المعلم “الملقّن” لم يعد ينفع.. مدارسنا بحاجة لمدرسين بمهارات عالية!
لم يعد المعلم في المدرسة والأستاذ الجامعي مجرد “ناقل” للمعلومة كما كان أيام زمان، فالطباشير الملونة وغبارها المتناثر على السبورة بلونها الأسود أو الأخضر لم تعد تجدي نفعاً مع تقدم تقنيات التعليم وأساليبه.. رغم ذلك مازال هناك مدارس وجامعات “تجتر” نفس الأسلوب التقليدي القديم، ومنها جامعاتنا ومدارسنا!
بالطبع هذا أمر مؤسف، فليس مقبولاً أن يتعلم الطلبة بأساليب بالية وهم في عزّ التطور التكنولوجي والمعلوماتي الهائل، ففي القرن الحادي والعشرين بات للتعليم أنموذجه الخاص، فالمهارات التدريسية المطلوب لنقل المعلومة للطالب بكل يسر وسهولة لا يملكها الكثير من المدرسين والأساتذة، وهذا ما يؤثر بكل تأكيد على المنتج وبالمحصلة جودة العملية التعليمية وضعف توافقها مع متطلبات سوق العمل، فما هي أهم المهارات التي ينبغي أن يمتلكها معلمو القرن الحالي؟!
المعلم الفعّال
برأي المدرس محمد حمدان (لغة عربية)، هناك مجموعة من المهارات المختلفة فرضها التطور من المفروض أن يتعلمها الطالب كالتفكير الناقد،، وإصدار الأحكام، والتنور المعلوماتي، والتنور الوسائطي، والتعامل مع التطبيقات التقنية، مضيفاً: لكي نتمكن من تنمية هذه المهارات بفاعلية لدى الطلاب، لا بد أن يتم إعداد معلمين يتسمون بخصائص وسمات المعلم الفعال القادر على التعامل بمهارة مع المعطيات الجديدة حتى تكون المخرجات ذات جودة عالية وتحقق الفائدة للمتعلم والمعلم.
طرق جديدة للتفكير
ويوافقه الرأي المدرس نصر الخليل الذي طالب بالبحث عن طرق جديدة للتفكير في التعليم وأفضل الأساليب في المدارس: “صحيح أن المناهج التربوية تغيرت أو تطورت لكن للأسف لم نوفق بعد بإعداد المدرس الناجح”.
لا مبالاة!
وذات الفكرة طرحها المدرس أحمد محمد، مشيراً إلى أن المُعلِّم هو الركن الأساسي في العمليَّة التعليميَّة “لذا لا بد من العمل الجاد بهدف تطويره وفق برامج وخطط تدريبية بمستويات عالية تكسبه المهنية العالية” وأضاف: بكل أسف قلائل هم الزملاء من المدرسين الذي يهتمون بتطوير أدواتهم ومهاراتهم، ومن هم في المقدمة فغالباً ما يعطون اهتمامهم للدروس الخصوصية، أما في المدارس فتراهم بلا مبالاة، وهنا من المفترض أن تتخذ وزارة التربية بحقهم الإجراء اللازم، فنحن لا نريد معلم متكاسل بل طالباً للعلم الباحث عن تجديد مهاراته وصقل خبرته بكل ما هو جديد ومفيد.
كيف يفكر؟!
وقالتها بصراحة إحدى المدرسات: “مدارسنا لغاية الآن وحتى جامعاتنا ومعاهدنا التقانية، جميعها لا تعلّم الطالب كيف يفكّر، وهذا يعود لأسلوب التلقين الذي ما زال متبع في مدارسنا وجامعاتنا”، وبرأيها أن المشكلة تتطلب إعادة النظر في طرائق التدريس، وتنمية أدوات التفكير والإبداع عن الطالب، كي يستطيع التعامل بشكل علمي مع كل مشكلة، بمعنى الاهتمام بتنمية قدرات الطالب العقلية، والربط بين ميولهم وقدراتهم وهذا برأيي الأسلوب الأفضل للقياس والتقييم.
أين الوزارة؟!
الموجه التربوي الأول في وزارة التربية محمد عصفور أكد على أهمية وضرورة التأهيل المستمر للكادر التدريسي، ولفت إلى الاهتمام الكبير الذي توليه الوزارة لهذا الجانب، مشيراً إلى وجود خطط طموحة ورؤية استراتيجية بهدف تطوير العملية التربوية وتأمين مستلزماتها لذا تعمل – الوزارة – بشكل جاد على برامج تدريب المعلمين الوكلاء ليكونوا قادرين على تلبية متطلبات التعليم وفق المناهج المطورة وطرائق التعليم المناسبة لها، وأوضح عصفور أن الدورات التدريبية تقام على مرحلتين وبعضها الآخر على ثلاثة مراحل وتتضمن التعريف بالإطار العام للمناهج والتعلم المبني على المعايير الحديثة بحيث يكون التلميذ محور العملية التعليمية التعلمية والمعلم هو المشرف والميسر “المعلم كالطبيب إن أحسن التشخيص أحسن العلاج”.
من المعرفة إلى المهارة
وبيّن الموجه الأول أن الحقيبة التدريبية راعت أهمية التخطيط والتحضير وضرورته، والاهتمام بالمهارات الابتكارية ومهارات التفكير الناقد التي تجعل من التلميذ مفكراً وناقداً، كما ركزت الحقيبة – حسب عصفور- على شخصية المعلم وأخلاقيات مهنة التعليم والالتزام بها بكونها رسالة مقدسة، مشيراً إلى وجود برنامج لمدة ستون يوما لتدريب المعلمين الوكلاء، يركّز على التدريب العملي من أجل اكتساب المعلم معارف ومهارات والانتقال من المعرفة إلى المهارة وجعل الطفل محور العملية التعليمية ومراعاة الفروق الفردية وأنماط المتعلمين والذكاء المتعدد وقال: الهدف بالنهاية أن تصل المعلومة بالمهارة وربطها بالواقع وفق طرق مشوقة وسيكون هناك حقيبة أخرى للمرحلة الثانية صيف العام المقبل.
بالمختصر، كلنا أمل أن تكون البرامج التدريبية التي تعدها وزارة التربية بالتعاون مع مديرياتها في المحافظات برامج مثمرة وذات فاعلية ليكون المعلمين قادرين على إيصال المعلومة للتلميذ بشكل صحيح يساهم في تنمية مهاراته وقدراته العقلية.
غسان فطوم