فإن العالم العربي منقسم بين دول متحالفة مع الولايات المتحدة والغرب، ودول متحالفة مع روسيا والصين.
نحن نعلم أن الكيان الإسرائيلي تم زرعه في قلب العالم العربي عبر اتفاقية سايكس بيكو التي فرضت الجغرافيا السياسية الحالية للدول العربية. ومنذ ذلك الحين انقسم العالم بين مؤيد للولايات المتحدة ومؤيد للاتحاد السوفييتي. بعدها ومن خلال حرب الأيام الستة، تمكنت “إسرائيل” من احتلال الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وهي أراض أردنية، وسيناء المصرية، ومرتفعات الجولان السورية. وبحجة تأمين أمن “إسرائيل” نشأت فكرة شل وتحييد جيوش مصر والأردن، وتم التوصل إلى اتفاق مع مصر والأردن بما سمي باتفاقيات السلام، وقرروا تدمير جيوش العراق وسورية ولبنان بالحروب واحتلال العراق من قبل الأمريكيين وحلفائهم وبهذا تم القضاء على الجيش العراقي، وبقيت جيوش سورية ولبنان كجبهة لمعارضة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي السورية واللبنانية.
وتبعاً لذلك، قامت إسرائيل في عام 1982 باجتياح واحتلال جنوب لبنان، الذي أدى إلى ولادة حركة حزب الله المقاومة، ومن خلال حرب طويلة غير مباشرة قامت بها المقاومة، أجبرت تلك الاشتباكات “إسرائيل” على الانسحاب من جنوب لبنان في عام 2000، وأيضاً في حرب عام 2006 التي دارت بين “إسرائيل” وحزب الله، نجح خط التحالف بين سورية ولبنان وحزب الله في مقاومة وردع القوات الإسرائيلية عن اجتياح جنوب لبنان مرة أخرى.
لاحقاً لتلك الأحداث، بدأ الضغط من قبل جميع دول العالم الغربي على الرئيس الأسد لكسر التحالف مع حزب الله وإيران، لكن سورية كانت ترفض كسر هذا التحالف، لأنه لا تزال لديها أراض محتلة من قبل “إسرائيل”، ولعدم تعريض استقلالها وسيادتها للخطر بشكل مؤكد ولعدم المخاطرة بالقضاء على الدولة السورية، وهو الأمر الذي تأمله إسرائيل وبعض الدول الغربية.
ومن أدوات الضغط كان ما يسمى “الربيع العربي” الذي بدأ في تونس، رغم أن الرئيس زين العابدين كان موالياً للغرب، لكن المؤامرة كانت تهدف إلى تفكيك الدول الوطنية العربية و استيلاء الإخوان المسلمين على السلطة عبر العدوان الارهابي التكفيري المدعوم من القوى الاقليمية والدولية الدائرة في الفلك الأمريكي الصهيوني . ورغم بعض النجاح الذي حققته أمريكا في هذا المجال إلا أن سورية تمكنت بمساعدة حلفائها من دحر الارهاب وإفشال الأهداف الأمريكية .
و في هذا الوقت الذي تمارس فيه أقصى الضغوط الاقتصادية على سورية ،تحاول الحكومة السورية إدارة وضع صعب ومعقد للغاية، حيث تخضع سورية اليوم لمؤامرة دولية واضحة. و أنا لا أنتمي إلى حزب سياسي، لكنني شاهد عيان على ما يجري في سورية، ولا أجد أي تأكيد لما تنشره التلفزة والصحف الإيطالية. فقد كانت سورية ماضية على الطريق الصحيح، حيث قامت بإصلاحات باتجاه التنمية الاقتصادية والاجتماعية و التطورالصناعي والتبادل التجاري الدولي.
و بعد بداية ما سمي “الربيع العربي” في سورية، تم إلغاء الأحكام العرفية، و تعديل الدستور، وسمح بإنشاء أحزاب سياسية جديدة، ولكن الغرب لم يعط الحكومة السورية الفرصة الكافية لتطبيق تلك الإصلاحات، علماً أنه علينا أن لا ننسى أن الأغلبية من الشعب يدعم الحكومة ويقف إلى جانبها.
أطلب من الحكومة الإيطالية ألا تدير ظهرها لسورية الحليف التاريخي اقتصادياً واجتماعياً، فقد كانت إيطاليا الدولة الأوروبية الأولى للتبادل التجاري مع سورية، ولهذا السبب أطلب من الحكومة الإيطالية أن تكون وسيطاً للسلم، وأن لا تصب البنزين على النار، وذلك لإحلال السلم في سورية، لما فيه خير لجميع دول البحر الأبيض المتوسط.