تحقيقات

تحسين المعيشة ….!!

تكثر التوقعات حول التحسن المعيشي الذي ترسمه وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على مدار الساعة عبر سلسلة من التصريحات المتعافية، والتي تشغل الناس  بلعبة البحث عن الفوارق ، حيث يخضعون ما يواجهونه على مدار الساعة إلى مقارنة إجبارية مع ماترسمه تصريحات الوزارة عن مستقبلهم ، بحيث يحاولون جاهدين التقريب أو تضييق الفجوة بين واقعهم المأساوي ومايتمنونه  من مستقبل أفضل ، وبين ماستحققه لهم وعود تحسين مستوى المعيشة وخفض الأسعار وزيادة الأجور وغيرها من الملفات الحياتية التي نغصت وتنغص يومياتهم المثقلة بالهموم.
وليس غريباً مع تكرار السيناريو الحياتي ذاته أن يكثر المواطن في سباقه نحو خط النهاية من القراءات والتكهنات التي لاتخرج كثيراً عن أجواء سابقاتها من الأعوام، حيث تحتدم المواجهة باتساع الفارق بين دخل الأسرة الشهري وإنفاقها والذي يصل إلى حوالي عشرة أضعاف أو أكثر.. مع راسمي الخطط الاقتصادية وسياستهم المعيشية المتخبطة، وكما قلنا سابقاً الهدف من الطرح ليس للتهجم بل للفت الانتباه وتسليط الضوء على حياة المجتمع السوري الذي يعاني من تراجع خطير في مستوى المعيشة ونوعية الحياة، خاصة بالنسبة للطبقات الفقيرة والشرائح الهشة وبات هناك خلل في بنية وهيكلة الاقتصاد السوري، ومن الشائك والصعب إصلاحه خلال أشهر أو سنوات.
ومع القناعة الراسخة بأن تحقيق التغيير ومعالجة الواقع والاستجابة لحاجات الناس ومطالبهم لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها إلا أنه في مقابل هذه القناعة هناك إيمان كامل بأن ما يجري على أرض الواقع ليس بالمستوى المطلوب، خاصة عندما تصبح جهود المعالجة ضحية التمترس خلف الاستعراض الإعلامي الذي يسهم في تفاقم الأزمات ونسوق مثالاً على ذلك ما يحصل في يوميات الناس بواقعها الحياتي والمعاشي الصعب، وخاصة تلك المواجهات الدائمة في الأسواق وبين ماترسمه التصريحات المتتالية للعديد من الوزارات كالتجارة الداخلية والمالية والاقتصاد والتي تختزل وبشكل غير مقبول أو حقيقي العلاقة غير المتوزانة بين الدخل والإنفاق في حياة الأسرة السورية وإفراغ سلتها الغذائية من كل مايسدّ الرمق، والأخطر من ذلك أنها تنسف الثقة بتلك السياسات التي طالما رسمتها الأقلام الخضراء كخرائط لتوجهاتها المستقبلية، كما تشخص هذه اليوميات واقع عمل المؤسسات العامة بمختلف أنواعها الخدمية والإنتاجية والاقتصادية التي صدمت المواطن بأدائها الضعيف فلم تقم بمهامها على أكمل وجه ورسبت في امتحان الظروف الاستثنائية وساهمت بشكل أو بآخر في تعميق المشكلات وتغييب الحلول..
وطبعاً الموضوعية تفرض السؤال عن الحضور الحقيقي لمصلحة المواطن الذي ينتظر انتهاء هذه المعضلة المعيشية في كل هذا الضخ الإعلامي المضلل حول واقعه الحياتي، وعن نسبة حظوظ آماله بالنفاذ إلى ساحة الواقع. فهل ما عرضناه يمثل الحقيقة أم إن هناك حقائق أخرى تختبئ وراء الأكمة؟!.
بشير فرزان